الإمارات تقطع مع الروتين لجذب شركات التكنولوجيا

تحولت أنظار الخبراء إلى الزخم الذي اكتسبته خطط الإمارات لجذب الاستثمارات الخارجية بعد إعلانها عن حوافز سخية وحزمة من الإغراءات لشركات التكنولوجيا، بهدف التحول إلى مركز عالمي للأعمال ما ينبئ باحتدام المنافسة بشكل أكبر مع جارتها السعودية الساعية إلى الريادة في الشرق الأوسط.
دبي - كشفت الإمارات عن عزيمة للقطع مع الروتين في جذب الاستثمارات بهدف جعل دمج الشركات الرقمية أسهل وأسرع، وهو أحدث إعلان عن السياسة الاقتصادية حيث تسعى الحكومة إلى زيادة تنويع الاقتصاد بعيدا عن عائدات النفط.
وأعلن وزير التجارة ثاني بن أحمد الزيودي، وهو يقف محاطا من الجانبين بمسؤولين تنفيذيين من كثير من الكيانات المرتبطة بالدولة، الأربعاء عن التعديلات ومن بينها تحسين الوصول إلى النظام المالي والمصرفي.
وقال خلال مؤتمر صحافي عقده في دبي “نريد أن نظهر للشركات التي يتم تمكينها رقميا من أوروبا وآسيا والأميركتين، أن الإمارات هي أفضل مكان في العالم للعيش والعمل والاستثمار والتوسع”.
ويستهدف البلد الخليجي من حزمة الحوافز الجديدة اجتذاب 300 شركة رقمية كي تقيم مكاتب لها في البلاد خلال ستة إلى 12 شهرا. وأوضح الزيودي أن القادمين للتأسيس في الإمارات، وبها دبي المركز المالي وأبوظبي الغنية بالنفط، سيحصلون على تأشيرات دخول بشكل أسرع وسيتم توفير عقود إيجار تجارية وسكنية جذابة لهم.
وبينما تكثف حكومات الخليج الأخرى الجهود لزيادة مصادر الطاقة المتجددة والابتعاد عن الوقود الأحفوري، تقوم الإمارات بطرح سلسلة من المبادرات لمضاعفة الاقتصاد إلى 816 مليار دولار بحلول عام 2030.

وخلال السنوات الأخيرة، أزالت الحكومة غالبية الشروط والإجراءات التي كانت تعقّد إقامة شركات جديدة في الدولة، ضمن مساعيها لتعزيز الاقتصاد غير النفطي.
وقال الزيودي “نريد أن نظهر أننا موجودون هنا للمساعدة، من التراخيص التجارية وتأشيرات العمل، إلى فتح الحسابات المصرفية، وإيجاد مساحات مكتبية وأماكن مثالية للعيش”. وأضاف “نحن نتحول من مركز إقليمي إلى مركز عالمي.. نتنافس الآن مع الكبار”.
لكن ثمة منافسة إقليمية محتدمة مع تحرك السعودية لكي تصبح مركزا ماليا وسياحيا رائدا تحت قيادة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، في تحد لهيمنة دبي على منطقة الشرق الأوسط.
ويشتكي بعض المديرين التنفيذيين في الشركات من البيروقراطية في إنشاء مشاريع، بما في ذلك تعيين موظفين أجانب في بلد يمثل فيه المواطنون أقلية. وبالرغم من ذلك، صنعت دبي لنفسها مكانة كمركز أعمال رئيسي في المنطقة، وهي بالفعل مقر للكثير من الشركات متعددة الجنسيات والشركات الدولية.
وتستهدف المبادرة الجديدة جذب القطاعات المستقبلية الجديدة لضمان حضور الخبرات والمهارات الرقمية في السوق المحلية، ولكي تصبح الدولة جزءاً من الحركة العالمية في هذا القطاع.
وثمة عدة حوافز سيتم تقديمها منها تسهيل الحصول على الإقامات الذهبية والخضراء لموظفي الشركات، وفتح الحسابات البنكية بشكل سلس، والحصول على التراخيص التجارية على نحو أسرع، وتقديم خصم مباشر للموظفين في المساكن ومكاتبهم في الدولة.
ووفقا للزيودي يسعى البلد الخليجي إلى جذب الاستثمارات الأجنبية من كافة دول العالم خاصة شرق أوروبا الذي يشهد هجرة كبيرة. وتتطلع الإمارات إلى أن تصبح مركزا إقليميا لنحو عشرين شركة رائدة ناشئة تقدّر قيمتها بأكثر من مليار دولار بنهاية العقد الحالي.
كما أنها تعول على الاستفادة من التقدم التكنولوجي والابتكار بما يدعم الاقتصاد المحلي ويخدم خطط الحكومة في تلبية متطلبات الثورة الصناعية الرابعة.
وبحسب أحدث تقرير لمؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد) فقد احتلت دولة الإمارات المرتبة الأولى عربيا والتاسعة عشرة عالمياً في جذب الاستثمار الأجنبي المباشر.
وكان البلد قد سجل بنهاية العام الماضي تدفق استثمارات أجنبية مباشرة بقيمة 20.7 مليار دولار أي بنمو بواقع أربعة في المئة عن العام السابق. وحقق رصيد الاستثمار الأجنبي الوارد إلى الدولة نموا بواقع 14 في المئة بنهاية عام 2021 ليصل إلى 171.6 مليار دولار.
وتعتزم الشركات حول العالم إجراء استثمارات كبيرة في التقنيات الرقمية لدعم خطط التوسع الطموحة بعد مرحلة الوباء. وهذا الانطباع أظهرته نتائج استبيان أجرته شركة إكوينكيس مؤخرا والذي شمل 2900 من صنّاع القرار في مجال تكنولوجيا حول العالم.
◙ 300 شركة رقمية تريد الحكومة استقطابها إلى السوق المحلية في غضون عام من الآن
وخلص المسح إلى أن 93 في المئة من صناع القرار في مجال تكنولوجيا المعلومات في الإمارات ممن شملهم الاستبيان أكدوا أن شركاتهم تعتزم التوسع خلال الأشهر الاثني عشر المقبلة إما في منطقة جديدة كلياً أو في دولة جديدة أو في مدينة جديدة.
وتعتبر الإمارات أن الشركات الصغيرة والمتوسطة تشكل إحدى الركائز المهمة لاقتصادها. وبحسب البيانات الرسمية يقدر حجمها إذا ما تمت إضافة الشركات الناشئة إليها، بنحو 98.5 في المئة من إجمالي قطاع الأعمال بالبلاد. وتبلغ نسبة مساهمة قطاع ريادة الأعمال والشركات الصغيرة والمتوسطة نحو 52 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي للإمارات، فيما تصل نسبة مساهمته من التوظيف في القطاع الخاص إلى نحو 57 في المئة.
وكانت الحكومة الاتحادية قد قدمت طيلة الأشهر الماضية حزم دعم مالي لمساعدة أصحاب الأعمال على مواجهة تداعيات الجائحة. كما اتخذت تدابير لإيجاد بيئة أعمال أكثر جاذبية للاستثمار من الخارج من خلال تيسير إجراءات إصدار التأشيرات وتحديث قواعد ملكية الشركات والقوانين ذات العلاقة وإطلاق المبادرات الفاعلة.
وفي خضم الوباء، طرحت الإمارات صيف 2020 خطة تحفيزية وفق مقاربة تعتمد على التكنولوجيا والابتكار والذكاء الاصطناعي في خطوة تهدف إلى خدمة إنتاجية القطاعات الواعدة ما يمكن من تعزيز مرونة سوق العمل وتشجيع الاستثمار في الشركات الرقمية.
وحددت الخطة 33 مبادرة رئيسية تُركز على إحداث تحول في 8 محاور، وهي تنمية القطاعات، ودعم سوق العمل، وتحفيز التجارة، وتعزيز مرونة الأنشطة التمويلية، وزيادة الإنتاجية، ودعم التحول الرقمي، وتسريع نمو الاقتصاد الأخضر، وتعزيز الأمن الغذائي.