ليبيا تحصي الثمن الباهظ لشلل صناعة النفط والغاز

طرابلس- بدأت ليبيا في إحصاء الخسائر التي لحقت بقطاع النفط والغاز منذ بداية العام الجاري والتي شلت مفاصل هذه الصناعة بشكل شبه كلي، وسط تزايد الشكوك في قدرة المسؤولين على تجاوز خلافاتهم مما يمدد خروج الحقول والمنشآت عن الخدمة.
وكشفت المؤسسة الوطنية للنفط الحكومية عن تفاصيل الثمن الباهظ الذي لحق بالحقول والمنشآت النفطية جراء الأزمة، والتي قالت إنه تجاوز الثلاثة مليارات دولار في وقت تحتاج فيه ليبيا إلى السيولة لتمويل موازنة 2022 التي تم إقرارها الشهر الماضي.
وقالت المؤسسة في بيان نشرته في وقت متأخر الخميس الماضي إنّ “الخسائر الناجمة عن الإغلاقات تجاوزت حتى تاريخه 16 مليار دينار (حوالي 3.59 مليار دولار)”.

محمد عون: إنتاج النفط تراجع إلى ما دون المليون برميل يوميا، ليبلغ 920 ألف برميل فقط نزولا من 1.2 مليون برميل يوميا
وأوضحت أن الإنتاج انخفض بشكل حادّ لتتراوح الصادرات بين 365 و409 آلاف برميل يوميا، علاوة على فقدان 220 مليون قدم مكعب من الغاز يوميا.
وكان وزير النفط محمد عون قد في قال في منتصف فبراير الماضي إن “إنتاج النفط تراجع إلى ما دون المليون برميل يوميا، ليبلغ 920 ألف برميل فقط نزولا من 1.2 مليون برميل يوميا”.
ويمثل هذا التراجع مشكلة أخرى لإمدادات منظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك) التي يطالب بها كبار المستوردين ومن بينهم الولايات المتحدة واليابان بالإسراع في زيادة الإنتاج بهدف خفض الأسعار التي بلغت ذروتها في عقد من الزمن فوق المئة دولار للبرميل.
واعتبر محللون أن تراجع الإنتاج يفوت فرصة ثمينة على ليبيا لتحصيل المزيد من الأموال في ظل ارتفاع الأسعار في السوق العالمية. ويأتي هذا التراجع الكبير في الإنتاج بينما أعلنت المؤسسة “القوة القاهرة” في ميناءين نفطيين في شرق البلاد وفي حقل نفطي في غربها.
ونقل بيان المؤسسة عن رئيسها بالوكالة مصطفى صنع الله الذي أعفي من منصبه الشهر الماضي قوله “لقد نفد صبرنا بعد محاولاتنا مراراً تجنّب إعلان القوة القاهرة، إلا أنّ تنفيذ التزاماتنا أضحى مستحيلا ونحن مضطرون لإعلان القوة القاهرة على موانئ السدرة وراس لانوف إضافة إلى حقل الفيل”.
ويقع هذان المرفآن النفطيان في شرق ليبيا، في حين يقع حقل الفيل في جنوب غرب البلاد.
وأضاف صنع الله “نواجه اليوم أكثر من أي وقت مضى تحديات مرهقة في عدم قدرتنا على تغطية احتياجات المرافق الحيوية بالمحروقات”.

مصطفى صنع الله: نواجه اليوم أكثر من أي وقت مضى تحديات مرهقة في عدم قدرتنا على تغطية احتياجات المرافق الحيوية بالمحروقات
وإذ أكد رئيس المؤسسة على مشروعية “الاختلاف السياسي”، فإنه حذّر من أنّ استخدام النفط “قوت الليبيين” ورقة مساومة هو “خطيئة لا تغتفر”.
وكانت المؤسسة حذّرت الاثنين الماضي من أنها ستعلن “القوة القاهرة” خلال ثلاثة أيام في حال عدم استئناف إنتاج النفط من منطقة خليج سرت في شرق البلاد.
ويمثّل إعلان “القوة القاهرة” تعليقاً “مؤقتاً” للعمل وحماية يوفّرها القانون للمؤسسة في مواجهة المسؤولية القانونية الناجمة عن عدم تلبيتها العقود النفطية الأجنبية.
وتواجه ليبيا أزمة حادة بسبب تراجع إنتاج النفط، إذ إن مجموعات محلية وقبلية تغلق منذ أبريل الماضي ستة حقول وموانئ في شرق البلاد، في منطقة تسيطر عليها القوات الموالية للمشير خليفة حفتر.
والتحرك هو احتجاج على استمرار عبدالحميد الدبيبة في رئاسة الحكومة في طرابلس وعدم تسليمه السلطة إلى الحكومة الجديدة المعيّنة من مجلس النواب.
وتعاني معظم مدن ليبيا من انقطاعات في التيار الكهربائي لمدة تصل إلى 12 ساعة يوميا بسبب توقف بعض المحطات عن الإنتاج نتيجة توقف إمدادات الغاز من الحقول النفطية.
وصار من المستحيل تغذية محطات كهرباء الزويتينة وشمال بنغازي والسرير باحتياجاتها من الغاز الطبيعي لارتباط إنتاج النفط الخام بالغاز من حقول شركتي الواحة ومليتة مما أوصل الشركة إلى التعثر في إمدادات خط الساحل بالغاز.