الأردنيون لا يصدقون خبر انتحار قاتل الطالبة.. حظر النشر يزيد منسوب الإشاعات

عمان - انتهت قضية مقتل الطالبة إيمان إرشيد بانتحار قاتلها، لكنّ الأردنيين لا يصدقون الرواية بسبب حظر النشر والغموض.
وأعلنت مديرية الأمن العام الأردنية فجر الاثنين عن وفاة قاتل الطالبة في جامعة العلوم التطبيقية إيمان إرشيد، متأثرا بجراحه بعد أن أقدم على إطلاق النار على نفسه أثناء محاصرة قوات الأمن له.
وكان نائب عام محكمة الجنايات الكبرى في الأردن القاضي إحسان السلامات حظر النشر في قضية “مقتل الطالبة إيمان رشيد في جامعة العلوم التطبيقية” إلى حين اكتمال التحقيقات وإلقاء القبض على الجاني.
وقُتلت طالبة كلية التمريض إرشيد بإطلاق 6 عيارات نارية تجاهها، وقد تم نقلها إلى المستشفى لتلقي الإسعافات وكانت حالتها حرجة قبل الوفاة.
وأمر النائب العام جميع وسائل الإعلام المرئي والمسموع ومواقع التواصل الاجتماعي بالتقيد بعدم نشر أي معلومات تتعلق بالقضية، أو مجريات التحقيق فيها، أو نشر أو إعادة نشر أو تداول أي صور أو فيديوهات تتعلق بالجريمة، لافتاً إلى أن ذلك يؤثر سلبا على مجريات التحقيق. وتوعّد المخالفين بالوقوع تحت طائلة المساءلة الجزائية.
ويشمل قانون حظر النشر جميع وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمواقع الإلكترونية والمطبوعة ومواقع التواصل الاجتماعي المحلية والأجنبية داخل الأردن.
وعَبْر هاشتاغيْ #حق_إيمان و#إيمان_إرشيد، زاد منسوب الشائعات المحيطة بالجريمة وانتشرت سيناريوهات غريبة.
ومن الشائعات التي أُثيرت حول الجريمة الزعم بأن قاتل الفتاة هو شقيقها ويدعى نور. لكنه خرج في تصريحات صحافية موضحاً أنه كان بصدد التوجه إلى الجامعة لاصطحاب شقيقته إلى المنزل بعد أن تنهي امتحانها حين وقعت الجريمة.
وقد تباينت الآراء حول قرار حظر النشر في القضية؛ إذ أيدت آراءٌ القرار على أمل وقف سيل الإشاعات التي تم تداولها بشأن حيثيات الجريمة، في مقابل تخوف آخرين من أن يؤدي حظر النشر إلى تخفيف التضامن مع الضحية.
وتساءلت معلقة:
وقالت مديرية الأمن في خبر عاجل نشرته على موقع تويتر “وفاة قاتل الفتاة متأثرا بإصابته بعد إطلاقه النار على نفسه”.
وشكك العديد من المغردين الأردنيين في رواية الأمن الأردني حول هوية الجاني، في حين تداول ناشطون معلومات تزعم أن منفذ الجريمة الحقيقي هو ابن وزير وتم تسفيره إلى الخارج.
ونشر حساب آخر مقطع فيديو يحوي معلومات تزعم بأن منفذ الجريمة هو ابن وزير وتم تسفيره إلى الخارج خوفا من الثأر، وأن من سيعلنون عنه بأنه الجاني تابع للأجهزة الأمنية.
وقال حساب:
وكتب آخر:
السيناريو فيه سذاجة واضحة؛ إنه غير مقنع إطلاقا، كيف يمكن للقاتل الذي عرف هدفه وحدّده وخطط له وأقدم عليه أن يقتل نفسه بعد اختباء ومطاردة وليس بعد أن قتلها مباشرة؟ الجامعة ممتلئة كاميرات فأين فيديو لحظة قتلها؟ قصة غامضة، الله يرحمها ويصبّر أهلها.
من جانبه أكد مفيد إرشيد، والد الطالبة إيمان، أن صور المتهم بقتل ابنته تطابقت مع ما تم رصده له في الجامعة وجواز سفره وهويته.
وقال مفيد إرشيد إنه أُبلغ رسميا بالقبض على المتهم لكنه أنهى حياته برصاصة في الرأس في المكان الذي حوصر فيه.
وشكر إرشيد في مقطع مصور رجال الأمن على ما قدموه من احترافية في التعامل مع القضية.
وكانت السلطات الأردنية قد كشفت مساء الأحد عن هوية قاتل الطالبة إيمان إرشيد، بعد إعلان القبض عليه حيث قام بإطلاق النار على نفسه عقب محاصرة المكان الذي كان يختبئ فيه، وأوضحت أنه يدعى عدي خالد عبدالله حسان.
☚ مغردون شككوا في رواية الأمن، وتداولوا معلومات تزعم أن منفذ الجريمة الحقيقي هو ابن وزير وتم تسفيره إلى الخارج
ويقول خبراء إن الإشاعات التي تهم الشأن العام في الأردن صارت تتفوق على الإشاعات السياسية والأمنية، ولاقت صدى كبيرا عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وعملت كذلك وسائل الإعلام الأردنية على المساهمة في نشرها وتداولها بنسبة لا يُستهان بها. ويعتبر هؤلاء الخبراء أن مجالس النميمة السياسية تراجعت في الفترة الأخيرة لفائدة مجالس بث الجدل في المجتمع.
ويقول مراقبون إن “الخطير في هذه الإشاعات هو أن أغلبها يُعتبر من الإشاعات العنيدة وتعني أن إشاعة ما تبقى مستمرة وتمتد دورة حياتها طويلا رغم نفيها أكثر من مرة ورغم إثبات عدم صحتها، إذ تبقى مزروعة في أذهان الأردنيين على أنها حقائق؛ ولا يحصل نفي الإشاعة على صدى كبير كما تحصل عليه الإشاعة نفسها، ولا يتم تعديل الصورة الكاذبة التي صدقها الرأي العام منذ البداية، فتعمل هذه الأكاذيب على الصعود في بناء تراكمي من المعلومات المغلوطة، والتي تكون محركا للمواطنين لتأزيمِ الوضع في الدولة”.
ويسود اعتقاد عند قطاع كبير من مسؤولي الدولة بأن هذه الإشاعات “مبرمجة” وتستهدف تقويض وإضعاف الدولة الأردنية، وهناك قناعة راسخة بأن الإشاعات تندرج ضمن أجندة لزعزعة الاستقرار في البلد.
ولا يوجد نص قانوني حتى الآن يعرّف الإشاعة في الأردن، ويترك تقديرها للمدعي العام والقضاء. وأكد القضاة أن بداية الإشاعة تنجم عن قلة المعلومات التي يجري حجبها.
واعتبر صحافيون أردنيون أن ما يحدث يجدد المطالبة بضرورة وجود إعلام دولة قوي يتصدى للإشاعات، مؤكدين أنه في عصر الإنترنت والقنوات الفضائية ووسائل التواصل الاجتماعي لم يعد مقبولا استمرار العمل الإعلامي بشكله التقليدي دون تطوير مضمونه ورسالته.
وكانت دراسة أطلقها المجلس الاقتصادي والاجتماعي مؤخرا تحمل عنوان “الإشاعة ودورها في تشكيل الرأي العام” قد أظهرت أن “48 في المئة من الأردنيين يستقون معلوماتهم من مواقع التواصل الاجتماعي ونشطائها ومن مؤثرين من داخل الأردن وخارجه”.