مصر توسع تحالفها الاقتصادي مع إسرائيل لزيادة صادراتها إلى أميركا

الحكومة تبحث عن نافذة جديدة لمنتجاتها لحل أزمة شح العملة.
الاثنين 2022/06/27
أسرعوا في تجهيز الطلبية فالوقت ليس في صالحكم

فتحت مصر نافذة جديدة في تعاونها الاقتصادي مع إسرائيل بحثا عن فرص تسويقية للبعض من منتجاتها في الأسواق الأميركية، من أجل إنقاذ الاقتصاد الذي يعاني من مشكلات عديدة بسبب الشح الكبير في الدولار وضعف التدفقات النقدية الأجنبية.

القاهرة- كشفت زيارة وفد من رجال الأعمال المصريين إلى إسرائيل قبل أيام، يضم عددا من كبار المصنعين فى مجال الملابس الجاهزة، أن الجانبين يسعيان إلى ضخ دماء جديدة في شرايين اتفاقية “كويز” الصناعية التي وقعت قبل سنوات بينهما وظلت شبه متجمدة.

وأعلنت وزارة الخارجية الإسرائيلية أن زيارة الوفد المصري جاءت في إطار أنشطة الاتفاقية التي تضم أيضا الولايات المتحدة حيث يتمثل دورها في زيادة حجم التجارة مع مصر وإزالة الحواجز البيروقراطية.

وقالت وزارة الاقتصاد الإسرائيلية “لأول مرة منذ حوالي عقد من الزمن، يزور أعضاء الوفد المصري مصانع وشركات ويلتقون رجال أعمال في إسرائيل”، ووصفت الزيارة بأنها “خطوة أخرى في توطيد العلاقات الاقتصادية بين البلدين”.

وترى دوائر إسرائيلية أن الشراكة في المجالات الاقتصادية تعمل على تقوية العلاقات التجارية وتعزيز النمو والازدهار في المنطقة.

محمد المرشدي: إسرائيل تستغل «الكويز» وتبيع الخامات بأسعار مرتفعة

وكانت مصر قد وقعت في 2004، اتفاقية المناطق الصناعية المؤهلة المعروفة باسم “الكويز”، ومن خلالها يتم تصدير منتجات محلية إلى الولايات المتحدة من دون رسوم جمركية، بشرط أن تستورد المصانع المصرية المنضمة إلى الاتفاقية نسبة من مدخلات الإنتاج من إسرائيل.

وبلغت نسبة المكون الإسرائيلي نحو 11.6 في المئة من مكونات المنتج النهائى عند بدء تفعيل اتفاقية “الكويز” عام 2005، قبل تخفيضها إلى 10.5 في المئة حاليًا.

وجاءت الزيارات المتبادلة بين مصر وإسرائيل مؤخرا في إطار المراجعات الدورية للاتفاقية الموقعة بين الدول الثلاث، لتؤكد أن التطبيع الكامل للعلاقات الاقتصادية والاستثمارية يسير بصورة جيدة.

ووقع الاتحاد الأوروبي وإسرائيل ومصر أخيرا مذكرة تفاهم لتعزيز صادرات غاز شرق البحر المتوسط إلى أوروبا.

والتقت هالة السعيد وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية، ونيفين جامع وزيرة التجارة والصناعة نهاية مارس الماضي، بأورنا بارييفاى وزيرة الاقتصاد الإسرائيلية في مقر وحدة الكويز بالقاهرة، وهو لقاء مهد لزيارة وفد رجال الأعمال المصريين لإسرائيل.

وتناولت اللقاءات المتعددة التباحث حول سبل تعزيز التعاون التجارى والاقتصادى في إطار البروتوكول المشترك الخاص بالاتفاقية لزيادة القدرات التصديرية خلال المرحلة المقبلة، خاصة في ضوء السعي إلى التغلب على تداعيات الظروف العالمية الحالية.

وأجرى رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت زيارة لمصر في مارس الماضي والتقى الرئيس عبدالفتاح السيسي، وأكد بينيت وقتها أن “التعاون بين مصر وإسرائيل يتوسع في مجالات عدة، ويخدم مصالح الشعبين ويسهم في استقرار المنطقة”.

واتفق الطرفان على زيادة الرحلات الجوية وإطلاق مسار جديد مباشر بين تل أبيب وشرم الشيخ، وبدأت السياحة الإسرائيلية تعود إلى سيناء عبر منفذ طبابا بسهولة.

وأخذ التعاون العلني بينهما مسارا تصاعديا منذ التوقيع على اتفاقية في 2018 بقيمة 15 مليار دولار، بموجبها تستورد القاهرة 2.1 مليار متر مكعب من الغاز سنويا، وترتفع إلى 6.7 مليار متر مكعب في الفترة بين عامي 2023 و2034.

ووقعت وزارة البترول المصرية نهاية العام الماضي اتفاقيات مع كل من اليونان وإسرائيل تمكن القاهرة من استيراد المزيد من كميات الغاز الطبيعي الإسرائيلي لإعادة تسييلها ثم تصديرها.

وترسل تلك الشحنات عبر خط أنابيب بري جديد بقيمة 200 مليون دولار يمر عبر شمال سيناء ويسمح لمصر باستيراد 5 مليارات متر مكعب إضافية من الغاز سنويًا.

خالد الشافعي: تغيرات جيوسياسية تحول صادرات مصر إلى السوق الأميركية

وتدرج اتفاقية الكويز تحت مسمى الاتفاقيات التجارية الدبلوماسية، فالهدف منها ضمان تطوير العلاقات بين إسرائيل مصر وغيرها من الدول العربية، في ما يتعلق بالتعامل التجاري الذي كان محدودا في فترات سابقة.

ويوجد فى مصر نحو 14 منطقة ضمن “اتفاقية المناطق الصناعية المؤهلة – كويز”، تضم نحو 1124 شركة مُصدرة بعد تأهيل ما يقرب من 20 شركة خلال اجتماع اللجنة المشتركة للاتفاقية أخيرًا.

ويقترب متوسط الصادرات المصرية عبر اتفاقية الكويز من مليار دولار سنويًا بعد ارتفاعها خلال السنوات الأربع الماضية، ومعظمها في قطاع الصناعات النسيجية.

ورغم مرور نحو 18 عاما على الاتفاقية، إلا أن صادرات مصر من خلالها ضعيفة للغاية، ورصدت هذا الوهن بيانات وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية التي قدرت الصادرات من المناطق الصناعية المؤهلة في عقد ونصف بنحو 14 مليار دولار.

وطالب محمد المرشدي رئيس غرفة الصناعات النسيجية باتحاد الصناعات المصرية بضرورة خفض نسبة المكون الإسرائيلي في المنتجات المصرية والمشروطة في اتفاقية الكويز، لأنها مرتفعة وتصب في صالح إسرائيل.

وقال لـ”العرب” إن “المُنتِج الإسرائيلي يستغل المستثمر المصري، إدراكا منه بأن الأخير مضطر إلى الحصول على الخامات وفقًا للاتفاقية، ولذلك يتم بيعها بسعر أعلى من القيمة العالمية”.

وأوضح المرشدي أن الاتفاقية في مجملها تساعد المصدرين المصريين في المنافسة بالمنتجات في الأسواق الأميركية للإعفاء من الرسوم الجمركية.

وأكد على ضرورة إلغاء اشتراط نسبة المكون الإسرائيلي، لأنه يؤثر على نقل البضائع بالحاويات الإسرائيلية التي ترفع رسوم النولون على المستثمر المصري.

وعقدت اللجنة المشتركة لاتفاقية الكويز اجتماعها الدوري في أبريل الماضى، ودعت وحدة الكويز التابعة لوزارة التجارة والصناعة الشركات المصدرة ضمن الاتفاقية لحجز مواعيد للمراجعة ربع السنوية، للربع الأول من 2022، وهو ما يتم التباحث بشأنه حاليا لتصحيح مسارات الاتفاقية عمليا.

وقال الخبير الاقتصادي المصري خالد الشافعي لـ”العرب” إن “الجهود المصرية الجديدة تأتي في إطار مساعي الحكومة لزيادة الصادرات إلى السوق الأميركية بالاستفادة من “الكويز”، كأحد الحلول التي تعزز تدفق الدولار إلى البلاد”.

نسبة المكون الإسرائيلي بلغت نحو 11.6 في المئة من مكونات المنتج النهائى عند بدء تفعيل اتفاقية "الكويز" عام 2005

وبحسب تقرير أصدرته دائرة الإحصاء المركزية في إسرائيل، بلغ حجم التبادل التجاري بين مصر وإسرائيل أكثر من 122 مليون دولار، في العام الماضي، مقارنة بنحو 92 مليون دولار قبل عام.

ويشير الشافعي لـ”العرب” إلى أن التغيرات الجيوسياسية التي يشهدها العالم ربما ترفع من الصادرات المصرية إلى الولايات المتحدة، كأسواق بديلة لدول روسيا وبيلا روسيا، لاسيما في الملابس والحاصلات والمنتجات الزراعية.

وأكد أن ذلك ظهر من خلال ارتفاع صادرات مصر إلى الولايات المتحدة خلال الأربعة أشهر الأولى من العام الجاري.

وسجلت صادرات مصر إلى السوق الأميركية ارتفاعا بقيمة 308.4 مليون دولار في الثلث الأول من هذا العام، وتجاوزت قيمة المنتجات التي تصدرها القاهرة إلى واشنطن أكثر من مليار دولار، مقابل 742.6 مليون دولار بمقارنة سنوية.

11