صفة المرشح للعضوية ترفع الحرج عن أوروبا ولا تحل أزمة أوكرانيا

قابل المسؤولون الأوروبيون الموافقة على قبول أوكرانيا كمرشح لعضوية الاتحاد الأوروبي بحماس كبير وصوّروه على أنه نصر لأوكرانيا، لكنه على الأرض لا يعني سوى وعد قد يتحقق بعد سنوات وقد لا يتحقق خاصة إذا توقف النزاع مع روسيا وانتهت الحرب وانتفت أسباب الترشيح، ولجأت أوروبا إلى التلكؤ والإرجاء كما فعلت مع مرشحين آخرين.
بروكسيل – وافق قادة الدول الأوروبية على منح كل من أوكرانيا ومولدافيا صفة مرشح لعضوية الاتحاد الأوروبي، في خطوة يقول مراقبون إن مفعولها لا يتجاوز البعد السياسي الاستعراضي سواء بالنسبة إلى أوروبا أو للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الذي يبحث عن انتصار معنوي في مواجهة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي يحكم قبضته على مسار الحرب.
وقال المراقبون إن أوروبا التي فشلت في التأثير عسكريا ودبلوماسيا على روسيا ودفعها إلى التراجع باتت تبحث عن تسجيل مواقف ونقاط ذات بعد سياسي لا تأثير لها لإظهار أنها لم تتخل عن الشعب الأوكراني بعد أن بان للجميع أن وعود ما قبل الحرب ذهبت هباء، وأن قادة الاتحاد الأوروبي يتصرفون كل حسب مصالحه وحاجته إلى روسيا خاصة في موضوع الغاز.
وأضاف المراقبون أن حصول أوكرانيا على صفة الدولة المرشحة للعضوية ليس سوى تحريك أماكن، فهي ما تزال غير عضو وقد لا تحصل على هذه الصفة مطلقا خاصة أن هذه الخطوة هي بداية عملية طويلة ومعقدة تفضي إلى الانضمام إلى التكتل أو رفضه مثلما حصل مع تركيا التي وعدت منذ عقود بالعضوية دون أن تحصل عليها تحت مسوّغات كثيرة، لكن الاتحاد لم يعد متحمسا لتوسيع دائرة العضوية لأن وراءها التزامات كثيرة.
وأشار هؤلاء المراقبون إلى أن ما يهم الاتحاد الأوروبي أنه رفع عن نفسه الحرج ورد بهذه الخطوة على اتهامات له بأنه تخلى عن أوكرانيا.
إيمانويل ماكرون: انضمام أوكرانيا إلى عضوية الاتحاد عملية لن تكون سهلة
ووصف رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال المصادقة على ترشيح أوكرانيا للعضوية بأنها “لحظة تاريخية” مع استمرار الهجوم الروسي على كييف.
وكتب شارل ميشال على تويتر “يشكل هذا اليوم مرحلة أساسية في طريقكم إلى الاتحاد الأوروبي”، مضيفا “لدينا مستقبل معا” في إشارة إلى أوكرانيا ومولدافيا.
وعلى جورجيا التي لديها تطلعات أوروبية أيضا ان تقوم بإصلاحات للحصول على هذا الوضع. وأكد ميشال أن “مستقبل جورجيا هو داخل الاتحاد الأوروبي”.
وعمل القادة الأوروبيون بتوصية المفوضية التي أدلت بها الأسبوع الماضي في شأن الجمهوريات السوفياتية السابقة الثلاث.
ولدى وصوله لحضور القمة، قال المستشار الألماني أولاف شولتس إن قرار المجلس الأوروبي “تاريخي”.
وكانت أوكرانيا ومولدافيا وجورجيا قدمت ترشيحاتها بعيد بدء الغزو الروسي لأوكرانيا أواخر فبراير الماضي.
وتتطلب المرحلة المقبلة المتمثلة في بدء المفاوضات الرسمية موافقة الدول الـ27 الأعضاء بالإجماع.
وهذه المفاوضات لم تبدأ بعد مع مقدونيا الشمالية وألبانيا، المرشحتين منذ 2005 و2014.
ورحّب الرئيس الأوكراني بما اعتبره “لحظة فريدة وتاريخيّة” بعد موافقة قادة دول الاتّحاد الأوروبي على منح بلاده صفة المرشّحة لعضويّة الاتّحاد في غمرة الغزو الروسي.
وكتب زيلينسكي على تويتر “إنّها لحظة فريدة وتاريخيّة في العلاقات بين أوكرانيا والاتّحاد الأوروبي”، مؤكدا أنّ “مستقبل أوكرانيا في صلب الاتّحاد الأوروبي”.
وبعد دقائق، قال زيلينسكي في مقطع مصوّر قصير عبر إنستغرام “إنّه انتصارنا. لقد انتظرنا (هذا القرار) طوال 120 يوما وحتى طوال ثلاثين عاما” منذ استقلال أوكرانيا عام 1991.
وأضاف “سننتصر بالتأكيد” على الجيش الروسي الذي يغزو أوكرانيا منذ أواخر فبراير الماضي.
وقال زيلينسكي لقادة الدول الـ27 المجتمعين في قمّة أوروبية في بروكسل، إنّ منح أوكرانيا وضع المرشّحة لعضويّة الاتّحاد الأوروبي “هو نقطة البداية لتاريخ جديد لأوروبا”.
وأضاف في خطاب عبر الفيديو “اليوم اتّخذتُم أحد أهمّ القرارات بالنسبة إلى أوكرانيا منذ استقلالها قبل ثلاثين عاما”. وتابع متحدثا من كييف “هذه أكبر خطوة نحو تعزيز أوروبا”.
وقال إنّه يأمل في وجود “أوروبا بلا انقسامات، دون ‘مناطق رماديّة’ وتعرف كيف تدافع عن نفسها وتدافع عن قيمها ومستقبلها”.
فولوديمير زيلينسكي: لحظة فريدة وتاريخية، مستقبلنا داخل الاتحاد الأوروبي
كما توجّه إلى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي تتولّى بلاده رئاسة مجلس الاتّحاد الأوروبي حتى نهاية يونيو، قائلا “يمكنك أن تكون على يقين من أنه مع أوكرانيا القرن الحادي والعشرين، ستقدر أوروبا على أن تكون بين قادة العالم”.
وقال وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا من جهته، في مقطع مصوّر مع نظيره الأوروبي جوزيب بوريل، إنّ “اليوم يشكّل بداية مسار طويل سنسلكه معا”.
وأكد أيضا عبر تويتر “أوكرانيا ستنتصر. أوروبا ستنتصر” قبل أن يضيف “ينتمي الشعب الأوكراني إلى الأسرة الأوروبية. مستقبل أوكرانيا هو مع الاتّحاد الأوروبي”.
بدوره، رأى رئيس الوزراء الأوكراني دنيس شميغال أنّ “هذا اليوم التاريخي” يشكّل “مرحلة جديدة في بناء أوروبا”.
وأضاف أن “صفة المرشح الرسمي لعضوية الاتحاد الأوروبي تعني إصلاحات جديدة وتقاربا واسع النطاق في كل قطاعات الاقتصاد وعملية دخول كاملة في السوق الداخلية للاتحاد الأوروبي”.
وتحدث رئيس الإدارة الرئاسية الأوكرانية أندريه يرماك عن “إصلاحات ضرورية” ينبغي أن تُجريها أوكرانيا لتنضم إلى الاتحاد الأوروبي في شكل رسمي مستقبلا، وقال “نحرص على أن نصبح عضوا في الاتحاد”.
واعتبر الرئيس الفرنسي أن موافقة الاتحاد الأوروبي على منح أوكرانيا ومولدافيا صفة مرشحين لعضوية الاتحاد الخميس يشكل “إشارة قوية جدا حيال روسيا”.
وأشاد ماكرون في مؤتمر صحافي في بروكسل بما أسماه “خطوة سياسية” صادرة من “أوروبا قوية وموحدة”. وأضاف “لقد قمنا بخطوة عملاقة”.
وتابع ماكرون “كل ذلك ندين به للشعب الأوكراني الذي يقاتل دفاعا عن قيمه وسيادته ووحدة أراضيه. ندين به أيضا لمولدافيا انطلاقا من وضعها السياسي وانعدام الاستقرار الذي تتعرض له والسخاء الذي عرفت أن تثبته”. لكنه نبه إلى أن “العملية التي بدأت لن تكون سهلة”.
وتحدثت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين عن “لحظة أساسية” وعن “يوم جيد جدا بالنسبة إلى أوروبا”.
واعتبرت أن هذا القرار “يعززنا جميعا، إنه يعزز أوكرانيا ومولدافيا وجورجيا في مواجهة العدوان الروسي”.
من جهته، وصف الكرملين الجمعة قرار منح أوكرانيا ومولدافيا وضع المرشّح لعضوية الاتحاد الأوروبي، بأنّه “شأن أوروبي داخلي”، متهماً الدول الغربية بالرغبة في شنّ حرب على روسيا.
وقال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف “هذا شأن داخلي في أوروبا” مشيراً إلى أنه “من المهم” بالنسبة إلى موسكو “ألا تسبب هذه الإجراءات مشكلات لروسيا”.
ورأى وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أنّ عضوية أوكرانيا ومولدافيا لا تشكل “أيّ خطر” بالنسبة إلى روسيا، لأنّ الاتحاد الأوروبي ليس حلفاً عسكرياً، موضحاً أنّ الرئيس بوتين لا يعارض الأمر.
ولكنه استخدم مفردات عسكرية لاتّهام الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي بالرغبة في شنّ حرب على روسيا، كما فعل النازيون من قبل.
وقال خلال رحلة إلى أذربيجان “وحّد هتلر تحت رايته جزءاً كبيراً من أوروبا ليشنّ حرباً على الاتحاد السوفياتي. واليوم يجمع الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي تحالفاً مماثلاً معاصراً للقتال، وإلى حدّ كبير، لشنّ حرب ضدّ روسيا”.
وتعتبر موسكو أنّ توريد الأسلحة الغربية إلى أوكرانيا هو طريقة الأوروبيين والأميركيين لشن نزاع بالوكالة ضدّ روسيا.