زيارة بايدن لن تحدث اختراقا جديا لحل الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي

محمود عباس يستنكر الصمت الأميركي حيال الاستفزازات والممارسات الإسرائيلية التي تنتهك بشكل صارخ القانون الدولي.
الثلاثاء 2022/06/21
عباس يأمل في ضغط أميركي مستبعد على إسرائيل

القدس - يرى مراقبون فلسطينيون أن زيارة الرئيس الأميركي جو بايدن المقررة الشهر المقبل إلى الأراضي الفلسطينية وإسرائيل شكلية ولن تحدث أي اختراق جدي لحل الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي.

ويقول المراقبون إن إدارة بايدن غير جادة في إيجاد حلول سياسية للقضية الفلسطينية وتعمل على تحسين الأوضاع الاقتصادية للفلسطينيين فقط مع إبقاء السيطرة الأمنية بيد إسرائيل.

وأعلن البيت الأبيض قبل أيام أن بايدن سيصل إلى إسرائيل في الثالث عشر من يوليو المقبل في زيارة تستغرق 40 ساعة، كما سيزور الأراضي الفلسطينية وسيلتقي الرئيس محمود عباس في مدينة بيت لحم.

واستباقا لذلك وصل وفد أميركي برئاسة مساعدة وزير الخارجية باربرا ليف منذ عدة أيام إلى الضفة الغربية وأجرى عدة لقاءات مع الرئيس محمود عباس ورئيس الوزراء محمد اشتية ومسؤولين آخرين تحضيرا للزيارة والتشاور حول آخر التطورات على الساحة الفلسطينية.

وانتقد عباس في لقائه مع ليف بحسب ما نشرت وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية (وفا) الصمت الأميركي حيال الاستفزازات والممارسات الإسرائيلية التي تنتهك بشكل صارخ القانون الدولي.

أحمد رفيق عوض: بايدن سيقوم بخطوات رمزية لا تزعج الإسرائيليين

واعتبر عباس أن الوضع الحالي لا يمكن السكوت عنه أو تحمله في ظل غياب الأفق السياسي، والحماية الدولية للشعب الفلسطيني، وتنصل السلطات الإسرائيلية من التزاماتها وفق الاتفاقات الموقّعة وقرارات الشرعية الدولية، ومواصلة الأعمال أحادية الجانب، وبخاصة في القدس.

ويرى أستاذ العلوم السياسية في جامعة القدس أحمد رفيق عوض بأن “الفلسطينيين لا يتوقعون أن يتم إحراز اختراق أو تغيير جذري في الموقف الأميركي تجاه القضية الفلسطينية أو حتى في ما يتعلق بالصراع الفلسطيني - الإسرائيلي (…) كل ما سمعناه من واشنطن أنها مع حل الدولتين، هي مجرد تصريحات، فهي لم توضح متى وكيف وأين وما هي الآليات لتجسيده على أرض الواقع”.

ويؤكد عوض أن الزيارة يجب أن تسبقها خطوات ملموسة مثل “رفع منظمة التحرير الفلسطينية من قوائم الإرهاب وفتح مكتب منظمة التحرير في واشنطن واستئناف المساعدات للسلطة الفلسطينية وفتح القنصلية الأميركية في القدس الشرقية وهذه وعود قطعتها الإدارة الأميركية ولكن لم تنفذ حتى الآن”.

ويقول إن بايدن قد يعلن خلال زيارته تقديم حوافز اقتصادية وخطوات رمزية للفلسطينيين لا تزعج الإسرائيليين في ذات الوقت مثل “توسيع الولاية الجغرافية الفلسطينية في بعض مناطق الضفة الغربية وتجميد معين للاستيطان وإشراف رمزي على المعابر الحدودية”.

ويرى عوض أن الإدارة الأميركية تعاني من “الضعف والارتباك والنفاق والرغبة في إنقاذ رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت إلى درجة أنها لا تتحدث عن عملية سلام ولا تعظيم دور السلطة الفلسطينية وبالتالي الزيارة هدفها أمن إسرائيل في محاولة لرفع أسهم بايدن الانتخابية”.

وغلب الإحباط واليأس لدى القيادة والشعب الفلسطيني بعد مرور نحو 29 عاما من توقيع اتفاق سلام مع إسرائيل لإنهاء عقود من الصراع، فيما وصلت الأمور إلى طريق مسدود واستمر الاحتلال الإسرائيلي دون الحديث عن حقوق سياسية وطبيعية للشعب الفلسطيني.

وتوعد مسؤولون فلسطينيون على مدار الأيام الماضية بأن القيادة الفلسطينية بصدد تطبيق قرارات المجلس المركزي الأخيرة المتعلقة بإعادة صياغة العلاقة مع إسرائيل والاتفاقيات الموقعة بين الجانبين ردا على استمرار الوضع الحالي.

ويتطلع الفلسطينيون إلى إيجاد حل جدي وسريع في التعامل مع ملف الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي بعد سنوات من التهميش صاحب ذلك رفض الحكومات الإسرائيلية الجلوس على طاولة المفاوضات لإحياء عملية السلام.

وتوقفت آخر مفاوضات للسلام بين الفلسطينيين وإسرائيل في نهاية مارس من العام 2014، ويطالب الفلسطينيون بتحقيق دولة مستقلة إلى جانب إسرائيل على كامل الأراضي الفلسطينية التي احتلتها في العام 1967 بما يشمل الضفة الغربية كاملة وقطاع غزة وأن تكون عاصمتها القدس الشرقية.

ويقول المحلل السياسي عبدالمجيد سويلم إن زيارة بايدن إلى إسرائيل والأراضي الفلسطينية فرعية وعلى هامش الأهداف الحقيقية لجولته، حيث أن الأمور تسير وفق درجة عالية من التفاهم مع الحكومة الإسرائيلية التي تواصل “عربدتها في المنطقة نهبا واستيطانا وتنكيلا وتهويدا”.

إدارة بايدن غير جادة في إيجاد حلول سياسية للقضية الفلسطينية وتعمل على تحسين الأوضاع الاقتصادية للفلسطينيين فقط مع إبقاء السيطرة الأمنية بيد إسرائيل

ويضيف أن زيارة الأراضي الفلسطينية “مجاملة سياسية، وهي أقرب إلى رفع العتب، وإطلاق نفس الشعارات بتمسك واشنطن بحل الدولتين وحق الشعب الفلسطيني في الكرامة والأمن وغيرها من الأوصاف التي تعني بالنهاية تحسين معيشة الفلسطينيين في إطار حكم ذاتي محدود الصلاحيات تحت السيطرة الأمنية الإسرائيلية”.

ومع ذلك، أمل الفلسطينيون خيرا مع قدوم بايدن إلى البيت الأبيض في يناير 2021 باتخاذ نهج مخالف من إدارة سلفه دونالد ترامب الذي عُرف بانحيازه التام لإسرائيل، حيث واجهت القضية الفلسطينية واقعا من التهميش على مدار 4 أعوام من حكمه.

واعترف ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل في ديسمبر 2017 ثم أطلق في يناير 2020 خطة سلام مثيرة للجدل معروفة إعلاميا باسم “صفقة القرن”، في وقت رفض الفلسطينيون بشدة أي تعاط مع الخطة وأعلنوا مقاطعة واشنطن بسبب ما اعتبروه تعديا كبيرا على الحد الأدنى من حقوقهم.

و يقول الكاتب هاني عوكل إن بايدن مدرك أن ملف الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي غير ناضج بعد لإطلاق عملية سلام في المنطقة ولا يشكل هذا الملف أي أولوية في السياسة الخارجية الأميركية، انطلاقاً من عدة اعتبارات، من بينها فشل الإدارات الأميركية السابقة في هذا الاختبار.

ويضيف عوكل أن “ثمة قضايا كثيرة تشغل بال بايدن على المستويين الداخلي الأميركي والدولي، ويضعها في قمة أولوياته، بينما يقع ملف الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي في آخر الأولويات”.

ويتابع عوكل أن مختلف الإدارات الأميركية السابقة عملت على تهميش ملف الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي بخلق ملفات أكثر أهمية على الساحة الدولية، بهدف جعل إسرائيل تسيطر على هذا الصراع وتديره على طريقتها الخاصة.

2