قرار تسليم أسانج رسالة مخيفة للصحافيين حول العالم: الصحافة الاستقصائية جريمة

مؤسس موقع ويكيليكس جوليان أسانج يواجه على ضوء التهم المنسوبة إليه عقوبة سجن تصل مدتها إلى 175 عاما.
الاثنين 2022/06/20
يوم أسود لحرية الصحافة والديمقراطية

لندن - وصفت منظمة العفو الدولية “أمنستي” الأمر الذي أصدرته وزارة الداخلية البريطانية بتسليم مؤسس موقع ويكيليكس جوليان أسانج إلى الولايات المتحدة بأنه “رسالة مخيفة تقشعر لها الأبدان” للصحافيين حول العالم.

وقالت الأمينة العامة للمنظمة أنييس كالامار إن السماح بترحيل أسانج إلى الولايات المتحدة “سيعرضه لخطر كبير، وسيبعث برسالة مخيفة للصحافيين في أنحاء العالم”. كما تخشى المنظمة الحقوقية الدولية من أن أسانج، في حال ترحيله، سيواجه خطرا كبيرا بالسجن الانفرادي المطول، ما ينتهك الحظر المفروض على التعذيب أو غيره من أشكال سوء المعاملة.

وأعلنت وزارة الداخلية البريطانية الجمعة أن الوزيرة بريتي باتيل وقّعت على أمر يقضي بتسليم أسانج إلى الولايات المتحدة ليواجه اتهامات بالتجسس. وأمام أسانج فرصة 14 يوماً للاستئناف على القرار. وتأخذ الولايات المتحدة على الأسترالي أنه نشر العام 2010 على موقعه ويكيليكس 250 ألف برقية دبلوماسية ونحو نصف مليون وثيقة سرية تتناول أنشطة الجيش الأميركي في العراق وأفغانستان.

17

تهمة وجهت إلى أسانج بينها الحصول على معلومات تتصل بالدفاع الوطني وكشفها

وفي 2013 قضت محكمة عسكرية بسجن المحلل العسكري السابق تشيلسي مانينغ 35 عاما لوقوفه خلف هذا التسريب الهائل. لكن الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما عمد إلى تخفيف هذه العقوبة قبل أن يتم الإفراج عن مانينغ الذي بات رمزا لقضية التحول الجنسي في مايو 2017.

وأظهر القضاء حذرا أكبر بالنسبة إلى أسانج. وأطلقت ملاحقات بتهمة “القرصنة المعلوماتية” بشكل سري نهاية 2017. لكن تهمة “التجسس” لم توجه إليه سوى في مايو 2019 بموجب قانون أقر العام 1917 لمنع كشف معلومات سرية في زمن الحرب.

وفي حال نقل إلى الولايات المتحدة، سيحاكم أسانج أمام محكمة فيدرالية في فرجينيا بعد توجيه 17 اتهاما إليه بينها الحصول على معلومات تتصل بالدفاع الوطني وكشفها. ويواجه في ضوء ذلك عقوبة سجن تصل مدتها إلى 175 عاما.

ويتوقع أن ترافق المحاكمة معركة شرسة محورها التعديل الأول للدستور الأميركي والذي يحمي حرية الصحافة. وفي محاولة للإفلات من هذه المعركة، تؤكد السلطات الأميركية أن أسانج ليس “صحافيا” و”لا ناشرا صحافيا” وقد عرّض عملاء ومصادر عسكرية للخطر. لكن الملف يثير أسئلة قانونية صعبة في وقت ينشط المواطنون الصحافيون على الإنترنت. ويرجح أن يلجأ أسانج إلى الطعن وصولا إلى المحكمة العليا.

وكان موقع ويكيليكس أصدر بياناً على حسابه الرسمي على تويتر أدان فيه قرار باتيل، معتبراً أن هذا اليوم “هو يوم أسود لحرية الصحافة والديمقراطية في المملكة المتّحدة” وأنه سيتمّ تَذكّر باتيل على أنها متواطئة مع واشنطن في مهمّتها لتحويل الصحافة الاستقصائية إلى جريمة. وإذ رأى الموقع أن أسانج يُعاقَب لأنه كان يؤدي وظيفته الطبيعية ككاتب وناشر، فقد نبّه إلى أنه “يجب عدم نسيان أن قضيته هي سياسية، بعدما نشر أدلّة على أن البلاد التي تحاول تسليمه ارتكبت جرائم حرب وغطّتها، وارتكبت أعمال تعذيب ورشت مسؤولين خارجيين، وأفسدت التحقيقات القضائية في مخالفات الولايات المتّحدة”، ما يجعلها تريد الانتقام منه بإخفائه في أقبية السجون المظلمة حتى آخر حياته بهدف منع الآخرين من محاسبة حكوماتهم. كما أكد البيان أن “الحرب لم تنتهِ بعد”، مُعلِناً أنه سيتمّ استئناف القرار البريطاني أمام المحكمة العليا، علماً أن أمام أسانج مهلة 14 يوماً للاستئناف.

Thumbnail

من جانبها نددت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا بقرار بريطانيا تسليم أسانج إلى الولايات المتحدة. وقالت زاخاروفا للصحافيين إن “هذا قرار تعسفي من ناحية، ومهم من ناحية أخرى، أي أن كل الكلمات حول حرية التعبير والموقف المبدئي من حقوق الإنسان كلها أكاذيب وخداع”.

وصرّح مندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا بأنّ أسانج “سيقبع في السجن حتى آخر أيامه” في حال تمّ تسليمه إلى الولايات المتحدة. وأشار نيبينزيا إلى أنّه “لولا المواد التي نشرها أسانج، لما عرف العالم أبداً جرائمَ العسكريين الأميركيين والبريطانيين في العراق وأفغانستان وسوريا، وأيضاً ما يتعلق بالتعذيب في معتقل غوانتانامو والسجون السرية لوكالة الاستخبارات الأميركية في أوروبا”.

وتساءل المندوب الروسي “ماذا فعلت الدول التي تدعو اليوم إلى محاربة التهرّب من المحاسبة بعد أن ظهرت تلك المعلومات إلى العلن؟ هل سعت لفتح تحقيقات ومحاسبة المسؤولين من بين مواطنيها؟ لا. الوحيد الذي تمّ إعلان المطاردة الحقيقية بحقّه هو أسانج ذاته”.

وأضاف أنّ “النظام البوليسي للدولة في الولايات المتحدة لا يترك أيّ شكوك في أنّ أسانج سيُمضي بقية حياته وراء القضبان، إن ظل على قيد الحياة حتّى المحاكمة أصلاً”.

16