تركيا في إعلان دعائي لعودة تعافي سوق العقارات

الروس والأوكرانيون شكلوا أكثر من 25 في المئة من المبيعات للأجانب في مايو.
الخميس 2022/06/16
يتحدثون عن انتعاش، لكن أين الزبائن؟

تحاول تركيا، مع اشتداد أزماتها الاقتصادية في كل مرة يتجاوز فيها التضخم حدوده اللامعقولة وتنهار فيها الليرة أكثر، ترويج فكرة أن قطاعاتها، بما فيها سوق العقارات، تشهد مرحلة تعافٍ بفضل الخطط الحكومية. لكن البعض من الخبراء يعتقدون أن من المبكر الحكم على ذلك في ظل الارتباك في إدارة الوضع.

إسطنبول - حملت أحدث البيانات التي أعلنت عنها تركيا بشأن نشاط سوق العقارات في طياتها الكثير من علامات الاستفهام بشأن مدى تحقيق الحكومة أهدافها لإنعاش هذا القطاع الذي شهد لأشهر حالة من عدم اليقين.

وفي آخر إعلان دعائي لها أظهرت أرقام معهد الإحصاء الأربعاء أن مبيعات المنازل ارتفعت بنسبة 107.5 في المئة خلال مايو الماضي على أساس سنوي لتصل إلى أكثر من 122.7 ألف عقار، مع تصدر الروس للمشترين الأجانب للشهر الثاني على التوالي.

وقال المعهد في تقرير يرصد السوق إن “المبيعات للأجانب قفزت بنسبة 235.7 في المئة على أساس سنوي إلى 5962 وحدة، في سعيهم للاستفادة من مخطط حكومي يمنح الجنسية التركية لمن يشترون منازل”.

غول غول: الأجانب تكدسوا في السوق بعد إجراءات مايو الماضي

وأعلنت الحكومة الشهر الماضي أنها ستمنح قروضا رخيصة للإسكان ستقدم إلى الذين يحولون مدخراتهم بالعملة الأجنبية إلى الليرة أو يبيعون ما لديهم من ذهب للمركزي كي يتم استخدام ذلك في شراء مساكن تصل قيمتها إلى مليوني ليرة (131 ألف دولار).

وأكدت مصادر في القطاع أن المبيعات للأجانب ارتفعت قبل أن يدخل قانون يرفع الحد الأدنى من قيمة الشراء للمخطط إلى 400 ألف دولار من 250 ألف دولار حيز التنفيذ هذا الأسبوع.

ونسبت وكالة رويترز إلى غول غول، مؤسسة شركة غولدن ساين لبيع العقارات، قوله إن “الأجانب تكدسوا في سوق العقارات بعد الإعلان عن الإجراء الشهر الماضي”. وأضافت أن “الأجانب أجروا عمليات شراء مكثفة حتى لا يتأثروا بارتفاع الأسعار”.

وقفزت أسعار المساكن على مدار الاثنى عشر شهرا الماضية يغذيها تضخم وصل إلى 73.5 في المئة، وهو أعلى مستوى له في عقدين، وأيضا تزايد السكان المحليين بالإضافة إلى تدفق مطرد للمهاجرين.

وتصدر المواطنون الروس قائمة المشترين مرة أخرى في مايو بواقع 1275 وحدة سكنية من 1152 وحدة في الشهر السابق، وتبعهم الإيرانيون والعراقيون. ووفقًا للبيانات، شكل الروس والأوكرانيون أكثر من 25 في المئة من المبيعات للأجانب.

وتؤكد شركات عقارية محلية أن الأثرياء الروس يضخون الأموال في العقارات في تركيا والإمارات سعيا وراء ملاذ مالي في أعقاب العقوبات الغربية التي فرضها الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة على بلدهم.

وقالت ماكبول يونل مايا، المديرة العامة لشركة الاستشارات العقارية تي.أس.كا.بي، “بصرف النظر عن الحد الأعلى للجنسية، ارتفعت المبيعات للأجانب أيضا بسبب ارتفاع الطلب من الروس بعد نشوب الصراع في أوكرانيا”.

وتجلب المبيعات للأجانب أيضا العملات الأجنبية إلى الاقتصاد التركي، مما يساعد على دعم الليرة المنهارة التي تعرضت لسلسلة طويلة من الضغوط أفقدتها أكثر من 45 في المئة من قيمتها منذ بداية هذا العام.

نظام الدين آسا: القطاع كان متذبذبا على مدى الأشهر الثلاثة الماضية

لكن لا يمكن تحديد قيمة التدفقات التي يمكن أن تجنيها أنقرة من وراء ذلك، خاصة وأن سوق العقارات لا تزال تحتاج إلى دفعة قوية باعتبارها قطاعا يعكس الواقع الحقيقي للاقتصاد إلى جانب قطاعات أخرى استراتيجية في مقدمتها السياحة والاستثمار.

ويقدر مسؤولو القطاع أن سوق العقارات جلبت قرابة 10 مليارات دولار إلى الاقتصاد التركي في نهاية العام الماضي بفضل مبيعات المنازل للأجانب، والتي تجاوزت نحو 58.5 ألف وحدة سكنية.

وبشكل منفصل، أظهرت البيانات أن المبيعات المرهونة لشهر مايو ارتفعت بنسبة 177.8 في المئة عن العام السابق لتصل إلى أكثر من 29.3 ألف عقار، وهو ما يمثل 23.9 في المئة من إجمالي المبيعات في هذه الفترة.

وتبقى مشكلة الإيجارات أحد أبرز المحددات في السوق حيث تهدف تركيا إلى وضع حدّ للزيادات السنوية لإيجارات المنازل عند 25 في المئة، إذ تضغط زيادة التضخم على الحكومة قبل عام على حلول موعد الانتخابات الرئاسية.

وتبرز حالة من التذمر بين الأتراك جراء ارتفاع أسعار الإيجارات التي قالت منصة “ساهيبندن دوت كوم” الأسبوع الماضي إنها ارتفعت بمتوسط 147 في المئة في إسطنبول بالنسبة إلى المستأجرين الجدد الذين وقّعوا العقود في مايو.

وأفادت صحيفة “سوزجو” المحلية في أبريل الماضي بأن ملاك العقارات يحاولون إخلاء الساكنين وتوقيع عقود جديدة بأسعار أعلى، مع تضاعف عدد الدعاوى القضائية المرفوعة ضد المستأجرين.

وتكافح السلطات، مع الزيادة المذهلة في الإيجارات وأسعار المنازل التي ارتفعت بشكل مقلق خلال الفترة الماضية وسط موجة من المشترين الأجانب، لوضع ضوابط من أجل تعديل بوصلة سوق الإسكان تحديدا.

وقال وزير العدل التركي بكير بوزداغ الأربعاء الماضي إن “الحكومة ستدرج بندا جديدا في قانون الالتزامات ينص على وضع حد للزيادة في الإيجارات، وقد يسري اعتبارا من يوليو ويستمر لمدة عام”.

ماكبول يونل: نمو مبيعات المنازل مرده ارتفاع الطلب من الروس

وبموجب القانون الحالي يُحدَّد ارتفاع الأسعار مرة واحدة في العام للمستأجرين الحاليين ويعادل متوسط معدل التضخم السنوي على مدار الأشهر الاثنى عشر الماضية.

وفي وقت سابق هذا الشهر قال رجب طيب أردوغان إن “أمام البنك المركزي التركي فرصة ضئيلة لرفع أسعار الفائدة في أي وقت قريب”، وهو يسعى من خلال هذه الضغوط إلى تعزيز الاقتصاد قبل ذهابه إلى الانتخابات التي يراهن عليها لولاية جديدة.

وقال نظام الدين آسا، رئيس جمعية لأصحاب العقارات في إسطنبول، لوكالة بلومبرغ الأسبوع الماضي إن “هذه ليست سوقا عادية بأي حال من الأحوال، فعلى مدى الأشهر الثلاثة الماضية شهدنا نشوب معارك وتهديدات وترهيب ورفع دعاوى قضائية”.

وأضاف أن “كلّا من المالك والمستأجر على حق، وكلاهما يكافح لكسب لقمة العيش”.

واعتبر إنجين ألتاي، وهو نائب برلماني شديد الانتقاد لسياسة الحكومة، أن “وضع سقف للإيجارات “يجسد إفلاس سياسة اقتصادية مطبقة منذ 20 عاماً” تركز على مساعدة صناعة البناء.

وحث إنجين، وهو ينتمي إلى حزب الشعب الجمهوري، أردوغان على “وضع حد للزيادات في الغاز الطبيعي والديزل والكهرباء”، عوضا عن تحديد سقف الإيجارات.

10