عُمان تطمح للتحول إلى مركز إقليمي لتجارة الهيدروجين الأخضر

رهان على توسيع الشراكات الاستراتيجية لتطوير مشاريع القطاع.
الخميس 2022/06/16
هذه فقط مجرد نواة لأعمالنا القادمة

وضعت الحكومة العمانية أهدافا طموحة لتحويل البلد الخليجي إلى مركز إقليمي في إنتاج وتصدير الهيدروجين الأخضر في غضون سنوات بعد سلسلة من الخطوات بلور فيها المسؤولون خططهم المتعلقة بمسح البصمة الكربونية في شكل شراكات وتحالفات استراتيجية لتطوير مشاريع هذا القطاع الواعد.

مسقط - حددت سلطنة عُمان أهدافا أساسية لتطوير اقتصاد الهيدروجين البيئي ضمن خططها الداعمة للجهود الدولية لإزالة الكربون وضمن سياسة الإصلاح الاقتصادي المنسجمة مع رؤية 2040، وفي الوقت ذاته رفد خزينة الدولة بعوائد مستدامة.

ويشكل الهيدروجين الأخضر قاطرة التحولات إلى الطاقة المراعية للبيئة، حيث تتزايد رهانات البلدان المتقدمة وأيضا في منطقة الخليج على الاستثمار في هذا المجال لتخفيف الاعتماد على الوقود الأحفوري مما يمهد لقلب خارطة الطاقة العالمية.

ويأتي في مقدمة طموحات عُمان، التي تعد أضعف الاقتصادات الخليجية، التركيز على أمن إمدادات الطاقة محليا وعالميا مع تعزيز برامج التنويع الاقتصادي وتعظيم القيمة المحلية من هذه الموارد المهمة.

وتعمل مسقط على أن تكون ضمن كوكبة الدول المنتجة للهيدروجين الأخضر الذي باتت دول المنطقة تستثمر فيه، مستفيدة من المقومات الرئيسية لإنتاجه والمتمثلة في الطاقة الشمسية وطاقة الرياح.

عبدالعزيز الشيذاني: نعمل على تطوير الفرص وتقييم الحاجة إلى قانون خاص بالقطاع

وينبع إصرار المسؤولين على الدخول في هذا المسار من كون بلدهم ذا تجربة في إنتاج الطاقة وتصديرها وكذلك مركزيته في الأسواق وطرق التجارة العالمية وعلاقاته التي بناها لسنوات مع الشركاء الدوليين.

وتتوقع الوكالة الدولية للطاقة المتجددة أن أكثر من 30 في المئة من الهيدروجين ستكون قابلة للاتجار عبر الحدود في السنوات الثلاثين المقبلة، متفوقا بذلك على حصة الغاز الطبيعي اليوم.

وتدرك الحكومة العمانية أن الشراكة ضرورية لتحقيق هذا الهدف، ففي أغسطس الماضي قامت وزارة الطاقة بتأسيس تحالف وطني للهيدروجين الأخضر يعرف باسم “هاي فلاي” لتعزيز تموقع البلد على خارطة تطوير إنتاج الهيدروجين النظيف.

وضم التحالف 13 مؤسسة رئيسية من القطاعين العام والخاص والتي ستعمل معا على دعم وتسهيل إنتاج الهيدروجين ونقله والاستفادة منه محليا وتصديره بما ينسجم مع خطط تنويع مزيج الطاقة.

وفي منتصف مارس الماضي وجه السلطان هيثم بن طارق خلال ترؤسه لاجتماع مجلس الوزراء بالعمل على تسريع إجراءات تنظيم قطاع الهيدروجين الأخضر ووضع الأطر القانونية والسياسات اللازمة لنمو وتخصيص المواقع التقنية وإعداد الدراسات اللازمة لذلك.

كما أمر بإنشاء مديرية تُعنى بالطاقة النظيفة وطاقة الهيدروجين ضمن الهيكل التنظيمي لوزارة الطاقة مع تأسيس شركة لتنمية هذا القطاع. وأكد عبدالعزيز الشيذاني مدير عام المديرية العامة للطاقة المتجددة والهيدروجين أن وزارة الطاقة بصدد تعيين “بيت خبرة متخصص” لتقييم ودراسة التشريعات القائمة المتعلقة بالقطاع والاستثمار فيه ومدى كفايتها وملاءمتها.

وتأتي الخطوة كمرحلة أولى قبل البدء بتطوير فرص في القطاع والعمل بالتوازي على تحديد الحاجة إلى المزيد من التشريعات ومدى الحاجة إلى قانون خاص لتنمية القطاع.

ونسبت وكالة الأنباء العمانية الرسمية إلى الشيذاني قوله إن "الحكومة تسعى إلى استقطاب الاستثمارات الأجنبية المباشرة لقطاع الهيدروجين الأخضر"، مؤكدا أن هناك إقبالا جيدا للمستثمرين.

وتعكف وزارة الطاقة خلال المرحلة الحالية على توحيد الجهود مع الجهات الأخرى المعنية بالاستثمار وتطوير السياسات المناسبة والأطر القانونية والتنظيمية والدراسات الأساسية للقطاع.

استثمار مركز لتخفيف الاعتماد على الوقود الأحفوري
استثمار مربح لتخفيف الاعتماد على الوقود الأحفوري 

ويأمل الشيذاني في أن تكلل المشروعات القائمة في سلطنة عُمان في هذا المجال، والتي هي حاليا في مراحل مختلفة من التطوير، بالنجاح وأن تحقق أهدافها وتؤتي ثمارها قريبا.

ومن الاستثمارات المهمة في البلاد هايبورت الدقم لإنتاج الهيدروجين الذي يعد من المشاريع الاستراتيجية، التي يتم تطويرها بالشراكة بين شركة النفط العمانية (أوكيو) ومجموعة ديمي البلجيكية.

ومن المقرر أن يُقام هذا المشروع في جزء من المنطقة المخصصة للطاقة البديلة بالمنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم على مساحة تقدر بنحو 150 كيلومترا مربعا.

وسيتم إنشاء محطة لتوليد الطاقة من الرياح ومحطة لإنتاج الطاقة الشمسية بقدرة مشتركة تبلغ 3.1 غيغاواط تنفذ على مراحل قابلة للتوسع.

واستكمل مشروع هايبورت الدقم تركيب وتشغيل 4 صواري رياح للأرصاد الجوية ومحطتين للأرصاد الجوية الشمسية داخل الموقع للتأكد من الإمكانات الواعدة والمتميّزة للدقم طوال العام في مجال توليد الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، ومن ثم البدء في إنشاء مصنع لإنتاج الهيدروجين والأمونيا.

ويندرج المشروع ضمن استراتيجية مسقط لتطوير محافظة الوسطى بشكل عام والمنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم بشكل خاص والإسهام في تحقيق تطلعات الطاقة المتجددة وأهداف "رؤية 2040".

◙ مشروع هايبورت الدقم يندرج ضمن استراتيجية مسقط لتطوير محافظة الوسطى بشكل عام والمنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم بشكل خاص

ويقول المسؤولون إن المشروع سيقوم بدور كبير في زيادة وتيرة الاستثمارات في منطقة الدقم وتشجيع الكثير من الجهات على التحول إلى الطاقة الصديقة للبيئة.

وسيتم في المرحلة الأولى من المشروع إنشاء معمل إنتاج الهيدروجين الأخضر بتقنية التحليل الكهربائي للماء بطاقة 500 ميغاواط في منطقة الدقم، ستولد 330 ألف طن من الأمونيا الخضراء سنويا.

وسيُلبي المشروع، الذي من المخطط أن يبدأ تشغيله بحلول عام 2027، الطلب العالمي على الهيدروجين الأخضر، فيما سيتم خلال المراحل التالية تطوير سلسلة القيمة وتُوسَّع بحيث تتحول منطقة الدقم إلى مركز لإنتاج الهيدروجين الأخضر في السلطنة والمنطقة.

وكان جهاز الاستثمار قد أبرم اتفاقية مع شركتي أكوا باور السعودية وإير برودكتس الأميركية لإقامة محطة لإنتاج الأمونيا باستخدام الهيدروجين الأخضر.

ومن المزمع أن يقام المشروع في المنطقة الحرة بصلالة وسيتم تزويده بأحدث التقنيات المتقدمة والتكامل المبتكر للطاقة المتجددة من الطاقة الشمسية والرياح والتخزين وإنتاج الهيدروجين باستخدام عملية التحليل الكهربي وإنتاج النيتروجين عبر فصل الهواء وإنتاج الأمونيا الخضراء.

وذكر مسؤول في أوكيو، لم تكشف وكالة الأنباء العمانية هويته، أن بلاده لديها الإمكانات والقدرات الطبيعية من الطاقة الشمسية والرياح لتكون من أهم دول العالم الجاذبة لمشاريع الهيدروجين الأخضر وقيادة الصناعات الخضراء.

وأكد أن الحكومة تعول كثيرا على الكوادر العمانية المتخصصة والشركات المحلية والتقنيات العالية القادرة على توطين هذه النوعية من المشاريع في المستقبل.

وأوضح أن استخدام الهيدروجين الأخضر في القطاعات الصناعية واللوجستية والبنية الأساسية يعد مهما وممكنا وأساسيا للاستثمارات، مشيرا إلى أن هناك استثمارات استراتيجية بالبلاد في هذا الخصوص.

بيئة مواتية لجميع المشاريع العملاقة
بيئة مواتية لجميع المشاريع العملاقة 

11