مصور يلتقط قصص الوجوه ويحلم بإيصال الهوية العُمانية إلى العالمية

المصور العماني محمد الشعيلي: لكل فنان عين تختلف عن العين الأخرى.
الثلاثاء 2022/06/14
كل وجه هو في حدّ ذاته قصة

للصورة الفوتوغرافية وقعها الاستثنائي الذي يتجاوز وقع الكلمة، ولتحقيق ذلك لا بد للصورة من رسالة وقصة، وبحثا عنهما يسافر المصور الفوتوغرافي باحثا في الإنسان والأماكن، حيث يلتقط الجماليات بعناية فيما يكون هاجسه ما ستحكيه الصور وما يصاحبها من تفاصيل فنية متعددة، وهذا هو رهان المصور العماني محمد بن سليمان الشعيلي.

خميس خاطر

مسقط - يأتي المصور الفوتوغرافي محمد بن سليمان الشعيلي بواقع فوتوغرافي مغاير مع حدث الصورة، فبالرغم من حداثة تجربته في هذا المجال إلا أنها استثنائية وقادرة على الوصول إلى العالمية، وهو ما يؤكده تتويجه بالعديد من الجوائز الدولية أبرزها الميدالية الذهبية عن صورته “تفكير” في مسابقة بينالي الشباب الدولي للتصوير الضوئي (الفياب FIAP) في دورتها الـ40، ضمن فئتي تحت 16 سنة وتحت 21 سنة، خلال حفل أقيم في قصر فيكيو بمدينة فلورنسا الإيطالية، وحصوله على المركز الرابع في مسابقة كأس العالم بألمانيا على مستوى الشباب، وفوزه بميدالية “أفضل مصور شاب” عن صورته “life”، كما حصل على الميدالية الذهبية كمصور شاب في فرنسا.

ويطوف الشعيلي بعدسته ليقترب من الإنسان، ويغوص في أفكاره محاولا تسجيل العديد من الرؤى المتداخلة لتخرج بعد حين في هيئة صورة ملونة غير مكررة، ويسعى إلى توثيق فكرة صوره حيث المختلف من الأشياء وطبيعتها.

عين مختلفة

عين المشاهد دائما تبحث عن العمل الفني المختلف الذي يحمل طابعا فريدا من نوعه وقادرا على جذبه

الراصد لأعمال الشعيلي الفوتوغرافية يجد أن أفكاره رغم أنها تتخذ اتجاهات فنية متعددة، فإنها تركز على حياة “الإنسان” بتجليات بيئته المحلية وثقافته وتعدد مساراته؛ فصوره على الرغم من أنها أخذت حيزا كبيرا على سبيل المثال من موسم قطاف الورد في الجبل الأخضر، إلا أنها في المقابل توثق ما خرجت به جائحة كورونا من أحداث متعاقبة. ولا يغفل الشعيلي رؤية الفن بالفن، فهو قريب من الواقع الاجتماعي الثقافي للإنسان في سلطنة عمان، ومهتم بالأزياء والإكسسوارات التي طالما شكلت جزءا لا يتجزأ من حياته.

ويتحدث الشعيلي عن حصوله على الميدالية الذهبية عن الصورة الفوتوغرافية البصرية “تفكير”، وعن ماهية تلك الصورة في الوقت ذاته، ويشير إلى أنه شارك بها لكونها عملا أحاديا يمثل حيرة وتفكير عامر الحجري أحد كبار المعمرين بولاية بدية العمانية، فدائمًا تكون الوجوه مصدر إلهام له. ويتحدث المصور الشعيلي عن المسابقات الفوتوغرافية التي يراها موجودة بشكل كبير، لكن يجب على كل مصور أو فنان البحث عنها بتمعن واستغلال شبكة الإنترنت.

وللشعيلي الكثير من الأعمال التي توثق الخنجر العماني بأنواعه المختلفة، ولم تأت لتكون عبثية، وإنما خطط لها بعناية لما لهذا الخنجر من حضور بارز في حياة الإنسان في سلطنة عمان.

ويشير الفوتوغرافي إلى أن التصوير أصبح بالنسبة إليه أسلوب حياة، يمارسه كي يحظى بجرعة من السعادة، وينقل في غالب الأحيان ما يدور في باله ويعبّر عن مشاعره، فالتصوير كما يرى له دور كبير في نقل الرسالة البصرية الرائعة سواء كانت رسالة شخصية أو رسالة مجتمعية.

وللمصور الشعيلي التقاطات فنية غير اعتيادية، وهذا ما أوجد له الحضور الفني النوعي في جملة من المسابقات المحلية والدولية. ويشير في هذا الإطار إلى أن لكل فنان عينا تختلف عن العين الأخرى؛ فلكل فنان ‏-سواء كان مصورًا أو رسامًا- نظرته الخاصة وعمله الخاص الذي يمثل به نفسه، ولكن عين المشاهد تبحث دائمًا عن العمل المختلف الذي يحمل طابعًا فريدًا من نوعه في تفرد قادر على الجذب، خاصة عندما يتعلق الأمر بالمحكمين في المسابقات.

الهوية العُمانية

قريبا من الواقع الاجتماعي والثقافي للإنسان العماني
قريبا من الواقع الاجتماعي والثقافي للإنسان العماني

حول مسألة ما أضافته المسابقات إلى المصور وما يؤثث مشروعه الإبداعي، يوضح الشعيلي أن المسابقات ليست معيارًا للنجاح، لكنها ميدان تنافس شريف تساعد المصورين على تفعيل شغفهم لما تحمله من روح تنافسية وقيمة فنية عالية، وعادة ما تكون سببا في النجاح ودافعًا إلى الاستمرارية ومواصلة المشوار الفني.

وللشعيلي حضور بارز يركزه على التقاط روح الإنسان العماني وألقه، سعيا إلى التقاط صوره خاصة التي تجسد البيئة العمانية بتنوعها. ولطالما كانت الحياة العمانية محفزة على الاكتشاف البصري في مجال الصورة الفوتوغرافية حيث إنسانها وطبيعتها وتاريخها، وثراؤها بالتقاليد والعادات والفنون والأزياء، كما أن بيئته تشكل مصدر إلهام له وباعثا على الاستمتاع، فهو يهوى تصوير وجوه الناس لأن كل وجه هو في حد ذاته قصة، كما لكل صورة حكاية حسب تعبيره الفني.

ولكل متقن هدف، وهدف الشعيلي هو الوصول بالهوية العُمانية إلى العالمية بشكل يليق بوجودها، هذا ما سيلحظه كل متتبع لأعماله الفنية وهو يرى أن الهوية العُمانية سفر في عوالم متداخلة من الجمال والاكتشاف، وإبداع غير اعتيادي تشكل بفعل ما تقدمه الحياة في عمان من عادات وتقاليد أصيلة عرف بها الإنسان العربي؛ فسلطنة عُمان بلد غني بتراثه الإنساني ومخزونه الفكري وهذا أمر محفز على أن يكون لكل فنان إبداعه الخاص، يتضح جليا في الأعمال الفائزة لأغلب الفنانين العُمانيين.

Thumbnail
14