ضغوط لإقرار تدابير جريئة تسرع وتيرة إزالة الكربون في قطاع الطيران

المجلس الدولي للنقل النظيف يرى أن انبعاثات قطاع الطيران بالأرقام المطلقة يجب أن تبدأ في الانخفاض قبل نهاية العقد.
الجمعة 2022/06/10
تحديات بالجملة

باريس - أكد مركز أبحاث يعنى بقطاع النقل الخميس أن ثمة حاجة ماسّة إلى سياسات عامة “سريعة وجريئة ومستدامة” لضمان تطابق وتيرة إزالة الكربون في قطاع الطيران مع أهداف الحد من الاحترار المناخي.

ولدى معظم الخبراء قناعة بأن مسح القطاع بصمته الكربونية، والذي ينسجم مع الخطط العالمية لخفض الانبعاثات الملوثة للبيئة يبدو مليئا بالتحديات قبل الوصول إلى الهدف حيث يتطلب وقتا أطول بالنظر إلى العديد من المحددات التي سترسم هذا الاتجاه.

ويواجه قطاع الملاحة الجوية معضلة صعبة لمراعاة البيئة، حيث يخوض المحللون منذ فترة نقاشات حول ما إذا بإمكان الشركات المواءمة بين تسيير المزيد من الرحلات وخفض انبعاثات الكربون الناتجة عن أساطيلها للمساهمة في الجهود الدولية لحماية المناخ.

وتتمثل أهم التحديات في إنفاق الكثير من الأموال والاستغراق وقتا طويلا في إحلال الأساطيل التقليدية من الطائرات بأخرى منخفضة الكربون وتغيير البنية الأساسية الحالية وإقرار معايير السلامة والأمان.

الوقود النظيف سيقلص ميزانية الكربون إلى 22.5 جيغاطن بحلول 2025

واعتبر المجلس الدولي للنقل النظيف (آي.سي.سي.تي) في دراسة حديثة أن انبعاثات قطاع الطيران بالأرقام المطلقة يجب أن تبدأ في الانخفاض قبل نهاية العقد، وإذا أمكن قبل عام 2025، للبقاء “ضمن هوامش” اتفاق باريس المناخي الموقع عام 2015.

ووضع المجلس ثلاثة سيناريوهات، أولها “سيناريو أساسي” لا يتم فيه اتخاذ أي إجراء، ما يعني انبعاثات لقطاع الطيران قدرها 48.6 جيغاطن من ثاني أكسيد الكربون بين عامي 2020 و 2050، وبالتالي مسار احترار قد يتجاوز درجتين مئويتين، الحد الأقصى الذي حددته القمة المناخية “كوب21”.

وباستثناء الحدّ بشدة من نمو حركة الملاحة الجوية أو الشروع في عمليات احتجاز الكربون، لا يتوقع أي من سيناريوهات آي.سي.سي.تي انخراط قطاع الطيران في مسار حصر الاحترار بواقع 1.5 درجة مئوية، وهو الهدف الأكثر طموحا بموجب اتفاق باريس.

لكن إذا تم اتخاذ أكبر قدر من التدابير، مثل الاستخدام المكثف لوقود الطيران المستدام المطور من الكتلة الحيوية أو الاعتماد مستقبلا على مزيج من ثاني أكسيد الكربون والهيدروجين الأخضر، فإن “ميزانية الكربون” للطيران في الفترة ما بين 2020 و2050 يمكن أن تتراجع إلى 22.5 جيغاطن، بما يتوافق مع احترار بواقع 1.75 درجة مئوية.

وحسب تقديرات خبراء آي.سي.سي.تي ستكون “التدخلات السريعة والقوية والمستدامة” من الحكومات ضرورية في حال اعتماد هذا النموذج، “لإطلاق استثمارات ضخمة في أجهزة ووقود عديمة الانبعاثات”.

وفي هذه الحالة، في عام 2050، “ستنخفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في الهواء بنسبة 94 في المئة مقارنة بمستويات عام 2019”.

وأيدت شركات الطيران المنضوية ضمن الاتحاد الدولي للنقل الجوي (إياتا)، هدف بلوغ “صافي الانبعاثات الصفرية” بحلول عام 2050.

Thumbnail

ولتحقيق ذلك، تعتمد الشركات بنسبة 65 في المئة على وقود الطيران المستدام، لكن أيضا على كفاءة تشغيلية أفضل على صعيد المسارات والعمليات الأرضية وما إلى ذلك، وكذلك على نظام احتجاز الكربون وتداول حصص الانبعاثات.

ويقدر إياتا التكلفة بأكثر من 1.55 تريليون دولار على مدى العقود الثلاثة المقبلة.

وتظهر مؤشرات إياتا أن شركات الطيران حسنت فعاليتها في مجال الطاقة خلال الفترة الفاصلة بين 2009 و2019 بنسبة 21.4 في المئة لكن ذلك لم يحل دون زيادة انبعاثات القطاع.

ولا تخطط شركات الطيران لتقليص حركة الملاحة أو على الأقل الحد من نموها، وفق ما تطالب به بعض المنظمات غير الحكومية، فهي تنوي نقل 10 مليارات مسافر في منتصف القرن الحادي والعشرين، مقارنة بنحو 4.5 مليار مسافر في العام 2019.

وحاليا ثمة ما يزيد على 50 في المئة من رحلات الطيران العالمية تقطع مسافة أقل من 1111 كيلومترا، لكنها لا تمثل سوى واحد في المئة فقط من إجمالي مسافة الطيران على مستوى العالم.

وتشمل الابتكارات المطلوبة مخصصات لمجموعة الدفع والحركة مثل المحركات الكهربائية وخلايا الوقود أو التوربينات المعدلة والانتقال إلى الوقود الخالي من الكربون.

وهذه الابتكارات ممكنة من الناحية التقنية وقد جربت على طائرات جديدة كثيرة وأثبتت نجاحها في الرحلات الجوية للمسافات القصيرة، غير أنه لم يطرح أي منها للاستخدام التجاري حتى الآن.

ورغم أن المستثمرين سيلعبون دورا كبيرا لترسيخ هذا الاتجاه، غير أن الأمر يحتاج إلى سياسة وقواعد تنظيمية قوية في النهاية من أجل إثبات أن هذه التقنيات آمنة.

11