قرار جريء بمنع الإضراب في قطاعي القضاء والأمن في الدستور التونسي الجديد

تونس - يقوم الرئيس التونسي قيس سعيّد بجملة من الإصلاحات التي تشمل عددا من القطاعات، بما في ذلك قطاع الأمن والقضاء، وسط محاولات للعرقلة من قبل بعض النقابات التي تشكلت بعد الثورة.
وفي خضم الجدل المتعلق بإضراب القضاة الذي لا يزال قائما وشمل عددا من المحاكم، بعد قرار الرئيس التونسي عزل 57 بتهم تتعلق بالفساد والرشوة، ورفضا لقرار حل المجلس الأعلى للقضاء وتعيين مجلس مؤقت بمرسوم رئاسي، كشف العضو في اللجنة الاستشارية التي تعد لمشروع دستور جديد في تونس أمين محفوظ أن حظر الإضرابات في الدستور سيجري في قطاعي القضاء والأمن.
وأضاف أمين محفوظ في تصريح لقناة التاسعة "الخاصة" مساء الثلاثاء أنه لن يسمح للقضاة ورجال الأمن، بالإضافة إلى العاملين في الجمارك، بالإضراب، وسيدرج هذا المنع في الدستور الذي يجري إعداده ليعرض على الاستفتاء يوم الخامس والعشرين من يوليو المقبل.
ويرى أمين محفوظ أن القرار واقعي كون هذه القطاعات تمثل الدولة التونسية، ولا يمكن بأي حال من الأحوال الإضراب فيها كما حصل مؤخرا في قطاع القضاء، والذي أضر بمصالح المواطنين والمتقاضين.
والسبت الماضي صوت أغلب الحاضرين في المجلس الوطني الطارئ لجمعية القضاة التونسيين بالموافقة على مبدأ الدخول في الإضراب في كافة المرافق القضائية، طيلة أسبوع قابل للتجديد.
وقررت الجمعية الدخول في اعتصامات مفتوحة في كل مقرات الهياكل النقابية القضائية وعدم الترشح للمناصب القضائية لتعويض القضاة المعزولين، بالإضافة إلى عدم الترشح للمناصب في الهيئات الفرعية التابعة لهيئة الانتخابات.
وتشكلت النقابات في قطاع الأمن بعد سقوط نظام زين العابدين بن علي إثر احتجاجات 2011، ودخلت في خلافات حادة مع الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي عندما تولى رئاسة الحكومة بعد الثورة.
والأمر نفسه في قطاع القضاء، حيث تشكلت هيئات ونقابات قضائية هدفت، وفق تصوراتها، إلى الدفاع عن حقوق مهنية ومطلبية للقضاة، لكنها اتهمت كما هو الحال مع النقابات الأمنية بالتدخل في الوضع السياسي وبأنها تحولت إلى واجهة لبعض الأحزاب والقوى السياسية، ما عرقل جهود الإصلاح خلال العشر سنوات الماضية.
وقد تعرض إضراب القضاة الأخير لانتقادات كبيرة، حيث اعتبر نوعا من التضامن المهني الأعمى في مواجهة محاولات مؤسسة الرئاسة إصلاح القطاع الذي نخره الفساد، كما هو الحال مع قطاعات أخرى خلال العشرية التي توصف بالسوداء.
وطالب رابح الخرايفي، أستاذ القانون الدستوري وأحد أبرز مؤيدي الرئيس سعيّد، بضرورة حل النقابات في قطاعي الأمن والقضاء. كما دعا إلى الاقتطاع من رواتب المضربين من القضاة.
وكان الرئيس قيس سعيّد طالب وزيرة العدل ليلى جفال بداية الأسبوع الجاري بالعمل فورا على الاقتطاع من رواتب المضربين.
ويقول المدافعون عن قرار منع الإضراب في قطاعي الأمن والقضاء إنه لا يمكن بأي حال من الأحوال الإضراب في قطاعات تمثل السلطة، لأن فيه تهديدا للأمن القومي ومسا بمصالح الدولة والشعب.
لكن الرافضين لهذا التوجه يعتبرون الأمر محاولة من السلطة السياسية الحالية للسيطرة على القطاع وتطويعه بذريعة الإصلاح.
وقد قرر الرئيس التونسي البدء في عملية إصلاح القضاء بعد الخامس والعشرين من يوليو الماضي، حيث قرر في السادس من فبراير الماضي حل المجلس الأعلى للقضاء، مؤكدا أن "المجلس أصبح من الماضي"، متهما إياه بالفساد وداعيا إلى ضرورة إصلاح المنظومة القضائية.
ويرى مراقبون أن القضاء التونسي تعرض للاختراق من قبل الأحزاب والمنظمات، بعد قرار وزير العدل الأسبق نورالدين البحيري عزل أكثر من ثمانين قاضيا بذرائع مختلفة، ما فتح المجال أمام الإسلاميين للسيطرة على القطاع لتحقيق مصالح حزبية.