أطفال لاجئون يجبرون على ترك مدارسهم في غزة

تقليص الأونروا لخدماتها والحروب أبرز الأسباب لتدهور الحياة الاقتصادية والاجتماعية في قطاع غزة.
الخميس 2022/06/02
معاناة تفاقمها أجندات حماس

غزة - دفعت الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يعاني منها قطاع غزة أطفالا لاجئين إلى التخلي عن مقاعدهم الدراسية والتوجه إلى سوق العمل لمساعدة عائلاتهم الفقيرة.

وأحمد الأغبر واحد من هؤلاء الأطفال، حيث يعيش مع عائلته المكونة من 13 فردا في بيت قديم ومتهالك في مخيم “الشاطئ” للاجئين الفلسطينيين غرب مدينة غزة، ثالث أكبر المخيمات اكتظاظا بالسكان في القطاع.

ويشتكي الأغبر من الفقر الشديد الذي حال دون تمكنه من استكمال دراسته في إحدى مدارس وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) التي تقدم الخدمات لسكان المخيم منذ عامين، مما دفعه إلى التوجه إلى البحر للعمل مع والده في مهنة الصيد.

درداح الشاعر: وقف الدعم الأميركي للأونروا تسبب في تضرر التعليم

ولم يستطع والد الطفل توفير أدنى متطلبات الحياة له ولإخوته خلال فترة دراستهم من حيث الحصول على المصروف اليومي وشراء الزي المدرسي مثل باقي الطلاب.

ويقول أحمد “دوما كنت أشعر بأنني أقل من مستوى أصدقائي الاجتماعي والاقتصادي، في وقت كانوا يتنمرون على وضعي ويعتبرونني شخصا غير مرغوب به بينهم”.

وما زاد الأمر سوءا، هو أنه عندما كان يعود إلى منزله لا يجد طعاما ولا مالا، وعن ذلك يقول الطفل ذو الجسد النحيف “كنت أضطر أن آكل مرة واحدة فقط في اليوم”.

وفي محاولة للتخفيف من العبء المالي على والده الذي يعمل صيادا، قرر الطفل ترك المدرسة والتوجه إلى العمل من أجل جني القليل من المال لإحضار الخبز لإخوته.

ويقول “كنت أرغب أن أكمل دراستي وأن أصبح أستاذا في المستقبل، لكن الفقر والجوع لم يسمحا لي بتحقيق حلمي (…) اليوم أعتبر نفسي رجلا مسؤولا عن عائلتي ويجب علي أن أعمل من أجل مساعدة أشقائي”.

وقبل 16 عاما كانت عائلة الأغبر تعيش في مستوى اقتصادي واجتماعي مناسب وذلك قبل أن تفرض إسرائيل حصارا مشددا على قطاع غزة عقب سيطرة حركة المقاومة الإسلامية (حماس) عليه في عام 2007.

وتقول أم أيمن الأغبر جدة أحمد إن حياة عائلة ابنها “انقلبت رأسا على عقب” بسبب الحصار الإسرائيلي المفروض منذ 15 عاما، فأصبحت تعتمد بشكل أساسي على المساعدات المالية والغذائية التي تقدمها الأونروا.

وتضيف الجدة التي تشكو صعوبة الحال “أصبحت الأونروا تقلص خدماتها بشكل كبير عاما بعد عام، وخاصة المواد التموينية مما خلف عجزا في كمية الطعام للأطفال”.

Thumbnail

وما زاد الطين بلة، بحسب السيدة المسنة، هو شن إسرائيل لعدة حروب على قطاع غزة مما تسبب في تدهور شديد في كافة مناحي الحياة الاقتصادية والاجتماعية وحتى السياسية، وتقول “لم يعد لدى الناس أي أمل بالحياة”.

وكل ذلك ساهم بشكل كبير في تراجع المستوى التعليمي لدى أحمد مما اضطره إلى التخلي عن مقعده الدراسي مقابل أن يجني دولارين يوميا بعد أن يعمل لمدة 8 ساعات متواصلة.

ويعتمد معظم الفلسطينيين في قطاع غزة على المساعدات الغذائية والمالية والخدمات التعليمية والصحية التي تقدمها المؤسسات والمنظمات الدولية بما فيها الأونروا.

ولكن الأونروا تعاني من أزمة مالية خانقة منذ سنوات بسبب وقف الولايات المتحدة دعمها المالي للوكالة الدولية إثر مواقف سياسية من القضية الفلسطينية.

ويرى درداح الشاعر الأخصائي النفسي أن الأزمة المالية التي تعاني منها الأونروا تعد سببا رئيسيا في تقليص خدماتها التعليمية والصحية والغذائية التي تقدمها لسكان قطاع غزة وغالبيتهم من اللاجئين.

ويقول الشاعر إن وقف الدعم الأميركي للأونروا “تسبب في تضرر الحالة التعليمية في غزة خاصة بعدما توقفت مدارس الوكالة عن تقديم الأدوات اللوجستية التعليمية للطلاب مثل الدفاتر والأقلام وأيضا الوجبات الغذائية”.

Thumbnail

واعتبر أن تلك الخطوات “أثرت سلبا على حالة هؤلاء الطلبة النفسية، فأصبحوا يشعرون أن المدارس هي عبء أكثر من كونها مؤسسة تسعى لتعليمهم وتطويرهم وتهيئتهم ليكونوا بناة للمستقبل”.

وأضاف أن “الأمر شكل عبئا ماليا جديدا على الأسر التي تعاني أصلا من الفقر المدقع بسبب الحصار الإسرائيلي، لذلك نجد أن هناك عددا كبيرا من الطلبة الذين أصبحوا يكرهون التوجه إلى المدارس ويفضلون الهرب إلى سوق العمل لمساعدة الأهل في جني المال وتوفير الطعام اللازم”.

ويرى الشاعر أن المجتمع الفلسطيني سيدفع “ثمنا تربويا كبيرا” نتيجة ترك أبنائه للمدارس وخلق جيل جديد غير متعلم وغير قادر على المساهمة في بناء دولة عتيدة.

وأعرب عن خشيته من أن تتسبب الحروب وتقليص خدمات الأونروا في خلق جيل جديد “لا يؤمن بالعملية التعليمية والهوية الوطنية والتطور البشري، ما يعني عودة الحياة في غزة إلى الجهل مجددا”.

2