الثقافة وسيلة للتغيير في مهرجان بيروت للرقص المعاصر

العرض الإيطالي “ارا! ارا!” يفتتح النسخة الثامنة عشرة لللمهرجان .
الجمعة 2022/05/27
الرقص في مواجهة الواقع المؤلم

بيروت - انطلق مهرجان بيروت الدولي للرقص المعاصر “بايبود” في نسخته الثامنة عشرة، بعرض استُخدمت فيه البيارق على وقع طبول الحرب، فيما تركّز هذه الدورة التي تحمل عنوان “عصيان ثقافي” على دور الثقافة كـ”دافع للتغيير” السياسي.

وافتُتح المهرجان بعرض “ارا! ارا!” للثنائي الإيطالي جينيفرا بانزيتي وانريكو تيكوني يحاكي علاقة الجسد بالبيرق الذي يرمز إلى الانتماء إلى الأرض. وصدحت على مدى 50 دقيقة موسيقى قرع الطبول العسكرية المطعمة بنقيق الطيور، وتحرك على وقعها الراقصان بتناغم، مستخدمين بليونة بيرقين باللونين الأزرق والأصفر.

وبمناقبية عالية أسوة بالجنود تجلت بحركات الرجلين واليدين والرأس، لوّحا بالبيرق الذي بدا امتدادا للجسد، سلاحا للمقاومة حينا وأداة للاستسلام حينا آخر.

وأمام جمهور ملأ قاعة مسرح “بيريت”، قال مؤسس المهرجان عمر راجح في كلمة الافتتاح وإلى جانبه المديرة الفنية ميا حبيس “من خلال عنوان هذه النسخة نأمل في أن نمضي نحو تحقيق العدالة والمساواة والانفتاح والوعي ومواضيع كثيرة أخرى مرتبطة بالعرق واللون والجندرية”.

المهرجان يبحث كيف يمكن للثقافة أن تنخرط في المجال الاجتماعي والسياسي دون أن تفقد قيمها الفنية

وتستمر نشاطات المهرجان حتى التاسع والعشرين من مايو، وتقدّم هذه الدورة، إلى جانب عروض الرقص، أفلام فيديو وورش عمل وحوارات ونقاشات تتمحور حول موضوع العصيان الثقافي وتبث على منصة “سيتارن.لايف” للبث التدفقي، وهي عبارة عن مساحة أداء رقمية متعدّدة التخصّصات تهدف إلى استكشاف وسط فني جديد، وإعادة التفكير في مشهد الفنون المسرحية، والانخراط في بناء استراتيجية طويلة الأجل لتطويرها وإنتاجيتها، إلى مناقشة حول المستقبل وسياسة صنع الأداء وأشكال العروض.

وفي حين تقدم نسخ المهرجان كل عام من بيروت، أقيمت نسخة العام 2020 من مدينة ليون الفرنسية، وبثّ المهرجان مباشرة من ستّ مدن مختلفة هي جنيف وطهران ومدريد وتولوز وبرلين وبيروت.

وتتضمن نسخة العام الحالي برنامجا من العروض والفيديوهات والحوارات والمناقشات تتعلق بموضوع العصيان الثقافي، وتطرح جملة من الأسئلة حول: لم العصيان وما الهدف منه؟ وما هي الطريقة للعصيان؟

ويبحث المهرجان كيف يمكن للثقافة أن تتدخل وتنخرط في المجال الاجتماعي والسياسي دون أن تفقد ديناميكيتها وقيمها الفنية، وكم عدد الديناميكيات الثقافية التي تعكس مشهدا من الشمول والمساواة.

ويطرح “بيبود” تساؤلات ويترك لمن يشارك في دورته الحالية البحث عن إجابات عنها، ومنها ماذا يعني أن تكون فنانا؟ مبرمجا؟ وماذا يعني أيضا أن تكون جمهورا “نشطا” ولماذا؟ وتنطلق هذه الأسئلة من الحاجة الفنية والتنظيمية الحيوية لإعادة التفكير في مناهجنا للثقافة والتشكيك في ديناميكيات التشغيل الحالية.

“ارا! ارا!” عرض يحاكي علاقة الجسد بالبيرق الذي يرمز إلى الانتماء إلى الأرض

ويطمح المهرجان إلى استكشاف كيف يمكن للأفكار الملهمة، التي تتحقق في المسارح والمهرجانات والشركات والتجمعات، أن تستمر في تجديد وتنشيط وخدمة أهدافها المبتكرة.

ويشارك في هذا المشروع الثقافي فنانون ومهرجانات ومواقع ثقافية في كل أنحاء أوروبا والمنطقة المتوسطية لتحليل قدرات الجسد وضعفه وقوته على الصمود والمقاومة؛ أي لتحليل قدرة الجسد على البقاء بالرغم من الأزمات.

وقال راجح إن العصيان الثقافي مسألة “تبدأ عندما يرفض الإنسان الواقع الذي يعيش فيه”.

وأضاف “عندما نتناول العصيان الثقافي نسلط الضوء على عمل الناشطين وتفاعلهم ووضع الفنان وحاجاته النفسية والجسدية، وما يتعرض له من قمع لحريته وفوقية وعنصرية وفساد”.

وسأل “هل الثقافة هي مجرد ترفيه أو هي جزء من العمل السياسي والاجتماعي الناشط؟”، وأضاف “الثقافة يجب أن تكون دافعا للتغيير”.

وتقدم معظم العروض في الهواء الطلق في حدائق متحف سرسق.

وشرح راجح أن الهدف من ذلك “إنشاء ديناميكية مختلفة ومنهج مختلف للأداء في شكل جديد لتأسيس علاقة جديدة مع الجمهور خارج حدود المسرح”.

Thumbnail

وفي البرنامج عمل للكوريغراف والراقص فابيان توميه عنوانه “موا جو” عن الصراع بين الأنا والأنا، يركز على عمل الجسد في توحيد الحركة والتنفس، وآخر للفنان الفرنسي ألكسندر روكولي مستوحى من الرقصات المغربية حيث تكرار في الموسيقى والحركات.

وتقارن الراقصة البرازيلية فانيا فانو في عرض عنوانه “نيبولا” جسم الإنسان بالطبيعة. ويحاول بسام أبودياب في عرض “بينا ماي لوف” تجسيد ردود فعل الممارسات اللاإنسانية التي تدفع الجسد إلى الرقص من أجل البقاء.

ويختتم المهرجان بعرض عنوانه “فروم سكراتش” للكوريغراف والراقص اليوناني يوانيس مندافونس يعتمد على اقتراحات الجمهور الحاضر ويحولها إلى لوحة راقصة مرتجلة.

ويذكر أن “مهرجان بيروت للرقص المعاصر” تأسس عام 2004، وانطلقت دورته الأولى خلال العام نفسه كمنصة توفر للراقصين المحليين والعالميين مساحة تعتبر الأولى من نوعها في العاصمة اللبنانية والمنطقة العربية، الأمر الذي جعل منه موعدا سنويا ثابتا في روزنامة نشاطات وفعاليات المدينة الثقافية بعد أن استطاع القائمون عليه تكوين جمهور واسع عملوا على جذبه خلال ستة عشر عاما مرّت على انطلاقته.

15