معارض الكتب الإماراتية أربعون عاما من نهضة ثقافية مستمرة

تستقطب معارض الكتاب التي تنظمها دولة الإمارت على مدار العام عددا كبيرا من الكتاب والأدباء والناشرين والباحثين عن المعلومة لترسم مشهدا ثقافيا يؤكد أن الثقافة ركن أساسي من مكونات النهضة. وتمثل معارض أبوظبي للكتاب والشارقة للكتاب ومعرض الكتاب الإماراتي ومعارض الطفل إلى جانب المهرجانات الثقافية المتنوعة والمسابقات وشهر القراءة مشهدا إبداعيا ومنصة لاستثمار الفرص المتاحة لتسويق الكتاب والإسهام في نشر ثقافة القراءة.
أبوظبي - يحتفي معرض أبوظبي الدولي للكتاب في دورته الـ31 التي تستمر حتى السبت التاسع والعشرين من مايو الجاري بنماذج ملهمة لكتّاب وأدباء وناشرين إماراتيين وعرب تعرض أعمالهم تحت سقف واحد وفي ظل عهد جديد يؤكده مسيرة عطاء ودعم لقطاع صناعة النشر والمعرفة.
ويؤكد هذا الدعم المكانة التي وصلت إليها دولة الإمارات لتكون مركزا للمعرفة والإبداع ويأتي للارتقاء بمكانة إمارة أبوظبي باعتبارها عاصمة للثقافة والإبداع ولدعم المبدعين والارتقاء بقطاع صناعة الكتاب في الإمارات والمنطقة .
يؤكد مسؤولون وكتّاب في تصريحات لهم أن معرض أبوظبي الدولي للكتاب يعد منصة مثالية للإبداع وصناعة المعرفة ما يرسخ من مكانة دولة الإمارات وريادتها في قطاع صناعة المعارض واستضافة الأحداث العالمية.
ويقول جمال بن حويرب المدير التنفيذي لمؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة إن معرض أبوظبي الدولي للكتاب يكتسب أهمية بالغة على الصعيدين الإقليمي والعالمي وذلك بالنظر إلى حجم المشاركات من أقطاب صناعة النشر في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والزوار من كافة أنحاء العالم، إذ يشكل المعرض نافذة معرفية مهمة تسلط الضوء على الأدب والفكر العربي والشرقي، ويتميز بمستوى عال من التنظيم والكفاءة، ما يرسّخ من سمعة دولة الإمارات وريادتها في قطاع صناعة المعارض واستضافة الأحداث العالمية.
ظاهرة ثقافية
ويضيف حويرب أن المعرض يمثل فرصة مهمة بالنسبة إلى المؤسسة نحو تعزيز الحضور لدى مختلف الأعمار والمراحل الدراسية، ومساعدتهم على بناء إمكاناتهم الفكرية والمعرفية حول العديد من المواضيع المهمة التي تتناولها الفعاليات المصاحبة، إضافة إلى تعريفهم بالدور الذي تقوم به في تنمية المعرفة وتعزيزها في العالم، بهدف زيادة قدرة المجتمعات على الاندماج في التحولات ومواجهة التحديات، وذلك من خلال المبادرات والمشاريع التي تتبناها في ضوء تحسين جودة التعليم ودعم البحث العلمي وريادة الأعمال.
ويلفت إلى أن قطاع النشر في دولة الإمارات يعيش عصرا ذهبيا بفضل الحرص على دعم هذا القطاع والارتقاء بقدراته باعتباره جزءا أصيلا لا يتجزأ من إرثنا الثقافي إذ قدم للعالم نماذج إماراتية وعربية ملهمة رسخت إسهامات الثقافة العربية الكبيرة والمضيئة، كما يؤكد هذا الدعم المكانة التي وصلت إليها دولة الإمارات لتكون مركزا للمعرفة والإبداع في الشرق الأوسط .
الدور التنويري والثقافي الذي تضطلع به الإمارات يظهر في اهتمامها بالكتاب والمبدعين من خلال
ويقول الباحث والكاتب عبدالله خلفان الهامور إن جميع المعارض والمهرجانات الخاصة بالكتب سواء كانت في الإمارات مثل أبوظبي أو الشارقة والمعارض التي تقام في الوطن العربي تعتبر ظاهرة ثقافية تفيد الجيل الحالي لكون ما تحتويه الكتب هو عبارة عن كنوز عقول موجودة وليست كتابات فقط أو مجرد كلام في أسطر في أوراق مغلفة بل هي نتاج فكري موجود على ورق.
ويضيف "يجب أن نحث شبابنا وأولادنا على القراءة حتى تتم تغذية أذهانهم ليُخلق جيل من الشباب المثقف علميا وثقافيا ويكونوا قادة في المستقبل. كما نحثهم على استغلال هذه المهرجانات ومعارض الكتب سواء كانت داخل الدولة أو خارجها وخاصة طلاب المدارس والجامعات ومدرسيهم الذين يحثوهم على شراء القصص والكتب المفيدة والقيمة وهذا بحد ذاته ينشئ جيلا من محبي القراءة".
وتقول الدكتورة فاطمة المزروعي الكاتبة والباحثة الإماراتية إن معرض أبوظبي الدولي للكتاب يعتبر ظاهرة ثقافية اجتماعية سنوية. مؤكدة أن له أهمية كبيرة باعتباره وسيلة لرفد المكتبات في الدولة وطريقة من الطرق لعقد الكثير من الفعاليات ويلتقي فيه المثقفون والمبدعون والأدباء تحت سقف واحد من جميع أنحاء العالم لتبادل التجارب والخبرات، كما أنه فرصة لتسويق الكتب وترويجها وإتاحة الفرصة للناشرين لتسويق كتبهم وترجمتها.
ويلفت الكاتب سيف الحمادي إلى أن معرض أبوظبي للكتاب يتيح لجميع الكتاب والناشرين استثمار الفرص المتاحة لتسويق الكتاب والإسهام في نشر ثقافة القراءة، كما يعدّ فرصة للتبادل الثقافي يجمع الكتاب والناشرين مع القراء والجمهور.
ويتابع أن كتابه “رحلة صعود” يسلط الضوء على أسرار جوهرية للنجاح الذي تحدوه وتكلله بنى الثقافة. مشيرا إلى أن كتابه الذي يتألف من 204 من صفحات بمثابة دليل عمل للشباب الصاعد.
نهضة ثقافية
تؤكد عائشة سلطان عضوة مجلس إدارة جائزة الصحافة العربية، أن دور الإمارات الثقافي برز كثيرا خلال الأعوام الماضية قياسا بدول لها تاريخ كبير في المعرفة والثقافة، مشيرة إلى الدور التنويري والثقافي الذي تضطلع به الإمارات عن طريق اهتمامها بالكتاب والمبدعين من خلال الجوائز التي تمنحها المؤسسات الثقافية الإماراتية للمبدع العربي بل وعلى المستوي الدولي.
وتقول سلطان "هناك تنوع حقيقي فريد في المشهد الثقافي مثل يوم الكاتب ويوم القراءة وعام القراءة ومسابقات تحدي القراءة وغيرها". وتذكر أن المشروع الثقافي الإماراتي على جميع المستويات يمثل بانوراما حقيقية ومتنوعة تمتد من الإمارات إلى الوطن العربي.
وتؤكد الكاتبة، أن رسالة الإمارات إلى العالم أن هناك تكاملا في شتي المجالات، الاقتصاد المعرفي والثقافي بالتوازي مع النهضة التنموية الشاملة، مشددة على أن الاهتمام بالثقافة والمثقفين ضمن الاستراتيجية الوطنية.
وتلفت إلى أن معرض الشارقة للكتاب، هو المعرض الثقافي الوحيد الذي لم يؤجل على مستوى العالم بسبب ظروف الجائحة، وهناك الكثير من المشاريع الثقافية تجعلها عاصمة دائمة للثقافة العربية، فضلا عن الكثير من الصروح الثقافية في الإمارات من الجامعات ومؤسسات النشر والمكتبات العامة في كل إمارة، لتتكامل الرؤية للدولة قاطبة لذات الاستراتيجية التي تؤكد وتشدد على كون الثقافة ركنا أساسيا من مكونات النهضة.
الدور التنويري والثقافي الذي تضطلع به الإمارات برز كثيرا في الأعوام الماضية عن طريق اهتمامها بالكتاب والمبدعين
أما عبدالحميد أحمد الأمين العام لمؤسسة سلطان بن علي العويس الثقافية فيقول إن "الإمارات قاربت على الاحتفال بمرور 40 سنة على انطلاق أول معرض للكتاب في الدولة، في حين أن عمر الدولة 50 سنة، أي كانت من أولوية العمل الوطني ترسيخ فكرة الدولة مع التركيز على الثقافة لأنها معطى حضاري يعيش للتاريخ. وباتت معارض الشارقة وأبوظبي للكتاب من أكبر معارض الكتب في العالم من حيث الأهمية والقيمة".
ويلفت أحمد إلى أن معارض الكتب في الإمارات عكست هوية وطنية ليس بوصفها سوق بيع للكتب بل لأن التجربة ألهمت ودفعت المئات من أبناء الإمارات لتأسيس دور نشر تهتم بصناعة الكتاب. فضلا عمّا تقدمه الإمارات من حسن تنظيم للعارضين وتقدير كبير لضيوفها من كتاب وأدباء وناشرين وغيرهم من الشخصيات العامة.
ويضيف أنه على الهامش انطلقت الجوائز الأبرز عربيا وعالميا بقيمتيها المادية والمعنوية والتي فاز بها العشرات من المفكرين، وتم تكريم نخبة أخرى من صناع المعرفة عربيا وعالميا، وها نحن نرى جوائز للكتاب الأفضل والإصدار الأول وأدباء الشباب وغيرها من الجوائز التقديرية والتشجيعية، بالإضافة إلى الحرص الكبير على المشاركة في هذه المعارض من قبل الناشرين العرب ومن حول العالم كل حسب ثقافته ولغته، مما يؤكّد نجاح التجربة وتفردها.