قطر في موقف دفاعي مع تصاعد الانتقادات حول سجلها الحقوقي

الدوحة - تحاول قطر الدفاع عن سجلها الحقوقي إزاء الانتقادات المتصاعدة التي تواجهها، مع اقتراب احتضانها لفعاليات كأس العالم والتي لم يعد يفصل عنها سوى ستة أشهر فقط.
ومنذ حصولها في 2010 على حقوق تنظيم بطولة كأس العالم 2022، كانت قطر موضع اهتمام خاص من قبل منظمات حقوق الإنسان خصوصا في ما يتعلق بحقوق العمال ومثليي الجنس، والمرأة.
وتقول الدوحة إنّها أدخلت تحسينات جمة على أوضاع الآلاف من العمال، بينما يرى نقاد أن التقدم المحرز خلال العقد الماضي متباين وأنه يجب ممارسة المزيد من الضغط على الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) قبل انطلاق المباريات.
وكانت "منظمة العفو الدولية" الحقوقية غير الحكومية طلبت الخميس من الاتحاد الدولي لكرة القدم دفع تعويضات لا تقلّ عن 440 مليون دولار للعمال المهاجرين الذين "تعرّضوا لسوء المعاملة" في مواقع البناء المرتبطة بمونديال 2022.
وفي أوروبا تطرح جمعيات واتحادات للعبة بقيادة النرويج تساؤلات حول أوضاع المشجعين في بلد يُجرّم المثلية الجنسية. وقد لا يحضر مشجعون أوروبيون كأس العالم لأسباب لوجستية ومالية، ولكن آخرين قد يقاطعون الحدث الكروي الأبرز بسبب هذه الأسئلة التي يرون أن قطر لم تجب عليها بشكل كامل، رغم الجهود القطرية التي أشارت إليها منظمة العمل الدولية والمنظمات غير الحكومية في هذا المجال.
مطالبات بدفع تعويضات للعمال المهاجرين الذين تعرضوا لسوء المعاملة في مواقع البناء المرتبطة بمونديال 2022
وقال أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني الجمعة في برلين عند سؤاله عن حضور المثليين جنسيا بطولة كأس العالم إن قطر تأمل في الترحيب بالعالم في الدوحة للمشاركة في كأس العالم لكرة القدم لكن أيضا “نتوقع ونريد أن يحترم الناس ثقافتنا".
واتخذت الإمارة الغنية بالغاز والتي يُقدّر إنفاقها على بنيتها التحتية الخاصة بكأس العالم بنحو 300 مليار دولار، بعض الإصلاحات في ما يتعلق بقيود نظام "الكفالة" في 2016، قبل أن تضع في 2020 حدا أدنى للأجور.
وفي هذا السياق، اعتبر رئيس مكتب منظمة العمل الدولية في الدوحة ماكس تونون أن "هذه الإصلاحات كانت حتمية، وبطولة كأس العالم دفعت نحو تسريعها"، مضيفا "بدأت دول أخرى في المنطقة أيضا في إجراء إصلاحات، لكن الوتيرة بدت أسرع هنا".
وردا على تساؤلات حول إذا ما كانت صلاحيات هذه الإصلاحات ستنتهي بمجرد انتهاء التظاهرة الرياضية الكبرى، يقول تونون إن هذه الجهود والتي مازالت الشركات مترددة في تطبيقها، ستستمر إلى ما بعد نهائيات كأس العالم بفضل الاتفاقات التي تم إبرامها بين الحكومة القطرية ومنظمة العمل والاتحادات الدولية ودول أخرى.
ومسألتا حقوق المرأة والمثلية أكثر حساسية في هذا البلد المحافظ. وهناك ثلاث وزيرات في الحكومة، لكن الباحثة في منظمة “هيومن رايتس ووتش" الحقوقية ريثنا بيغوم تقول إن الإصلاحات في هذا المجال حدثت قبل عشرين عاما "وليس في السنوات العشر الأخيرة"، مندّدة بنظام وصاية الرجل.
وعند سؤالها عن التحديات التي قد يواجهها المثليون، تَعد اللجنة المنظمة لكأس العالم بحدث “مفتوح للجميع”. وقد يعمد بعض المشجعين وعددهم الإجمالي بين 1.2 و1.4 مليون شخص إلى رفع أعلام مؤيدة للمثلية، بينما يدعو المنظمون إلى احترام العادات والثقافات المحلية.
وقالت مديرة برنامج الشرق الأوسط في مركز ويلسون للأبحاث ميريسا كورما "يمكن أن تسير الأمور في كلا الاتجاهين، المزيد من القبول أو ردود الفعل القاسية للغاية".
وفي الحالتين، ترى أنه "لن يؤدي حدث كبير واحد إلى إثارة موجة كبيرة من التغييرات، لكن حقيقة أن المناقشة جارية هو أمر مهم"، متوقّعة حدوث تغيير مطرد في هذا البلد الذي يبلغ عدد سكانه 2.8 مليون نسمة 10 في المئة منهم فقط قطريون.
وتابعت "بالنسبة إلى قضايا المثلية، الأمر أكثر حساسية قليلا لأن هناك مكونات اجتماعية وثقافية ودينية"، ولكن بالنظر إلى العدد الكبير للمغتربين وتلقي شباب قطريين تعليمهم في جامعات أجنبية "فإنّ تغيير المواقف مسألة وقت".
وتعتبر المثلية غير قانونية في قطر ويعاقب عليها الشخص المثلي بالسجن عدة سنوات. ويقول خبراء قانون إنه من الناحية النظرية، يمكن للدوحة الذهاب حد تطبيق عقوبة الإعدام على مثليي الجنس، لكن لم تسجل لها أي سابقة في هذا الشأن.