خذوا عيني شوفو بيها
“أنا في عينيها آدم/ وهي في عيني حوا” هكذا تختصر الأغنية التونسية الجمال بعيدا عن المقاييس المثالية التي وضعت من أجل الدراسة. الجمال يكمن في العاطفة ومن ثم الألفة والاختلاف في النوع.
هناك سحر في الخلق أولا ومن ثم تكتسب الكائنات صفاتها في الروعة والإدهاش وربط القلوب بخيوط خفية يهبها الحب قوة مع الزمن.
الجمال في كل أحواله هدية لا تُرد. وبعكس ما ظنه المثاليون فإن الجمال يمشي بقدمين على الأرض الناعمة والخشنة على حد سواء.
كانت هناك رواية ألمانية عنوانها “وقت للحب وقت للحرب” لم يقرأها الدكتور زيفاكو الذي مات بأزمة قلبية في اللحظة التي رأى حبيبته المفقودة وهي تمر خاطفة من غير أن يتمكن من لفت نظرها إليه. كان جمالها هناك. في الرواية التي تجمع بين الحب والحرب.
وسيكون علينا دائما أن نتذكر أن الحب يهب الكائنات هيئة مثالية تشير إلى الجمال الكامل وهو ما نطق به فريد الأطرش “جميل جمال/ مالوش مثال”.
ذلك القوس الذي يُغلق يختصر كل شيء. إنها قصة الحب الذي ينتقل بالجمال من حالته اليومية العابرة والمؤقتة إلى حالة سرمدية تشير إلى الخلود وإن كان ذلك الخلود يقع بين إغماضة عين وأختها.
نحن نرى الجمال بأعيننا ولا يعنينا ما يراه الآخرون. من قال إن ليلى التي جُن بها قيس حبا تُقبل في مسابقات الجمال؟
ذلك رهان قد يكون خاسرا. لقد رأينا ليلى بعيني قيس ولم يرها أحد منا. رأيناها باعتبارها ملهمة لأجمل قصائد الغرام. ذلك يكفي لتقيم في الخلود كما لو أنه وطنها الأصلي.
لقد خلّد بوريس باسترناك لارا التي أحبها الدكتور زيفاكو وفقدها لتنتمي إلى رهط المحبوبات المفقودات. غير أن الزمن أبقاها خالدة مثل أفروديت وعشتار وزنوبيا وليلى الأخيلية.
“الحب يصنع المعجزات” مقولة ذهبت مثلا. الجمال هو أول معجزات الحب. هل كانت موناليزا جميلة لكي تحظى بكل هذا الخلود؟
أقصد المرأة وليست اللوحة. ولكن المرأة من غير اللوحة لن يذكرها أحد. عاشت وماتت مثل مليارات من النساء اللواتي مررن بكوكبنا.
رسمها ليوناردو وأطال في رسمها خمس سنوات لكي لا تغادر مرسمه. حيلة نجح ليوناردو من خلالها في إبقاء المرأة في مرسمه وإن كان على سطح اللوحة.
لقد تحولت امرأة التاجر الفينيسي إلى رمز للجمال لأننا صرنا نراها من خلال عيني واحد من أعظم الرسامين على مر العصور. لو كانت موناليزا الحقيقية واقفة بين حشود البشر الواقفين أمام لوحتها لما أثارت اهتمامهم.
