جهاز الاستثمار العماني يمد أعماله إلى أفريقيا

وضعت سلطنة عمان قدما باتجاه تطوير أعمال جهاز الاستثمار من بوابة قارة أفريقيا في مسعى لتوسيع نشاطه بالأسواق العالمية عبر عقد شراكات استراتيجية في العديد من القطاعات ذات العائد المربح أملا في جني مكاسب أكبر تحت مظلة الإصلاح الاقتصادي.
مسقط – اختار جهاز الاستثمار العماني، الذي تأسس صيف 2020 لإدارة جميع صناديق الثروة السيادية وأصول وزارة المالية وفق معايير تضمن مستقبل الأجيال المقبلة، تنزانيا لتركيز مشاريع تتعلق بمجال الاقتصاد الأزرق ضمن خطط تنويع محفظة أعماله خارجيا.
وتريد مسقط السير على خطى جيرانها في منطقة الخليج العربي في تنويع محفظة أعمالها خارجيا وخاصة في أفريقيا لتحقيق إيرادات مستدامة تساعدها في القطع مع النمط القديم في إدارة الثروة التي تبدو شحيحة قياسا بدول مثل السعودية والإمارات والكويت وقطر.
وتجسيدا لجهوده الرامية إلى التوسّع في الأسواق العالمية والتنوع في القطاعات المُستهدفة واستغلال الفرص الاستثمارية الواعدة، أبرم الجهاز هذا الأسبوع مذكرة تفاهم مع الحكومة التنزانية في دار السلام تتيح تنمية الثروة السمكية.
واعتبر محمد الطوقي مدير عام مكتب الجهاز في شرق أفريقيا أن هذه الشراكة تُعد فرصة لاستكشاف ما يؤمل أن يكون مخزونا سمكيا غنيا يمكنها الصيد فيه بمناطق غير تنافسية، وفي الوقت ذاته زيادة طاقة الإنتاج والتسويق في عمان والشرق الأوسط.
وبموجب الاتفاقية تقوم شركة الوسطى للصناعات السمكية التابعة لشركة تنمية أسماك عمان المملوكة لجهاز الاستثمار بإجراء مسح لمخزون الثروة السمكية وعمليات الصيد التجريبية في منطقة الإقليم البحري التنزاني.
ونسبت وكالة الأنباء العمانية الرسمية إلى الطوقي قوله “تهدف الشراكة إلى تحقيق التعاون بين جهاز الاستثمار العماني والحكومة التنزانية للحصول على تراخيص الصيد باسم شركة الوسطى للصناعات السمكية”.
وأوضح في تصريحات صحافية أعقبت مراسم التوقيع أن الشركة العمانية تعمل على صيد أسماك السطح وإدارة حصة تنزانيا لصيد أسماك التونة في المحيط الهندي.
ووفق بنود مذكرة التفاهم التي وقع عليها من الجانب التنزاني وزير الثروة السمكية والحيوانية ماشيمبا مداكي ستتم العملية بالتعاون مع المعهد التنزاني للبحوث السمكية وهيئة الصيد البحري بزنجبار.
ويشمل المسح جميع المناطق الساحلية، من الجرف القارّي والتي يبلغ عمقها حوالي 80 مترا وحتى حدود المنطقة الاقتصادية التنزانية التي تبلغ مساحتها 200 ميل، وتشمل مضيق بمبا وعدة مناطق شرق جزيرة زنجبار.

وبناء على طلب من المعهد التنزاني للبحوث السمكية وهيئة الصيد البحري بزنجبار قامت شركة الوسطى للصناعات السمكية خلال الفترة الماضية بإعداد خطة إبحار لإحدى سفنها في المياه الإقليمية التنزانية ابتداء من يونيو القادم ولمدة عام.
ومن المتوقع أن يصل معدل الصيد إلى 25 طنا يوميا أي نحو 9 آلاف طن سنويا، وذلك قياسا على السعة التجريبية نفسها التي أقيمت في عُمان في بداية مشروع صيد أسماك السطح.
وتؤكد مسقط أن هذه الخطة ستتيح معرفة الأماكن والمواسم لوجود أسماك السطح للصيد التجاري إلى جانب القيام بعمليات الصيد والبيع في الأسواق لتغطية جزء من تكاليف المشروع.
وتتمثل أهمية اختيار الثروة السمكية ضمن القطاعات الواعدة لتعزيز التنويع الاقتصادي في البلاد والاستثمار في الفرص الواعدة خارجيا عبر إدراجه ضمن الخطط البعيدة المدى لتحقيق الأمن الغذائي، كما أنه ينسجم مع سياسة الإصلاح التي يقودها السلطان هيثم بن طارق منذ مطلع 2020.
ويقول المسؤولون إن وضع السياسات والخطط الكفيلة بتطوير الأداء والاستفادة من المقومات المتوفرة في التوسع في إنتاج الأسماك سينعكس على تعزيز منظومة الأمن الغذائي والمساهمة الفعّالة في التنويع الاقتصادي للسلطنة.
وثمة مساع حثيثة ظهرت بالفعل خلال السنوات الأخيرة لزيادة مساهمة القطاع في الناتج المحلي الإجمالي ليبلغ أكثر من ملياري دولار بحلول عام 2023، ارتفاعا من 574 مليون دولار في الوقت الحالي، وفق البيانات الرسمية.
وتهدف خطة تم الإعلان عنها في عام 2018 إلى جذب استثمارات خاصة لتمويل مشاريع القطاع بأكثر من 90 في المئة، وزيادة كمية الأسماك التي يتم اصطيادها لتبلغ في السنوات الخمس المقبلة 1.3 مليون طن سنويا ارتفاعا من 280 ألف طن سنويا في 2013.
ولا تمتلك عُمان احتياطات مالية كبيرة مثل جاراتها الثرية، إذ يقدر إجمالي حجم أصول أكبر صندوقين للثروة السيادية فيها بنحو 20 مليار دولار.
وتظهر بيانات المجموعة البحثية في معهد صندوق الثروة السيادية أن صندوق الاحتياطي العام للدولة، وهو أكبر صندوق سيادي في عمان، لديه أصول تبلغ 14 مليار دولار، في حين أن ثاني أكبر كيانات البلاد، الصندوق العماني للاستثمار، لديه 3.4 مليار دولار.
وتضررت عمان، وهي منتج صغير للنفط بالنسبة إلى جيرانها الخليجيين، بشدة من جائحة فايروس كورونا وانخفاض أسعار النفط، ما جعلها تضطر إلى اتخاذ عدة إجراءات موجعة لم يعتد عليها العمانيون.
◙ مكتب الجهاز بأفريقيا: الشراكة فرصة لزيادة التسويق في عُمان والشرق الأوسط
وفي نوفمبر الماضي قال ملهم الجرف نائب رئيس جهاز الاستثمار إن الجهاز نجح في تعزيز أعماله الدولية عبر دخوله في 20 استثمارا بقطاعات متنوعة، أبرزها التعدين واللوجستيات والرعاية الصحية وتقنيات الفضاء.
وبحسب الجرف، فإن محفظة أعمال الجهاز تتوسع منذ إطلاقه في نحو 35 بلدا بالإضافة إلى استثماراته داخل عمان وقد تمكن من تعزيزها وتحقيق الأرباح على الرغم من التداعيات التي خلفتها الجائحة على الاقتصاد العالمي.
وتشمل تلك الاستثمارات دولا أفريقية هي مصر وليبيا وتونس والكونغو وموزمبيق إلى جانب تنزانيا، وفق البيانات المنشورة على المنصة الإلكترونية للجهاز.
وتشمل أعمال الجهاز أسواق الأسهم والسندات والتملك الخاص بما فيها القطاع العقاري إلى تعظيم إيراداته لبناء احتياطيات ووفورات تسهم في الاستدامة المالية للبلد الخليجي الذي يعد أضعف اقتصادات الخليج.
وحتى يتمكن من تعظيم موارده يتبع الجهاز استراتيجية مدروسة تخضع لمعايير قانونية وتدقيقية ومحاسبية بالإضافة إلى إجراء دراسات للتحقق من المخاطر المحتملة لتلك الاستثمارات.
كما يقوم بتوزيع استثماراته الدولية على المستوى الجغرافي والتنويع القطاعي بما يضمن تقليل تأثيرات المخاطر المحتملة في أي من تلك الاستثمارات على أداء الجهاز بشكل عام ومركزه المالي كونه أداة مهمة في بناء اقتصاد عماني منسجم مع “رؤية 2040”.
وتركز الرؤية على أن يكون معدل النمو المتوسط في حدود 3.5 في المئة وأن ترتفع الاستثمارات بنسبة 27 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي الذي تطمح مسقط أن يكون حجمه بحدود 78 مليار دولار.