حوافز ضريبية مصرية لجذب الشركات إلى البورصة

الحكومة تجس نبض القطاع الخاص قبل بيع شركاتها في سوق المال.
الأربعاء 2022/05/11
متى تزدهر سوق الاكتتابات عندكم؟

تمهد الحكومة المصرية لبيع عدد من شركاتها في البورصة خلال الربع الأخير من العام الجاري لتنفيذ برنامج الإصلاح الهيكلي الذي تم إطلاقه مطلع هذا العام والذي يهدف إلى تمكين القطاع الخاص والسماح للمستثمرين المحليين والأجانب من شراء أسهم في كياناتها.

القاهرة - أقرت السلطات في مصر تعديلات على قانون الضريبة تشمل بعض الإصلاحات لتنشيط البورصة وزيادة الإقبال على التداول وكذلك قيد الشركات في سوق الأوراق المالية التي تعاني من شح السيولة.

وجاء على رأس الحوافز الضريبية التي أعلنتها وزارة المالية مؤخرا خصم نحو 50 في المئة من قيمة الضرائب على أرباح الشركات عند الطرح الأولي في سوق المال لمدة عامين، ثم تخفض إلى 25 في المئة بعد ذلك.

وتهدف الحكومة من وراء تلك الحوافز إلى تنشيط وتطوير سوق المال وجذب الشركات للطرح في البورصة لأن إعفاء نصف أرباح المؤسسات من الضرائب والذي يمثل 10 في المئة من إجمالي النسبة المحددة وهو 20 في المئة بمثابة رفع عبء كبير من على كاهلها.

وتعد تلك الخطوة أشبه بعملية جس نبض لشركات القطاع الخاص ومدى الإقبال على الطرح في البورصة المصرية، وبناء على ذلك ربما تقرر السلطات بدء تنشيط برنامج الطروحات الحكومية في السوق.

سيد عويضي: شح السيولة من أسباب تأخر تنفيذ خطة الحكومة

وأكد وزير قطاع الأعمال هشام توفيق السبت الماضي تأجيل طرح شركات الحكومة بالبورصة المصرية إلى سبتمبر المقبل إلى حين انتهاء العطلات الصيفية للمستثمرين.

وربما يكون هذا هو التأجيل الأخير لبيع شركات الحكومة والجيش في البورصة المصرية بعد أن كلف الرئيس عبدالفتاح السيسي الحكومة في أواخر أبريل الماضي بطرح شركات مملوكة للقوات المسلحة في البورصة قبل نهاية العام الحالي.

وتستهدف خطة السلطات طرح كيانات تابعة للجيش، لاسيما شركتي صافي للمياه المعبأة والوطنية للبترول التابعتين لجهاز مشروعات الخدمة الوطنية بالجيش.

وتشهد الفترة الراهنة إعادة هيكلة الشركتين عبر صندوق مصر السيادي المخول بتجهيزها للطرح، والذي بدأ القيام بذلك منذ نحو عام ونصف.

ولم تنجح الحكومة في تنفيذ خطتها خلال العام الجاري التي كشفت عنها وزيرة التخطيط هالة السعيد في تصريح صحافي سابق، حيث تنوي الحكومة طرح شركة بسوق المال المحلية كل شهر أو شهرين خلال العام الجاري.

وتعثر برنامج الطروحات منذ إطلاقه في 2018 نظرا إلى أوضاع السوق وبعدها انتشار جائحة كورونا، ولم تطرح الحكومة سوى 4.5 في المئة من أسهم الشركة الشرقية للدخان في العام 2019 وتم الطرح لمستثمرين من الخليج.

واكتسب البرنامج زخما العام الماضي عقب الطرح الناجح لشركة إي فاينانس الذي جمع نحو 370 مليون دولار، وتبع ذلك بعدة أسابيع بيع شركة أبوقير للبتروكيمياويات بحصة بلغت نحو 10 في المئة في طرح ثانوي، وتم بيع الكيانين أخيرا لشركة أي.دي.كيو القابضة وهو صندوق ثروة سيادي تابع لإمارة أبوظبي.

وقال محمد ماهر رئيس الجمعية المصرية للأوراق المالية إن “قرارات الحكومة لا تعد من الحوافز الكافية لتنشيط السوق لأنها لا تمثل إعفاءات بشكل كامل من الضرائب لكنها عبارة عن تخفيض في نسب الضرائب في محاولة لتحسين صورة القانون السابق”.

وأضاف في تصريح لـ”العرب” أن “الحكومة تأخرت كثيرا في طرح شركاتها بالبورصة، ودائما ما تتحجج بالتوقيت وينبغي أن تُطرح الشركات في مواعيدها ووفق جدول زمني، وإذا كانت ظروف السوق غير ملائمة يتم الطرح بأسعار رخيصة وجاذبة للمستثمرين بعكس الحالات الطبيعية للبورصات”.

وأشار ماهر إلى أنه ينبغي على الحكومة طرح شركاتها بسعر مناسب للأفراد، حتى تكون أمامهم الفرصة لتحقيق الأرباح، إذ يجب على الحكومة ألا تضع الربح هدفًا رئيسيًا أمام طرح شركاتها، لكن الغرض الرئيسي هو تنشيط البورصة وتوسيع قاعدة الملكية للشركات.

ويُطلق على خطوة وزارة المالية اقتصاديا “تنشيط الطلب” لأن الشركات الحكومية ينبغي أن تكون جاهزة للطرح في أي وقت للعرض، ومن ثم تشهد الفترة المقبلة قياس مدى التناغم بين جانبي العرض والطلب اللذين هما في الأساس صناعة حكومية.

محمد ماهر: يجب الإسراع لتنشيط السوق وتوسيع قاعدة الملكية

ويكشف الواقع عن مخاوف حكومية من بيع شركاتها عن طريق البورصة مع حالة عدم الاستقرار في الأسواق العالمية واتجاه البنوك المركزية إلى رفع أسعار الفائدة، ما يقلل من تنافسية أسواق المال.

وتراهن الحكومة على جذب المستثمرين الأجانب باعتبارهم هدفا أساسيا في تلك الطروحات لضخ الدولار في السوق المصرية التي تعاني من شح العملات الأجنبية، لاسيما مع سحب السيولة الدولارية من سندات الخزانة منذ الغزو الروسي لأوكرانيا الذي أدى إلى انخفاض الاحتياطي الأجنبي بالبنك المركزي.

كما تعتمد السلطات على المؤسسات وصناديق الاستثمار سواء التابعة للبنوك التجارية أو بنوك الاستثمار في مساندة السوق والدخول في عمليات شراء مكثفة عند بدء الطروحات الحكومية لتشجيع استثمار المؤسسات الذي يبعد عن المضاربات.

ولذلك شملت التعديلات إعفاء صناديق الاستثمار في أدوات الدين وفي الأسهم المقيدة بالبورصة من الضرائب، بجانب صناديق وشركات رأسمال المخاطر، مع خضوع حملة الوثائق بواقع 5 في المئة للأشخاص العاديين و15 في المئة للأشخاص الاعتباريين وإعفاء الصناديق الخيرية بالكامل.

ويهدف ذلك إلى تشجيع استثمار الأفراد في سوق المال من خلال شراء وثائق في صناديق الاستثمار المعفاة، ما يعزز من خلق بيئة استثمارية لدعم البورصة والاقتصاد.

كما تقرر إعفاء نسبة من الربح المحقق لحملة الأسهم تساوي معدل الائتمان والخصم الصادر من البنك المركزي في بداية كل سنة ميلادية، ويمثل ذلك خفض مصروفات المستثمرين بنحو 7 في المئة.

وأوضح سيد عويضي محلل أسواق المال أن الحكومة مضطرة لتأجيل الطروحات الحكومية، لأن السوق تعاني من شح السيولة، إذ يتعدى العرض جانب الطلب، بمعنى أن عدد الشركات التي ترغب الحكومة في طرحها لا يقابله عدد كافٍ من المستثمرين والمدخرين لشراء تلك الأسهم.

وقال في تصريح لـ”العرب” إن “الحكومة تأمل أن تؤثر الحوافز بشكل إيجابي على الواقع العملي في سوق المال، وأن تلك الخطوة جاءت في توقيت غير مناسب بسبب الأوضاع والظروف العالمية الراهنة”.

وتشهد الأسواق العالمية ارتفاعات كبرى في أسعار الفائدة ربما تسحب السيولة من أسواق الأسهم، في ظل العلاقة العكسية بين الاستثمار في البورصة وأسعار الفائدة التي تجذب المؤسسات والأفراد لإيداع أموالهم في المصارف.

ومن شأن الشركات ذات الأداء المالي الجيد والمستقبل الواعد جذب المستثمرين الأجانب، فالعائد من الاستثمار فيها أكبر من شراء السندات وإيداع الأموال في البنوك.

11