"الحرْكي" رواية جزائرية عن فئة منبوذة

الروائي الجزائري محمد بن جبار يخوض في ملف المتعاونين مع الاحتلال الفرنسي ضد أبناء جلدتهم وفق قراءة فنية تعيد تشكيل الأحداث.
الأربعاء 2022/05/11
رجل يلعب دور الراوي والبطل في آن (لوحة: دنيو أحمد علي)

الجزائر - تتناول رواية “الحرْكي” للروائي الجزائري محمد بن جبار، الصادرة عن دار ميم للنشر والتوزيع، فئة من الجزائريين تعاونوا مع الاحتلال الفرنسي ضد أبناء جلدتهم، وهم الذين أطلق عليهم اسم “الحرْكَى” (الحركيين)، وقد اختاروا مغادرة الجزائر بعد استقلالها عام 1962.

ويخوض الروائي في هذا الملف وفق قراءة فنية تعيد تشكيل الأحداث، وتقدم وجهات نظر مختلفة لتنوير الرأي العام بما يحيط بواحدة من أبرز القضايا الشائكة التي خلفها الاحتلال.

هذه الرواية يمكن تسميتها بالمذكرات لأن تخييل الروائي صنع شخصية البطل وبدأ السرد على لسانه

واختار الروائي شخصية رجل لعب دور الراوي والبطل في آن؛ وهو يخون بلاده ويذهب إلى ثكنة المستعمر كي يحتمي من عمه الذي سلبه ميراث أبيه الميت.

ويحكي بطل الرواية الأيام التي عاشها في الثكنة، ويقص علينا الأحاديث عن “المخازنية” ممن باعوا أنفسهم، ولكن أيضا أولئك الذين أرغمهم الأمر الواقع على خيانة الوطن، يتقلبون يوميا بين صوت الضمير وبين ما يمليه عليهم واقعهم البائس.

ولا يتوانى الراوي في توجيه أصابع الاتهام إلى فرنسا في المصير الذي آل إليه هؤلاء، إذ يطلق عليها صفة “أم الوهم”، ويصور لنا التنكيل الذي تعرض له رجل كان يخدم الفرنسيين، ولكن بمجرد الشك به تم قتله وإخفاء أي أثر عنه تحت سطوة التعذيب.

ويمكن تسمية هذه الرواية بالمذكرات، لأن تخييل الروائي صنع شخصية البطل، وبدأ السرد على لسانه حيث يقول الروائي “استندت في كتابة هذه الشهادة إلى كل ما وقع بين يدي من وثائق وتقارير ومراسلات وقصاصات الأوراق التي كتبتها يوما، وما رأيته وعاينته بنفسي”.

وبهذا يصعب على القارئ التمييز إن كانت هذه الشخصية حقيقية أم لا، لكن ما تطرحه الرواية يمثل رؤية مغايرة ومبادرة للتساؤل وطرح الأفكار من منطلقات جديدة، بالإضافة إلى إعطاء الفرصة لزمرة “الحرْكَى”؛ هذه الفئة التي لم يتسنّ لها طرح موضوع الذاكرة من جانبها.

12