الحكم على كافالا رسالة إلى المجتمع المدني: لا تتحركوا

السجن مدى الحياة لعثمان كافالا يحدث صدمة لدى الأتراك.
الأحد 2022/05/01
تحذير واضح من أردوغان

اسطنبول - مرة أخرى، سيجري الاحتفال بعيد العمال في الأول من مايو بعيدا عن ساحة تقسيم التي تكتسي طابعا رمزيا كبيرا في إسطنبول بعدما كانت في 2013 مركز احتجاج في تركيا يدفع ثمنه الناشط ورجل الأعمال عثمان كافالا المحكوم عليه بالسجن مدى الحياة وسبعة آخرون حكم عليهم معه بالسجن 18 عاما.

يشكل هذا الحكم القاسي الذي أحدث صدمة لدى المجتمع المدني ضربة جديدة في البلاد قبل انتخابات رئاسية من المقرر إجراؤها في يونيو 2023.

وقال بيرم بالسي مدير المعهد الفرنسي لدراسات الأناضول في إسطنبول إن “الرسالة هي: لا تتحركوا!“.

وفي مكتبه غير البعيد عن ساحة تقسيم يعترف عاكف براق أتلار المتحدث باسم مجموعة “تقسيم تضامن” وقد بدا عليه التوتر بأنه “في حالة صدمة” ويدين الحيل القانونية التي دفعت القضاة إلى النطق بهذه الأحكام.

وبين المتهمين السبعة الذين أُرسلوا إلى السجن - وهم مهندسون معماريون ومحام ومخرج أفلام وثائقية وأكاديميون – ثلاثة هم أصدقاء مقربون إلى هذا المهندس المتخصص في تخطيط المدن.

عثمان كافالا أصبح عدوا شخصيا لأردوغان الذي وصفه بأنه "سوروس المحلي… نسق أحداث جيزي وسيدفع الثمن"

وقال “لا جريمة ولا دليل. أطلق سراحهم من دون تهمة في محاكمتين سابقتين. أما عثمان كافالا فقد رأيته للمرة الأولى في 2018 في المحكمة”.

أُدين كافالا (64 عاما) وهو رجل أعمال ومساهم في العمل الخيري “بمحاولة قلب حكومة” رجب طيب أردوغان بينما أدين السبعة الآخرون بدعمه.

وندد عثمان كافالا المعتقل منذ نهاية 2017 بالحكم معتبرا أنه “اغتيال قضائي”.

وأرفق الحكم بالسجن مدى الحياة بعقوبة أمنية تستبعد أيّ تخفيف للحكم. وقال لنائب في المعارضة زاره السبت “لو كان لديهم حبل لشنقوني”.

أما المتهمون الآخرون الذين مثلوا أمام القضاء أحراراً وهم “أشخاص مهتمون بالمحافظة على المدينة والطبيعة”، فقد عاد بعضهم من الخارج لحضور المحاكمة ونقلوا إلى سجونهم مباشرة.

وذكر عاطف أتلار بأن هؤلاء “قاموا بتعبئة للدفاع عن حديقة جيزي ضد مشروع عقاري” ثم اندمج الاحتجاج “في مهرجان كبير جمع كل أشكال الإحباط في البلاد”.

وأكد أحمد إنسل المحلل السياسي المقرب من عثمان كافالا الذي يتواصل معه بشكل منتظم عبر محاميه أنه “لم يتوقع أحد مثل هذا الحكم”.

خلال الأسبوع الجاري، أعرب الرئيس التركي مرتين عن استيائه من هذا الناشر الذي أصبح عدوه الشخصي وكبش فداء ووصفه بأنه “سوروس المحلي … نسق أحداث جيزي وسيدفع الثمن”، في إشارة إلى الملياردير الأميركي المجري الأصل جورج سوروس.

وفي حدث نادر وفي بلد تُقمع فيه حركات الاحتجاج، تجمع المئات من الأشخاص مساء الثلاثاء للاحتجاج في إسطنبول وأنقرة وإزمير. لكن هذا التحرك لا مستقبل له.

وقال أحمد إنسل إن “الناس خائفون. لن يجازف أحد بالدعوة إلى تظاهرات لإعطاء ذريعة لإعلان حالة الطوارئ. أردوغان سيكون سعيدا جدا بذلك”.

وأكد عاكف براق أتلار أن “هذا الحكم هو تهديد موجه إلى جميع الصحافيين والمحامين والمدافعين عن حقوق الإنسان والمنظمات غير الحكومية والمهنيين مثلنا”.

احتجاجات تطالب بالعدالة
احتجاجات تطالب بالعدالة 

وكان محامو المدانين وأصدقاؤهم يأملون في أن يدفع دور الوسيط الذي تنوي أنقرة الترويج له بين روسيا وأوكرانيا وسمح لأردوغان بالعودة إلى الساحة الدولية، الرئيس إلى الرأفة. لكنه أدى إلى عكس ذلك.

واستدعت وزارة الخارجية الألمانية الجمعة السفير التركي في برلين في واحد من أوائل ردود الفعل على الحكم على كافالا.

وصدر الحكم على كافالا يوم الاثنين بعد إدانته بمحاولة الإطاحة بالنظام عبر تمويل احتجاجات، وهي قضية تقول المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان والدول الغربية إن دوافعها سياسية.

ونقلت تقارير إعلامية عن المتحدث باسم وزارة الخارجية الألمانية قوله إن الوزارة استدعت السفير التركي بسبب الحكم بسجن كافالا الذي ظل محتجزا لمدة أربع سنوات ونصف دون إدانة.

وقال وزير العدل التركي بكير بوزدج على تويتر إن ألمانيا داست على العدالة مرات عديدة في الماضي، وأضاف أن عليها أن تتصرف بما يتماشى مع القانون الدولي.

وأدت قضية كافالا إلى أزمة دبلوماسية الخريف الماضي. فقد هددت أنقرة عشرة سفراء غربيين بالطرد لأنهم طالبوا “بمحاكمة عادلة ومنصفة”.

لكن بيرم بالسي يرى أن الأزمة الأوكرانية التي تؤثر على الاقتصاد التركي الذي يعاني من وضع سيء أساسا، يجعل أنقرة في موقع لا يمكن تجاوزها معه. والنتيجة “الوضع الدولي يشجعها والأوروبيون سيعملون معها”.

7