مياه ذكية تسقي أراضي الأردن المتروكة

عمّان - تبث جهود إحياء الأراضي المتضررة والخصبة في صحراء الأردن الأمل في واحدة من دول العالم التي تواجه مشكلة ندرة المياه. وترى منظمات متخصصة أن المشاريع التي تعيد إنتاج النباتات المحلية وتعتمد على أنظمة المياه الذكية ستحدّ من آثار تغير المناخ والتصحر اللذين من المتوقع أن يتفاقما، وفقا لآخر تقرير أعدّته الأمم المتحدة.
وتقول وكالة مكافحة التصحر التابعة للأمم المتحدة إن 40 في المئة من أراضي العالم متدهورة حاليا. وتعزو ذلك إلى إدارة الأراضي والمياه بطرق غير مستدامة، كما تعزوه إلى الممارسات الزراعية غير السليمة والتعدين والزحف العمراني وتطوير البنية التحتية.
وقالت ميرا حداد من المركز الدولي للبحوث الزراعية في المناطق الجافة إن تدهور الأراضي في الأردن ينتج كذلك عن العديد من العوامل الأخرى، بما في ذلك “الاستغلال المفرط للغطاء النباتي، والرعي الجائر، والممارسات غير السليمة في الأراضي”، بالإضافة إلى تغير المناخ.

الأمم المتحدة: الأردن يعدّ واحدا من عدة بلدان تقاوم آثار التدهور، بينما يعيش أكثر من 2.3 مليار شخص حاليا في بلدان تعاني من الإجهاد المائي
ويتابع دعاة حماية البيئة بالفعل خيارات لدرء المزيد من الضرر. ويتمثل أحد الجهود التي تديرها “مبادرة مساقط المياه والتنمية” في إدخال أربع نباتات محلية إلى 10 آلاف فدان (41 كيلومترا مربعا) من الصحراء في سبها الواقعة على بعد 90 كيلومترا شرق العاصمة الأردنية عمان.
وقالت ديالا الطراونة، وهي عضو مؤسس في المبادرة، إن “نسبة نجاح ازدهار هذه النباتات تصل إلى 85 في المئة، وهي نسبة عالية جدا. ولا تحتاج إلا إلى سقي واحد، مما يقلل أيضا من كمية المياه اللازمة لري المسطحات الخضراء”.
وعلى الرغم من نجاح المبادرة لا يزال إحياء الأراضي في الأردن يواجه العديد من التحديات. ومن أبرزها نقص عدد مساحات الأراضي المتاحة للزراعة، وقلّة استعداد المجتمعات المحلية لمغادرة الأرض لمدة موسم أو موسمين ممطرين على الأقل. وقالت ميرا حداد إن “الرعي يعيق الجهود أيضا”.
ويعدّ الأردن واحدا من عدة بلدان تقاوم آثار التدهور، بينما يعيش أكثر من 2.3 مليار شخص حاليا في بلدان تعاني من الإجهاد المائي، وفقا لتقرير الأمم المتحدة.
ويحذّر التقرير من أنه من المتوقع حدوث المزيد من اضطرابات الإمدادات الغذائية، والهجرة القسرية، وزيادة الضغط على بقاء الأنواع مع اشتداد تغير المناخ واستمرار سوء إدارة الأراضي. كما يحذّر من احتمال نزوح 700 مليون شخص بسبب الجفاف بحلول سنة 2030.
وقال إبراهيم ثياو، السكرتير التنفيذي لوكالة مكافحة التصحر، لوكالة أسوشيتد برس إن “الوضع الذي نعيشه الآن غير جيّد، وبالتأكيد غير مقبول. كلما زاد تدهور الأرض زاد انبعاث الكربون”.
ويدعو التقرير الأممي إلى تقديم دعم مالي لتعزيز الحفظ وإعادة الإحياء في البلدان النامية. ويقول إن “التوسع في المناطق المحمية وتحسين إدارة المياه والزراعة الذكية وإعادة تكوين التنوع البيولوجي يمكن تعزيزها من خلال التمويل المناسب”.
وإذا نجح تنفيذ هذه التدابير على نطاق أوسع فإن سيناريو الاستعادة الخاص بوكالة الأمم المتحدة سيتوقّع انخفاض فقدان التنوع البيولوجي وتحسين جودة التربة، مع الفوائد المحسوسة بشكل خاص في شمال أفريقيا وجنوب الصحراء الكبرى والشرق الأوسط وأميركا اللاتينية.
لكنه يشير إلى أن التقاعس عن اتخاذ أي إجراء سيؤدي إلى تدهور الأراضي بمقدار 16 مليون كيلومتر مربع (حجم قارة أميركا الجنوبية تقريبا) بحلول سنة 2050.

كما يوصي التقرير بتوسيع نطاق حقوق الأراضي التابعة للشعوب الأصلية والمجتمعات المحلية، وحث المزارعين على الاستفادة من دروس تتعلق باستعادة الأراضي وتكييف المحاصيل والثروة الحيوانية مع العادات الراسخة والمعارف التقليدية.
وقال رئيس الهيئة التنسيقية لمنظمات السكان الأصليين في حوض الأمازون غريغوريو دياز ميرابال “نرحب بالحلفاء الجدد في هذه المعركة، بمن فيهم الفاعلون الاقتصاديون المهتمون بشكل متزايد بتجنب مخاطر تغير المناخ”.
ووافق ثياو على ضرورة تكثيف الدعم الموجه إلى المشاريع ذات العلاقة بهذه الأراضي. وقال إن معالجة تدهور الأراضي تبقى “الحل الأرخص لأزمة المناخ وفقدان التنوع البيولوجي”.
وأضاف “لا يتطلب الأمر تقنية عالية ولا شهادة دكتوراه. إن استعادة الأراضي أمر سهل”.
وتعالج الكثير من البلدان -مثل الأردن- بالفعل قضايا الأراضي الخاصة بها، من برامج التأهب للجفاف في المكسيك والولايات المتحدة الأميركية والبرازيل إلى برنامج دول الساحل الأفريقي الذي يهدف إلى استعادة 100 مليون هكتار من الأراضي الخصبة على طول الساحل.
وقال ثياو إن استعادة الأراضي مكسب للبيئة والاقتصاد والمجتمع والتنوع البيولوجي. وأكّد أن “ما نطالب به الآن هو التسريع في إنجاز مثل هذه البرامج”.