شركات المحمول بمصر تتنافس للاستثمار في الدفع الرقمي

دفعت الزيادة السكانية المطّردة في مصر شركات الاتصالات إلى توسيع نطاق استثماراتها في مجالات وثيقة الصلة بأنشطتها، ولذلك تتجه نحو اقتحام مجال المدفوعات الإلكترونية الذي شهد انتعاشة كبرى خلال الفترة الماضية في سياق اتجاه لاعتماد التكنولوجيا المالية في التعاملات التجارية.
القاهرة – تتنافس شركتا فودافون واتصالات في مصر على شراء شركات المدفوعات الإلكترونية الناشئة، في خطوة تفتح المجال لدخول لاعبين جدد، ربما الشركات العاملة في الاستثمارات المالية التي تركز تعاملاتها على التكنولوجيا المالية دائما.
وكشفت شركة بي إنفستمنتس القابضة، عن اكتتاب شركة فودافون مصر في زيادة رأسمال كل من شركتي بي ومصاري إحدى الشركات التابعة لابتكار القابضة للاستثمارات المالية.
وتملك فودافون مصر حصة تصل إلى 9.99 في المئة من كل من الشركتين وأصبحت مساهمة ابتكار في رأسمال بي نحو 90.01 في المئة، وستبقى نسبتها نحو 63.64 في المئة من شركة المدفوعات مصاري.
وتستهدف فودافون من تواجدها في هيكل ملكية الكيانين، تحقيق تكامل بين الخدمات، ما يؤثر إيجابا على أنشطتهما في ظل وجود خطة استثمارية للتكامل في نشاط المدفوعات الإلكترونية سيبدأ تنفيذها الفترة المقبلة.

محمد سعيد: يجب تحسين شبكات الهواتف لنجاح النشاط الجديد
وتركز شركة اتصالات مصر هذا العام على تفعيل خدمات الدفع الإلكتروني عبر رمز الاستجابة السريع “كيو ريكود” في أكبر عدد من منافذ البيع التابعة لها على مستوى البلاج بعد حصولها على رخصة من البنك المركزي المصري بجانب تعاونها مع شركة دلتا للمدفوعات.
ويوجد ارتباط وثيق بين خدمات الاتصالات والمدفوعات الإلكترونية إذ ينبثق هذا النوع من التكنولوجيا المالية والتي تشهد تطورات كبرى على الساحة العالمية.
ووفقا لجمعية اتصال لتكنولوجيا المعلومات المصرية تعد التكنولوجيا المالية (فينتك) إحدى التقنيات الحديثة الهادفة إلى تطوير واستخدام الخدمات المالية عبر برامج تقنية محددة مثل تطبيقات الدفع الإلكتروني وتداول الأسهم والعملات وأجهزة الصراف الآلي وبطاقات الائتمان وغيرهما.
وانتشرت المدفوعات الإلكترونية بصورة كبيرة الفترة الماضية بسبب جائحة كورونا، وكانت النوع الأقرب معرفة لدى المستهلكين في ما يخص أصناف التكنولوجيا المالية، رغم وجود أصناف أخرى اتنشرت بقوة مؤخرا مع تعزيز الشمول المالي في مصر.
وتشهد المدفوعات الإلكترونية طفرة كبيرة بالسوق المصرية مع حث البنك المركزي لمختلف الجهات والهيئات المحلية على اتباعها، كعامل أساسي لتحقيق الشمول المالي.
كما تسعى السلطات إلى تفعيل المدفوعات الإلكترونية عبر فرض رسوم على السحب النقدي من البنوك وعلى بعض التعاملات الحكومية مثل مصروفات الجامعات والمدارس والتي ترتفع حال الدفع نقدا.
وتحرص الحكومة على انتشار وتوسع المدفوعات الإلكترونية بالأسواق كي تحكم قبضتها على تحركات الأموال ومواجهة الاقتصاد غير الرسمي.
وأشار رئيس شعبة شركات البرمجيات بالجمعية المصرية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات محمد سعيد لـ”العرب” إلى وجود تداخل كبير بين الاتصالات والتكنولوجيا، وشركات المحمول أكثر القطاعات قدرة على تفعيل المدفوعات الإلكترونية لانتشارها الجغرافي ولديها قدرة للوصول إلى جميع المستويات والفئات.
وأنتجت شركات المدفوعات الإلكترونية الكبرى بالبلاد، مثل فوري، سياسة توفير ماكيناتها عند منافذ البيع المختلفة مثل السوبر ماركت أو مراكز الاتصالات ومحلات الهواتف، بينما شركات المحمول توفر الدفع الإلكتروني لكل من يملك هاتفا محمولا أو بالتوجه للفروع العديدة.
ويتمثل الدور الأساسي لشركات الاتصالات في توفير خدمة جيدة للزبائن سواء من ناحية الشبكات المتاحة بمختلف الأماكن مع اتسامها بالكفاءة، لكن هذا لا يتوفر بمصر.

وليد جاد: زيادة السكان تعزز نموّ المجال ولا احتمال للخسارة
ويرجع سبب ضعف جودة شبكات المحمول في مصر إلى انخفاض مستوى الرقابة من الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات، لعدم وجود تقييمات تحد من الخدمات المتدنية التي تقدمها الشركات للعملاء، إلى درجة أن شبكة بعض شركات المحمول باتت منعدمة بمناطق كثيرة في القاهرة.
ويعتقد سعيد أنه من الأولى أن تركز الشركات على دورها الرئيسي وتوفير خدمة مقبولة للعملاء، خاصة مع توفير خدمات الفيديو، وفي ظل التكنولوجيا المالية والمدفوعات الإلكترونية التي تقدمها ينبغي توفير شبكات قوية تعزز من أداء الخدمات حتى لا تتوقف الماكينات بسبب الضعف الضغط على الشبكة.
وتتطلب تقوية الشبكات صيانة وتحديث للمعدات وقياس قوة الشبكة بصورة متواصلة، وهي عوامل تتقاعس الشركات عن الخوض فيها باستمرار خوفا من زيادة النفقات والتكاليف.
وقال رئيس غرفة صناعة تكنولوجيا المعلومات باتحاد الصناعات المصرية وليد جاد إن “المدفوعات الإلكترونية من الأنشطة الواعدة في مصر ولا يحتمل الخسارة مع تعليمات البنك المركزي بتعميمه من ناحية، فضلا عن زيادة عدد السكان بالبلاد”.
وتوقع في تصريح لـ”العرب” أن تشهد الفترة المقبلة دخول لاعبين جدد في هذا المجال، بخلاف شركات المحمول، لاسيما الشركات العاملة في الاستثمارات المالية وتشمل تعاملاتها أنشطة التكنولوجيا المالية، سواء الإقراض أو تداولات الأسهم.
ويحاول المركزي انتشال التكنولوجيا المالية من التخلف والتأخر عن الأسواق الناشئة، مثل الصين والهند وكينيا وإندونيسيا، ويأتي ذلك مع مساع تحقيق متطلبات استراتيجية التكنولوجيا المالية والابتكار التي دشنتها البلاد في العام 2019.
ودعا الرئيس عبدالفتاح السيسي إلى تحقيق أهداف الدولة بالتحول الرقمي المستهدف كجزء من رؤية مصر 2030، والتي تم بموجبها إطلاق المختبر التنظيمي لتطبيقات التكنولوجيا المالية المبتكرة، ولا يتحقق ذلك إلا بتنشيط المدفوعات الإلكترونية في البلاد.
وتشير التقديرات الرسمية إلى أن عدد شركات التكنولوجيا المالية التي تعمل بشكل فعلي نسبة إلى حجم السكان تمثل ربع النسبة في كينيا وجنوب أفريقيا، وأقل بنحو 50 في المئة من النسبة في نيجيريا، لكنه ضئيل للغاية في مصر.
ووصل عدد شركات التكنولوجيا المالية في مصر إلى 112 شركة بنهاية العام الماضي بعد أن كان العدد شركتين فقط في عام 2014.
وتعمل هذه الكيانات في أكثر من 14 قطاعا فرعيا من قطاعات التكنولوجيا المالية المبتكرة، مثل المدفوعات والتحويلات وأسواق الأعمال التجارية والإقراض والتمويل البديل وغيرها.
وحقق القطاع نموا بالبلاد رغم عدم ملاحقة البلدان الناشئة، إذ شهد حجم الاستثمارات في مجال التكنولوجيا المالية قفزة كبيرة على مدار السنوات الخمس الماضية ليرتفع من مليون دولار بعدد 3 صفقات في 2017 إلى أكثر من 159 مليون دولار بعدد 32 صفقة خلال 2021.