روسيا تبدأ استخدام سلاح الغاز كأقوى رد على العقوبات

موسكو - نفى المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف الأربعاء الاتهامات بأن موسكو تستخدم إمدادات الغاز الطبيعي كأداة للابتزاز، بعد أن أوقفت شركة الطاقة الروسية العملاقة غازبروم إمدادات الغاز إلى بلغاريا وبولندا، بسبب عدم سداد البلدين مدفوعات الوقود بالروبل، وذلك في أقوى رد حتى الآن من الكرملين على العقوبات المشددة التي فرضها الغرب بسبب غزو أوكرانيا.
وأكد بيسكوف أن روسيا مورد موثوق للطاقة وليست ضالعة في أي ابتزاز.
ورفض الكشف عن عدد الدول التي وافقت على التحول إلى دفع ثمن الغاز بالروبل، تماشيا مع مرسوم أصدره الرئيس فلاديمير بوتين الشهر الماضي.
وأمر الرئيس الروسي بأن تدفع الدول الأوروبية ثمن الغاز بالروبل، بعد أن جمد الغرب الأصول الروسية وعزل موسكو إلى حد كبير عن النظام الاقتصادي الغربي، بسبب الحرب في أوكرانيا.
وطالب بوتين الدول التي يصفها بأنها "غير صديقة" بالموافقة على خطة تفتح بموجبها حسابات في غازبروم بنك، وتسدد مدفوعات واردات الغاز الروسي باليورو أو بالدولار الذي يمكن تحويله إلى روبل.
وأثار وقف شركة الطاقة الروسية العملاقة صادرات الغاز إلى بولندا وبلغاريا حالة هلع في الأوساط الغربية، فتوالت الاتهامات لروسيا باستخدام سلاح الغاز أداة للابتزاز.
ووصف الاتحاد الأوروبي تعليق موسكو إمدادات الغاز إلى بلدين في الكتلة التي تضم 27 بلدا بـ"الابتزاز"، مؤكدا أنه "مستعد" لسيناريو وقف إمدادات الغاز الروسية، ويخطط لرد "منسق" بعدما قطعت غازبروم إمداداتها عن بولندا وبلغاريا.
وكتبت رئيسة المفوضية الأوروبية أورزولا فون دير لاين الأربعاء على تويتر أن "إعلان غازبروم مسعى آخر من روسيا لابتزازنا بالغاز. نحن مستعدون لهذا السيناريو. نقوم بإعداد رد الاتحاد الأوروبي المنسق"، وأضافت "يمكن للأوروبيين أن يثقوا في وقوفنا متكاتفين ومتضامنين مع الدول الأعضاء المتأثرة" بالخطوة.
لكن ليس لدى أوروبا الكثير من الخيارات بالنظر لشح سوق الغاز العالمية حتى قبل تصاعد الأزمة. وتعتمد أوروبا على خطوط الأنابيب للحصول على أغلب إمدادات الغاز، وليس في وسع الدول المنتجة الأوروبية أو في شمال أفريقيا التي لها اتصال بتلك الشبكة، إضافة المزيد للإنتاج.
أما شحنات الغاز الطبيعي المسال من موردين آخرين أبعد، فهي عادة محجوزة في عقود طويلة الأمد. وعرضت الولايات المتحدة، التي انتقدت أوروبا من قبل لاعتمادها على روسيا، المزيد من الغاز الطبيعي المسال على الدول الأوروبية، لكن إمداداتها غير كافية.
وحتى لو تمكنت أوروبا من الحصول على المزيد من الغاز الطبيعي المسال، فليست لديها منشآت كافية لتحويله مجددا إلى غاز. وتعتزم ألمانيا بناء مثل تلك المنصات، لكنها لا تملك أيا منها في الوقت الراهن.
وأعربت وزارة الاقتصاد الألمانية عن "القلق" بشأن قيام روسيا بتعليق إمدادات الغاز إلى بولندا وبلغاريا.
وقالت متحدثة باسم وزير الاقتصاد روبرت هابيك إن ألمانيا تراقب الوضع في أوروبا الشرقية عن كثب، وأضافت أنه لا يوجد ما يدعو إلى القلق حاليا بشأن أمن الطاقة في ألمانيا.
وأوضحت "تدفقات الغاز مستقرة بشكل عام في هذا الوقت، لكننا قلقون من رؤية توقف للإمدادات في دول أوروبية شريكة".
وسبق أن حذرت الحكومة الألمانية من تكبد الاقتصاد أضرارا جسيمة إذا تم تعليق الإمدادات الروسية، ولهذا فإنها تعارض بشدة فرض حظر على واردات الطاقة الروسية.
وبولندا وبلغاريا هما أول دولتين يتم قطع إمدادات الغاز عنهما من قبل المورد الرئيسي لأوروبا، منذ غزو أوكرانيا الذي بدأ في الرابع والعشرين من فبراير، وأودى بحياة الآلاف وتسبب في تشريد الملايين وأثار مخاوف من نشوب صراع أوسع.
وقالت غازبروم في بيان "علّقت غازبروم بالكامل إمدادات الغاز إلى بولغارغاز (بلغاريا) وبي.جي.أن.آي.جي (بولندا) بسبب عدم سداد المدفوعات بالروبل".
كما حذّرت غازبروم من أن عبور الغاز عبر بولندا وبلغاريا سيتوقف إذا تم الاستيلاء عليه بصورة غير قانونية.
وقالت وارسو وصوفيا إن وقف الإمدادات يعد خرقا للعقد من جانب غازبروم، أكبر شركة للغاز الطبيعي في العالم.
وقالت غازبروم "يجب سداد مدفوعات الغاز الذي تم توريده اعتبارا من أول أبريل بالروبل، باستخدام تفاصيل المدفوعات الجديدة، والتي تم إبلاغ الأطراف المعنية بها في الوقت المناسب".
وأكدت بولندا مرارا أنها لن تدفع مقابل الغاز الروسي بالروبل، وتعتزم عدم تمديد عقد الغاز مع غازبروم بعد أن ينتهي في نهاية هذا العام.
وينقل خط أنابيب يامال - أوروبا الغاز الروسي إلى ألمانيا عبر بولندا، على الرغم من أنه كان يعمل في معظم الوقت بصورة عكسية هذا العام، حيث كان ينقل الغاز شرقا من ألمانيا. وبلغاريا هي بلد عبور إمدادات الغاز إلى صربيا والمجر.
وقال وزير الطاقة البلغاري ألكسندر نيكولوف إن بلاده دفعت تكاليف شحنات الغاز الروسي لشهر أبريل، وإن وقف إمدادات الغاز سيكون خرقا لعقدها الحالي مع غازبروم.
وأضاف نيكولوف "لأننا نفذنا جميع الالتزامات التجارية والقانونية، فمن الواضح أنه في الوقت الحالي يتم استخدام الغاز الطبيعي كسلاح سياسي واقتصادي في الحرب الحالية".
وقال وزير الطاقة النمساوي إن شحنات الغاز الطبيعي الروسية مستمرة بلا قيود ولا يوجد مؤشرات على أي تغيير في ذلك.
وبلغ الطلب على شحنات الغاز إلى محطة كوندراتكي على الحدود بين بولندا وبيلاروسيا التي تستقبل الغاز من خط يامال، 3.7 غيغاوات/ساعة الأربعاء، مقابل عدم وجود أي طلب غدا.
وبلغ حجم تدفقات الغاز الطبيعي بين روسيا وأوكرانيا 49.8 مليون متر مكعب اليوم، مقابل 56 مليون متر مكعب الثلاثاء، في حين تبلغ طاقة النقل لشبكة خطوط أنابيب الغاز الطبيعي العابرة لأراضي أوكرانيا 109.6 مليون متر مكعب يوميا.
واستقرت تدفقات الغاز الطبيعي عبر خط نورد ستريم الذي ينقل الغاز من روسيا إلى ألمانيا عبر بحر البلطيق الأربعاء، عند مستوى 73.3 مليون غيغاوات، وهو تقريبا مستواها نفسه الثلاثاء.