سقوط ماريوبول يمهد طريق روسيا للسيطرة على دونباس

معركة دونباس ستكون طويلة الأمد مع تسلم أوكرانيا مساعدات عسكرية أكبر.
الجمعة 2022/04/22
حرب استنزاف طويلة لا تزال تنتظر موسكو

بإعلان سيطرتها على مدينة ماريوبول، حققت القوات الروسية “نصرا استراتيجيا” يمهد لها السيطرة على إقليم دونباس بالكامل، إلا أن المعركة ستكون طويلة الأمد مع تسلم أوكرانيا لمساعدات عسكرية أكبر.

زابوريجيا (أوكرانيا) - أشاد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الخميس بسيطرة قواته على ماريوبول، المدينة المرفئية الاستراتيجية في جنوب شرق أوكرانيا، واصفا إيّاها بـ“الخطوة الناجحة”، لكن مع تفضيله راهنا محاصرة آخر المقاومين في المدينة بدلا من استهدافهم بهجوم نهائي.

ويتحصّن الجنود الأوكرانيون المقاومون في مصنع “آزوفستال” الكبير لصناعة الصلب في هذه المدينة الساحلية الواقعة في أقصى جنوب إقليم الدونباس والتي استحالت كومة ركام بعدما قصفتها القوات الروسية وحاصرتها قرابة شهرين.

ويرفض هؤلاء الاستسلام وقد طالب معاون قائد كتيبة “آزوف” سفياتوسلاف بالامار عبر تلغرام بـ“ضمانات” أمنية من “العالم المتحضّر” قبل الخروج.

ويؤكّد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أنّ “نحو ألف مدني وامرأة وطفل” و”المئات من الجرحى” يتحصّنون معهم في المجمّع.

جو بايدن: فلاديمير بوتين لن ينجح أبدا في احتلال أوكرانيا

واعتبر الرئيس الروسي “الهجوم المقترح على المنطقة الصناعية غير مناسب”، آمرا بـ“إلغائه”، بحسب ما قال خلال اجتماع مع وزير الدفاع سيرجي شويغو بثّ التلفزيون الروسي مقتطفات منه.

وصرّح سيّد الكرملين “لا بدّ من مراعاة حياة جنودنا وضبّاطنا وصحّتهم وينبغي عدم خوض هذه الدياميس والزحف تحت الأرض”.

وأردف “حاصروا كلّ هذه المنطقة بحيث لا تمرّ فيها ذبابة واحدة”. وبعد عدّة إنذارات وجّهها الجيش الروسي إلى المقاتلين الأوكرانيين، دعا بوتين هؤلاء إلى الاستسلام، متعهّدا بالحفاظ على سلامتهم و”معاملتهم معاملة لائقة”.

وبحسب شويغو، مازال حوالي ألفي مقاتل في مصنع الصلب هذا ولم يأت وزير الدفاع الروسي على ذكر أيّ مدنيين بينهم.

وتخشى السلطات الأوكرانية أن يكون أكثر من 20 ألف شخص قد لقي حتفه في ماريوبول بسبب المعارك من جهة ونقص القوت والمياه والكهرباء من جهة أخرى.

ويسيطر الجيش الروسي على جزء كبير من المدينة منذ عدّة أيّام وهو واكب صحافيين أجانب في جولة على المواقع التي استولى عليها.

وخلال الحصار المفروض على المدينة، كانت عمليات إجلاء المدنيين نادرة ومحفوفة بالمخاطر، غير أن نائبة رئيس الوزراء إيرينا فيريشتشوك كشفت الخميس أن أربع حافلات لإجلاء المدنيين غادرت المدينة.

وهي في طريقها إلى زاباروجيا على بعد مئتي كيلومتر في رحلة قد تستغرق عدّة أيّام بسبب نقاط التفتيش المتعدّدة في المنطقة الواقعة في جنوب شرق أوكرانيا حيث تتواصل المعارك. ومن المرتقب انطلاق حافلات أخرى من ماريوبول الخميس أيضا.

وفي المنطقة المتبقية من دونباس وفي جنوب البلد، تواصل القوّات الروسية “قصفها المدفعي على امتداد جبهة القتال”.

وتحتدم المعارك في منطقة إيزيوم خصوصا مع “قصف متواصل” في بوباسنا وروبيجني في منطقة لوغانسك وضربات جديدة على ميكولاييف في الجنوب على الطريق المؤدّي إلى أوديسا، ما تسبب بمقتل شخص وإصابة اثنين، بحسب حاكم المنطقة فيتالي كيم.

وكتب حاكم لوغانسك سيرغي غوداي على تطبيق تلغرام الأربعاء “الوضع يزداد تعقيدا ساعة بعد ساعة”. وكرّر مجددا دعوته إلى المدنيين “احتموا… ارحلوا!”.

وفي بوروديانكا الواقعة في منطقة كييف والتي احتلّتها القوّات الروسية في مارس، أكّدت السلطات المحلية الخميس أنها عثرت على تسع جثث جديدة لمدنيين قتلوا على أيدي الروس.

ماريوبول تحت قبضة الروس
ماريوبول تحت قبضة الروس

وقال قائد الشرطة المحلية أندري نيبيتوف عبر فيسبوك إن “هؤلاء الأشخاص قُتلوا على أيدي المحتلين الروس وبعض الضحايا عليهم آثار تعذيب”.

وقالت نائبة رئيس الوزراء الأوكراني أولغا ستيفانيشينا إن “1020 جثّة ليست سوى لمدنيين هي في مشارح منطقة كييف”.

ومنذ انسحاب القوّات الروسية من محيط كييف في أواخر مارس، عُثر على المئات من جثث المدنيين الذين تتّهم السلطات الأوكرانية وبلدان الغرب روسيا بارتكاب “جرائم حرب” بحقّهم، وهي اتّهامات ترفضها موسكو.

وفي حين يبدو أن معاناة ماريوبول قد شارفت على نهايتها، يُرجّح أن تكون المعارك للسيطرة على منطقة دونباس بكاملها وعلى جزء من الجنوب الأوكراني طويلة الأمد.

وقد تشكّل ماريوبول نقطة وصل بين القوّات الروسية في شمال دونباس وتلك التي في القرم وتتيح إيفاد المزيد من الجنود لتعزيز المواقع الروسية على جبهة القتال إلى الشمال، ما قد يطيل أمد الحرب، خصوصا مع تسلّم الأوكرانيين في الأيّام الأخيرة مساعدات عسكرية أكبر، أكان من الأميركيين أو من الشركاء الآخرين.

وبعد تردد طويل، أشارت إسرائيل الأربعاء إلى أنها وافقت للمرة الأولى على إرسال معدات واقية (خوذ وسترات واقية من الرصاص) إلى الجيش الأوكراني بينما أعلنت النرويج أنها زوّدت كييف بمئة صاروخ مضادّ للطائرات من تصميم فرنسي.

وأكد رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال أن الاتحاد الأوروبي سيفعل “ما بوسعه لدعم أوكرانيا وضمان كسبها الحرب”.

ووعد خصوصا بأن تستهدف عقوبات قريبا صادرات النفط والغاز الروسية، كما يطالب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي.

ووصل الخميس إلى كييف رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز برفقة نظيرته الدنماركية ميتي فريديريكسن للقاء الرئيس زيلينسكي.

التهديد الروسي مستمر
التهديد الروسي مستمر

واتّهم وزير الخارجية التركية مولود جاويش أوغلو الذي تحاول بلاده التوسّط لحلّ النزاع “دولا من حلف شمال الأطلسي” بسعيها لـ“استمرار الحرب” بحيث “تضعف روسيا”.

ويخشى بعض الدبلوماسيين الغربيين أن تزعزع حرب طويلة الأمد أسس التحالف العسكري الذي فرضت دوله عقوبات غير مسبوقة بشدّتها على روسيا.

ويقول دبلوماسي غربي إنه إذا تركّزت المعارك في منطقة دونباس، بعيدا عن كييف وعن حدود الحلف الأطلسي، قد يتضاءل الحسّ بالوحدة وبضرورة التحرّك مع الوقت.

وأكد الرئيس الأميركي جو بايدن الخميس أن الرئيس الروسي بوتين “لن ينجح أبدا” في احتلال أوكرانيا، عقب إعلانه عن مساعدة عسكرية أميركية جديدة لكييف.

وقال “وحدتنا في الوطن مع حلفائنا وشركائنا، ووحدتنا مع الشعب الأوكراني، تبعث رسالة لا لبس فيها إلى بوتين وهي أنه لن ينجح أبدا في السيطرة على كل أوكرانيا واحتلالها”.

وأعلنت الولايات المتحدة الخميس أنها تنوي صرف مساعدة اقتصادية إضافية بقيمة 500 مليون دولار لدعم أوكرانيا، لتُضاف إلى مساعدة بالقيمة نفسها خصّصها بايدن في مارس لكييف.

وأوضح المسؤول الأميركي الخميس أن من شأن هذه المساعدة أن تسمح لأوكرانيا بالحفاظ على حسن سير عمل الحكومة من خلال دفع خصوصا الرواتب والمعاشات التقاعدية وتجنّب تدهور الوضع الإنساني في البلاد.

ويُفترض أن يعطي الكونغرس موافقته قبل أن تُصرف هذه المساعدة في أسرع وقت ممكن لمواجهة الحاجات الملحّة.

5