رسالة حزينة قبل المعركة الأهم في المونديال

صرْح النجم الأرجنتيني ليونيل ميسي يتهاوى منذ اللحظة الأولى التي وطأت قدماه حديقة الأمراء.
الجمعة 2022/04/22
هل يغير صفوة النجوم أماكنهم

تونس - ماذا ينقص باريس سان جرمان؟ الفريق الباريسي، المملوك قطريا، يضمّ ألمع نجوم العالم، لكنه بقي حيث كان. أنفق النادي الباريسي الصيف الماضي، بينما كانت معظم الفرق الأوروبية الكبرى تعاني من تأثيرات أزمة كوفيد، مبالغ طائلة لجلب صفوة النجوم وألمعهم. 

جاء إلى حديقة الأمراء النجم الأرجنتيني ليونيل ميسي وسيرجيو راموس والمغربي أشرف حكيمي والحارس الظاهرة الإيطالي جانلويجي دوناروما. صفقات وازنة صفّق لها الجميع بلا تردّد بأمل تحقيق الحلم المستحيل. حلم دوري الأبطال الذي تمنع عن دخول حديقة الأمراء.

كان الاستقبال حافلا أمام عدسات الكاميرا لحظة وصول ميسي إلى ملعب بارك دي برانس واصطف الكل يهلّل ويصفق ويحيّي ويأخذ التواقيع مع نجم برشلونة أو ما يمكن أن نطلق عليه بلغة المصريين “الأفندي”.

المشهد الذي تابعته شخصيا على القناة الرياضية القطرية “بي.أن سبورت” كان مذهلا. نعود بالذاكرة إلى تلك اللحظات للتذكير بأن ما يمكن أن يشعر به أي متابع لانتقالات النجوم والصفقات الرياضية التي تحسم في آخر اللحظات، ليست كلها ذات جدوى.

كل ذلك الصخب الجارف الذي طبع المخيّلات حينها بأن النادي الفرنسي سيكون في قمة عطائه خلال هذا الموسم تلاشى.

فقط الانطباع الجيّد ودقة الرؤية هما ما يمكنهما أن يفسرا مدى نجاح هذا النجم أو ذاك حين يغيّر مكانه وموقعه بين أترابه. نعرف كلنا الظروف التي أحاطت بمغادرة ميسي لبرشلونة. لكن صرْح النجم الأرجنتيني الآن يتهاوى على وقع الخيبات المتتالية التي جناها منذ وطأت قدماه حديقة الأمراء. سار على الدرب نفسه قبله غريمه الأزلي كريستيانو رونالدو ولم يحسن الاختيار، وها هو يجني ثمار اختياره السيء.

شيء ما يحدث مع صفوة النجوم العالميين الذين أبهروا الجماهير العالمية في ما مضى وها هم يجنون تبعات سوء اختيارهم

شيء ما يحدث مع صفوة النجوم العالميين الذين أبهروا العالم في ما مضى، وها هم يجنون تبعات سوء اختيارهم. ربما ليس الجميع على نفس القاعدة. لكن في النهاية هو اختيار وتقدير ورؤية أيضا إلى المستقبل.

هل فكّر ميسي مثلا بعواقب الانتماء إلى فريق لا يملك سوى الأموال لإنفاقها بلا نتائج؟ هل فكّر الأرجنتيني في ناد ينتمي إلى دوري “ضعيف” كرويا ولا يستهوي عشاق كرة القدم في أوروبا؟

لحظة “الاغتراب الكروي” لا تنفع معها الحصيلة ولا العروض ولا حتى التاريخ أحيانا. الناس يحاسبونك على اللحظة التي أنت فيها، وخصوصا الجماهير الرياضية الشغوفة بمسابقة الشامبيونزليغ.

أعادنا باريس سان جرمان إلى حقبة مضت ظن فيها الجميع أن ريال مدريد الذي امتلك حينها ألمع النجوم، من ديفيد بيكام إلى راؤول غونزالس إلى زين الدين زيدان وروبرتو كارلوس، قادر على “غزو أوروبا” كرويا، لكنه سرعان ما انهار في أول المنعطف.

الريال الذي عاد هذا الموسم ليسجل حضوره قاريا يشفع له في ذلك اختياره لمدرب ذكي مثل كارلو أنشيلوتي، وكرة مطاوعة لنجمه الفرنسي كريم بنزيمة يسحبها

من أيدي الحراس. عودة ربما تضع الملكي بطلا هذا العام، لكن خصومه لا يقلون شأنا على غرار مانشستر سيتي المتحمس والمتحفز لأول لقب.

هي رسالة إذن لبعض النجوم الذين ينتقلون أو يختارون المغادرة بلا حسابات تكتيكية ولا تفكير معمقا ليتبخر حلمهم في أول المنعطف. لكن هذه الرسالة سوف تكتب أطوارها في مشهد آخر يلتقي فيه جميع النجوم في مونديال قطر دفاعا عن اللقب الأغلى، وتحفزا لمن يقدر على الصمود في المعركة الأبرز.

بعد أشهر قليلة تنطلق النسخة الثانية والعشرون من البطولة العالمية لأول مرة في بلد عربي وخليجي تحديدا، حيث يكون التنافس على أشده بروح مغايرة، والأكيد أن قبل انطلاقها ستكون حركة سوق الانتقالات نشطة في الصيف.. هل يختار هؤلاء النجوم تغيير المكان لكي يمنحهم انطلاقة قوية بالبطولة أم سيحافظون على البقاء بلا روح قد تنعكس سلبا على عطائهم في “أرض الميعاد” الدوحة؟

19