تحركات تركيا أحادية الجانب في شمال العراق تستفز بغداد

بغداد- أثارت العملية العسكرية الجديدة لتركيا في شمال العراق، ضد عناصر حزب العمال الكردستاني غضب السلطة المركزية في بغداد التي طالبت أنقرة بوقف خرقها لسيادة العراق، واستغلاله كساحة لتصفية حسابات.
وبدأت تركيا الاثنين شن هجوم جوي وبري جديد ضد مواقع لحزب العمال، مستغلة في ذلك انشغال العراقيين بالأزمة السياسية التي تعصف بالبلاد منذ نحو سبعة أشهر.
وقالت أوساط سياسية عراقية إن أنقرة لم تكلف نفسها عناء إعلام السلطة الاتحادية في بغداد بالهجوم الجديد، واقتصرت على التنسيق مع قادة إقليم كردستان، خلال زيارة أداها الأسبوع الماضي رئيس وزراء الإقليم مسرور بارزاني إلى أنقرة حيث التقى الرئيس رجب طيب أردوغان، ورئيس الاستخبارات التركي حقان فيدان.
◙ أنقرة تتخذ خطواتها بمعزل عن الحكومة الاتحادية في بغداد، كما حصل في عمليتي "مخلب النمر" و"مخلب النسر" في العام 2020
وأشارت الأوساط إلى أن تركيا كما إيران، تتعاملان مع العراق كأرض مستباحة، لافتين إلى الهجوم الذي شنه الحرس الثوري الإيراني الشهر الماضي ضد مواقع مدنية في إقليم كردستان. وتعتبر هذه الأوساط أن المسؤولين العراقيين يتحملون المسؤولية الكبرى حيال تجاوزات الجيران، في ظل تهاونهم في الرد عمليا على مثل هذه الخروقات.
واستدعت وزارة الخارجية العراقية السفير التركي في بغداد الثلاثاء احتجاجا على العملية العسكرية الجارية تحت مسمى “قفل المخلب”، فيما وصف المتحدث باسم الرئاسة العراقية، الهجوم التركي بأنه خرق لسيادة البلاد وتهديد للأمن القومي العراقي.
وقالت الخارجية، في بيان صحافي إنها سلّمت السفير التركيّ مُذكّرة احتجاج شديدة اللهجة، داعية إلى الكفّ عن مثل هذه الأفعال الاستفزازيّة، والخروقات المرفوضة.
وأشارت إلى أن الحكومة العراقيّة تجدد مطالبتها بانسحابِ كامل القوّات التركيَّة من الأراضيّ العراقيَّة بنحو يعكس احتراما مُلزِمَا للسيادة الوطنيَّة.
وأضافت “إنَّ العراقَ يمتلكُ الحَقَّ القانونيّ لاتخاذ الإجراءات الضروريّة والمناسبة وفقا لأحكام ميثاقِ الأُمم المُتحدة، وقواعد القانون الدوليّ إزاءَ أعمال عدائيّة وأُحادية الجانب كهذه، إذ تجري دون التنسيق مع الحكومةِ العراقيَّة”.
وكان وزير الدفاع االتركي خلوصي أكار أعلن أن وحدات كوماندوز ومسيّرات ومروحيات هجومية تقصف مواقع حزب العمال الكردستاني في ثلاث مناطق قريبة من الحدود التركية.
وقال أكار “نجح طيارونا الأبطال في إصابة أهداف كمخابئ وكهوف وأنفاق ومستودعات ذخيرة وما يسمى بمقار تابعة للتنظيم الإرهابي”. ولفت إلى أن القوات التركية “حيّدت أعدادا كبيرة من الإرهابيين”، مؤكدا أن “عمليات البحث والمسح متواصلة في المنطقة، ومن المتوقع أن تزداد وتيرتها خلال الساعات والأيام المقبلة”.
واعتبر المتحدث باسم رئاسة الجمهورية العراقية “أن تكرار العمليات العسكرية التركية داخل الحدود العراقية في إقليم كردستان ومن دون تنسيق مع الحكومة الاتحادية العراقية على الرغم من دعوات سابقة إلى وقفها وإجراء محادثات وتنسيق حولها، هو غير مقبول”.
وأضاف المتحدث “في الوقت الذي نؤكد تعزيز العلاقات الإيجابية مع تركيا على أساس المصالح المشتركة، وحلّ الملفات الأمنية عبر التعاون والتنسيق المشترك المسبق، فإن الممارسات الأمنية الأحادية الجانب في معالجة القضايا الأمنية العالقة أمر مرفوض، ويجب احترام السيادة العراقية”.
◙ وزارة الخارجية العراقية استدعت السفير التركي، فيما وصفت رئاسة الجمهورية الهجوم التركي بأنه خرق لسيادة البلاد
وشدد على أن قرار الدولة العراقية الرسمية وسياستها الخارجية الموحدة، ترتكز على رفض العراق المستمر بأن تكون أرضه ميدانا للصراعات وساحة لتصفية حسابات الآخرين والتعدي على سيادته وتهديد أمنه واستقراره الداخلي، وكذلك رفض أن يكون منطلقا للعدوان والتهديد على أي من جيرانه.
وتنفّذ تركيا عادة هجمات في العراق، حيث لحزب العمال الذي تصنفه تنظيما إرهابيا، قواعد ومعسكرات تدريب في منطقة سنجار وفي المناطق الجبلية في إقليم كردستان العراق الحدودي مع تركيا.
وتتخذ أنقرة خطواتها بمعزل عن الحكومة الاتحادية في بغداد، كما حصل في عمليتي “مخلب النمر” و”مخلب النسر” في العام 2020، ويرى مراقبون أن التحرك التركي الأحادي يأتي لقناعة لدى أنقرة، بأن موقف الجانب العراقي لن يتعدى التنديد.
وأدان زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، في وقت سابق التدخل العسكري التركي داخل الأراضي العراقية، داعيا إياها إلى التنسيق مع الحكومة الاتحادية.
وكتب الصدر في تغريدة على تويتر أن “الجارة تركيا قد قصفت الأراضي العراقية بغير حق وبلا حجّة”، معتبرا أنه “إذا كان هناك خطر يداهمها من الأراضي العراقية فعليها التنسيق مع الحكومة العراقية، فالقوات الأمنية العراقية قادرة على ذلك”. وهدد بالرد قائلا “إن تكرّر ذلك فلن نسكت، فالعراق دولة ذات سيادة كاملة ولن نقبل بالتعدّي وزعزعة الأمن في أراضيها”.