الدبيبة يلوّح من الجزائر بإجراءات رادعة ضد مغلقي حقول النفط

رئيس البرلمان الليبي يدعو مؤسسات الدولة السيادية بوقف التعامل مع حكومة الدبيبة، مطالبا بإقفال وتجميد كافة سجلاّت القرارات والدفاتر الخاصة بمراسلاتها.
الثلاثاء 2022/04/19
تبون يتعهد للدبيبة بتنظيم مؤتمر دولي لدعم إجراء الانتخابات

الجزائر - لوّح رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية المنتهية ولايتها عبدالحميد الدبيبة، مساء الاثنين باتخاذ إجراءات رادعة حيال العابثين بثروات البلادة، في إشارة إلى عمليات الإقفال التي طالت حقولا وموانئ نفطية منذ السبت الماضي، بينما طالب رئيس مجلس النواب عقيلة صالح مؤسسات الدولة السيادية بعدم التعامل مع حكومة الدبيبة.

جاء ذلك عقب لقائه الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون الاثنين، الذي خُصِّص لمناقشة الوضع السياسي القائم في ليبيا، وكذلك التعاون الاقتصادي بين البلدين.

وقال الدبيبة إن "الحكومة اليوم ستقوم بخطوات رادعة حيال العبث بثروات الشعب الليبي. حقيقة الأمر القرار السيادي في بلادي هو قرار شرعي ودولي".

ومنذ السبت الماضي عمد محتجون مناهضون لحكومة الدبيبة إلى إغلاق العديد من الحقول النفطية، بينها حقل الفيل (أقصى الجنوب الغربي) وميناء الزويتينة والحقول المجاورة له في الشرق الليبي، وحقل الشرارة والنافورة بجنوب وجنوب شرقي البلاد، وذلك لدفع رئيس حكومة الوحدة إلى تسليم السلطة للحكومة المكلفة من البرلمان برئاسة فتحي باشاغا.

ولا تستبعد أوساط سياسية أن يكون قائد الجيش الليبي المشير خليفة حفتر وراء استخدام ورقة النفط للضغط على الدبيبة لتسليم السلطة لباشاغا، كما فعل ذلك مرارا في سنوات سابقة، مشيرة إلى أنه فضل هذه المرة الدفع بمدنيين من أنصاره لغلق الحقول والموانئ النفطية، لتجنب أي ضغوط دولية أو ملاحقات جنائية.

وتأتي زيارة الدبيبة إلى الجزائر في مسعى لإخراجها عن الحياد الذي تبديه منذ بدء أزمة الشرعية في مطلع مارس الماضي، عقب تعيين البرلمان لحكومة جديدة برئاسة باشاغا.

وسلّم الدبيبة إلى الرئيس الجزائري خطته الهادفة إلى إجراء الانتخابات ضمن جهود لحشد دعم إقليمي ودولي لها.

وأعرب تبون عن دعمه لهذه "الخطوات والتنسيق الدولي بشأنها والتحضير لعقد مؤتمر دولي تستضيفه الجزائر، دعما لإجراء الانتخابات في ليبيا"، وفق البيان.

وهذه الخطة أعلنها الدبيبة في الثاني عشر من فبراير الماضي، وتستهدف إجراء انتخابات برلمانية في الثلاثين من يونيو 2022، لإنهاء جميع الأجسام السياسية الموجودة، بما فيها حكومته.

وعقب لقائه مع تبون قال الدبيبة إنه بحث "عددا من الملفات، أهمها عقد الانتخابات القادمة بليبيا"، وفق التلفزيون الرسمي الجزائري.

وأوضح أنه قدم تصور حكومته لـ"إنجاز هذا المشروع (الانتخابات) المهم، والمرور بليبيا من دائرة الانتقالية إلى دائرة الاستقرار واختيار الشعب".

ولفت إلى أنه تطرق خلال مناقشاته مع الرئيس تبون إلى الدور الجزائري المهم المأمول في دعم هذه الانتخابات، وضرورة إجرائها في أقرب وقت ممكن"، كما تطرقا إلى ضرورة زيادة التعاون الاقتصادي بين البلدين، خاصة في مجال النفط والغاز، خصوصا في ظل الظروف العالمية، بهدف زيادة الإنتاج والتحكم في الأسعار وتسويقها.

وسوق النفط والغاز يشهد اضطربات وارتفاعا للأسعار، على خلفية هجوم عسكري تشنه روسيا، أحد أبرز الموردين، ضد جارتها أوكرانيا منذ الرابع والعشرين من فبراير الماضي.

وكشف الدبيبة خلال تصريحاته تفاصيل المؤتمر الدولي حول ليبيا الذي يجري التحضير له في الجزائر، مؤكدا أنه يدعم ويؤيد تنظيم هذا المؤتمر بالجزائر الذي "سيكون على مستوى وزراء الخارجية"، و"سيغطي الخطوات المهمة التي يدعمها العالم في مجال الانتخابات في ليبيا".

وقبل أيام، التقى تبون ووزير خارجيته رمطان لعمامرة على نحو منفصل مع وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش، وأكدت الجزائر آنذاك دعمها لجهود حكومة الوحدة الليبية لـ"الوصول إلى انتخابات نزيهة وشرعية".

وبالتزامن مع زيارة الدبيبة للجزائر، دعا رئيس البرلمان الليبي عقيلة صالح عددا من مؤسسات الدولة السيادية لوقف التعامل مع حكومة الوحدة الوطنية، أو التخاطب باسمها، بسبب انتهاء ولايتها.

جاء ذلك في خطاب وجهه مساء الاثنين عقيلة صالح إلى كل من رئيس المجلس الأعلى للقضاء ومكتب النائب العام ومحافظ مصرف ليبيا المركزي، وكذلك رئيس ديوان المحاسبة ورئيس هيئة الرقابة الإدارية والممثل القانوني لهيئة مكافحة الفساد.

وقال رئيس برلمان ليبيا إن الحكومة الحالية "انتهت ولايتها بتاريخ الرابع والعشرين من ديسمبر من العام الماضي، وبموجب قرار من البرلمان بسحب الثقة منها"، مطالبا بإقفال وتجميد كافة سجلات القرارات والدفاتر الخاصة بمراسلات هذه الحكومة، على أن يكون التعامل مع الحكومة الليبية بقيادة باشاغا دون غيرها، باعتبارها "السلطة التنفيذية صاحبة الشرعية وفق قرار من البرلمان".

ولا يمكن التكهن بموقف الجهات الرسمية من الخطاب الذي وجهه لها عقيلة صالح، وما إذا كانت ستوقف التعامل مع حكومة الدبيبة أو تستمر في تنفيذ قراراتها، خاصة أن رئيس البرلمان سبق أن طلب من رئيس المؤسسة الوطنية للنفط مصطفى صنع الله تجميد إيرادات النفط، إلا أن الأخير قام بتحويل ما قدره ستة مليارات دولار إلى حسابات وزارة المالية بحكومة الدبيبة لدى المصرف المركزي.

وتعيش ليبيا في فوضى سياسية لا يمكن توقع نهايتها، في ظل وجود رئيسين للحكومة يتنازعان على الشرعية، وهو صراع تسبّب في إقفال عدد من الحقول النفطية الرئيسية في ليبيا وانهيار الإنتاج، إلى جانب انقسام البلاد بين أطراف مؤيدة لبقاء الدبيبة إلى حين إجراء انتخابات وأخرى رافضة لذلك وداعمة لتسلم حكومة باشاغا السلطة، وهو مشهد يثير مخاوف متنامية من انزلاق البلاد مرة أخرى نحو الفوضى والاقتتال.