صحافي "جامع حواس".. السر وراء نجاح خطابات زيلينسكي عالميا

هناك مجموعة من الكتاب يقومون بصياغة خطابات الرئيس الأوكراني لتبدو كأنها "رسائل نصر" موجهة إلى الوطن.
الثلاثاء 2022/04/19
خطابات حشدت الدعم الدولي في الخارج

كييف - تقدم أوكرانيا دروسا ناجحة في قوة الرسائل التلفزيونية وبنائها وإيصالها، وأدت خطابات الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي لشعبه وأمام البرلمانات في جميع أنحاء العالم، إلى حشد الدعم الدولي، ورفع الروح المعنوية في الداخل.

ويشير تقرير صحيفة “الغارديان” البريطانية إلى أن هناك مجموعة من الكتاب الذين يقومون بصياغة خطابات زيلينسكي، لتبدو كأنها “رسائل نصر” موجهة إلى الوطن. وقالت الصحيفة “لقد تمكّنوا من السيطرة على نسب المشاهدة في أوروبا والعالم”.

وفي اليوم الخمسين من الغزو الروسي، ألقى زيلينسكي خطابه الليلي للشعب الأوكراني. وقال إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، كان يتوقع بثقة الاستيلاء على أوكرانيا في غضون خمسة أيام. وأضاف، وهو يقف خارج مبنى إدارته المقام على الطراز الكلاسيكي الجديد في وسط كييف، أن بوتين الآن “يكوِّن صداقات مع الواقع” أي أنه لم يكن واقعيا بتقديراته، مشيدا بشجاعة مواطنيه وإخلاصهم. وكانت هناك إشارة إلى السفينة الروسية “موسكفا”، التي تقول أوكرانيا إنها أغرقتها بعد استهدافها بصاروخين “نبتون”، وأشاد “بأولئك الذين توعدوا بإغراق السفن، وبالرجال والنساء الذين طردوا القوات الروسية من الشمال، وأوقفوها في الجنوب، ودافعوا ببطولة عن ماريوبول”. وكالعادة، أنهى حديثه بـ”سلافا أوكراني”، أي (المجد لأوكرانيا).

كاتب الخطابات هو صحافي يدعى دميترو ليتفين ويبلغ من العمر 38 عاما، ولديه أقل من 200 متابع على تويتر

وكاتب هذه الخطابات، هو صحافي سابق ومحلل سياسي، يدعى دميترو ليتفين ويبلغ من العمر 38 عاما، ولديه أقل من 200 متابع على تويتر، بحسب الصحيفة.

وفي مقابلة أجريت معه عبر “واتساب”، قال دميترو ليتفين، لصحيفة “الأوبزرفر” البريطانية، إن الأفكار وراء الخطب، كانت أفكار زيلينسكي “يعرف الرئيس دائما ما يريد قوله وكيف يريد أن يقوله”. وأضاف “العواطف في الخطب هي الأهم. وبالطبع الرئيس هو صاحب منطق وعواطف، وقد يتعلم قادة العالم الآخرون منه، ويعرفوا كيفية محاكاة مزيج زيلينسكي القوي من الصراحة والقوة العاطفية”.

وليتفين، هو واحد من أعضاء الفريق الداخلي للرئيس (الكتّاب). وكان هو وزملاؤه يعيشون ويعملون في بنكوفا منذ الأيام الأولى للغزو.

ووصف سيرجي ليششينكو، وهو صحافي سابق آخر تحول إلى مستشار لزيلينسكي في زمن الحرب، ليتفين بأنه مساعد أدبي وفني. وقال“إنه يجمع أفكار الرئيس كل يوم. إنه يعمل كعقل أو جامع حواس”. في يوم من الأيام، قد يكون الموضوع هو “همجية الجنود الروس”، أو “حاجة أوكرانيا الملحة إلى أسلحة دفاعية”.

وتشير الصحيفة إلى أن أسلوب ليتفين “مؤثر”، وتظهر استطلاعات الرأي أن 95 في المئة من الأوكرانيين يعتقدون أن بلادهم يمكنها صد الغزو الروسي، على الرغم من ضعف كييف لناحية الدبابات والقوات والطيران. ويعتقد 78 في المئة أن أوكرانيا تتحرك في الاتجاه الصحيح.

وقالت أوريسيا لوتسفيتش مديرة منتدى أوكرانيا في مركز أبحاث السياسة الخارجية “تشاتام هاوس”، إن مسيرة زيلينسكي السابقة ممثلا وكوميديا كانت مفتاح نجاحه. وأضافت “اعتاد المشاهدون على رؤيته في أدوار مختلفة على شاشة التلفزيون، وبالتالي كانوا قادرين على قبوله”.

وتابعت “إنهم يعرفون أنه رجل دولة معاصر جاء من عالم الترفيه، والناس من حوله يفهمون قوة السرد أثناء الحرب”.

وأضافت لوتسفيتش إن زيلينسكي ورفاقه خلقوا إحساسا بـ”المهمة التاريخية”، التي ربطت الصراع الحالي في أوكرانيا بالمعارك السابقة ضد موسكو. وكانوا على دراية جيدة بالثقافة الشعبية، حيث قدّموا الحرب على أنها “نور مقابل الظلام”، في دراما أوكرانية على غرار ملحمة “سيد الخواتم”.

وجاء العديد من كبار مستشاري زيلينسكي من التلفزيون، وعملوا معه سابقا في أستوديو الإنتاج الخاص به، وقد ساعدتهم الطبيعة الواضحة للحرب الروسية على أوكرانيا في تقديم صورة متكاملة للعالم مضمونها “أن أوكرانيا هي الضحية، وإنها تقاتل من أجل البقاء”. وهذا يجعل زيلينسكي زعيما لما يسميه عالم السياسة إيفان كراستيف “كوكبة رومانسية”.

وقال إيهور تودوروف أستاذ العلاقات الدولية بجامعة “أوزهورود” غربي أوكرانيا، إن زيلينسكي قد يكون عاطفيًا وغير دبلوماسي، وغالبًا ما تشبه رئاسته المبكرة “خادم الشعب”، المسلسل الهزلي التلفزيوني الأوكراني الشهير حيث لعب زيلينسكي دور مدرّس التاريخ الذي صار رئيسًا عن طريق الصدفة. وأضاف أن الحرب غيّرت زيلينسكي، كما فعلت مع ستالين عام 1941.

وتبدو صياغة خطابات زيلينسكي مناسبة، وهي موجهة لمجموعات محددة، وعلى سبيل المثال، “في كلمته لمجلس العموم البريطاني، شبه زيلينسكي صراع أوكرانيا ضد روسيا بالنضال البريطاني ضد الزعيم النازي أودولف هتلر (…) وفي حديثه للكونغرس الأميركي، شبه قصف أوكرانيا ببيرل هاربور والحادي عشر من سبتمبر”.

ويستغل زيلينسكي خطاباته للتعبير عن حاجات أوكرانيا، وهو يطالب بالحصول على صواريخ مضادة للطائرات ومقاتلات حربية ودبابات وعربات مصفحة، ويريد فرض المزيد من العقوبات على موسكو، بما في ذلك حظر كامل على استيراد الطاقة. وفي بعض الأحيان “يمكن أن يوبخ”، فقد طُلب من الرئيس الألماني، فرانك فالتر شتاينماير، الأسبوع الماضي، عدم زيارة كييف بسبب “علاقاته الوثيقة مع روسيا”.

16