الحكومة الإسرائيلية تواجه شبح الانقسام بسبب العنف في القدس

القائمة العربية الموحدة تجمد عضويتها في التحالف الحكومي والكنيست بشكل مؤقت بعد تعرضها لضغوط سياسية.
الاثنين 2022/04/18
العنف في القدس يزيد الضغط على الحكومة الإسرائيلية

القدس - يواجه الائتلاف الحاكم في إسرائيل انقساما جديدا الأحد إثر قرار القائمة العربية الموحدة تجميد عضويتها في التحالف والكنيست (البرلمان)، بشكل مؤقت، بسبب الأحداث الدائرة في المسجد الأقصى بمدينة القدس الشرقية، والتي خلفت إصابة 170 شخصا.

وتولى رئيس الوزراء نفتالي بينيت منصبه في يونيو الماضي بعد جهود مضنية لتشكيل ائتلاف قادر على الإطاحة برئيس الوزراء الإسرائيلي الأطول عهدا بنيامين نتنياهو. وحظي الائتلاف بأغلبية ضيّقة للغاية من 61 نائبا في الكنيست المؤلف من 120 مقعدا.

لكن الحكومة خسرت الأغلبية في وقت سابق من هذا الشهر عندما استقالت عضو في الكنيست من اليمين المتشدد، بسبب قرار حكومي بالسماح بتوزيع منتجات الخبز المخمّر في المستشفيات خلال عيد الفصح، تماشيا مع حكم صدر مؤخرا عن المحكمة العليا بإلغاء سنوات من الحظر، وبذلك صار الائتلاف الحاكم يملك 60 مقعدا.

والائتلاف مشكل من مزيج من الأحزاب اليسارية والقومية اليهودية المتشددة والأحزاب الدينية، إضافة إلى القائمة العربية الموحدة، وتشوبه انقسامات أيديولوجية عميقة.

وأدى العنف المستمر منذ ثلاثة أيام في المسجد الأقصى ومحيطه في القدس إلى تسليط ضغط سياسي على القائمة العربية الموحدة، ودعوات إلى انسحابها من الائتلاف الحاكم.

وقالت القائمة في بيان الأحد إنّها قررت تجميد عضويتها في الائتلاف الحكومي والكنيست، بشكل مؤقت، بعد اجتماع عقده مجلس شورى الحركة.

وتمتلك القائمة العربية الموحدة 4 مقاعد في الكنيست، المؤلف من 120 مقعدا.

وقال بيان القائمة "جاء القرار في ضوء مواصلة الاحتلال عدوانه على القدس والمسجد الأقصى المبارك، وخيبة الأمل من تعامل الحكومة الإسرائيلية مع ملف القدس والأقصى".

وأشارت إلى أنها "سعت من خلال دخولها إلى الائتلاف الحكومي لتحقيق مصالح المجتمع العربي".

ودعت القائمة الموحدة، القائمة العربية المشتركة (قائمة عربية أخرى) إلى اتخاذ قرار مشابه بتجميد عضويتها في الكنيست، حتى التوصل إلى حل في قضية القدس والمسجد الأقصى.

وحسب وسائل إعلام عبرية، من بينها قناة "كان" الرسمية، فإنّ انسحاب القائمة العربية الموحدة من الائتلاف الحكومي لن يؤثر على الفور على الحكومة، إذ إن الكنيست في عطلة حتى الخامس من مايو.

ونقلت وكالة فرانس برس عن مصادر قولها إن نفتالي بينيت سيسعى لتهدئة الوضع.

ويمكن لائتلاف بينيت أن يحكم بـ60 مقعدا، رغم صعوبة إقرار تشريعات جديدة، ولكن إذا غادر نائب آخر الائتلاف، يمكن للبرلمان إجراء تصويت بحجب الثقة وإعادة الإسرائيليين إلى صناديق الاقتراع في انتخابات برلمانية ستكون الخامسة خلال أربع سنوات.

وجاء البيان بعد ساعات على إصابة أكثر من 19 فلسطينيا وسبعة إسرائيليين بجروح خلال مواجهات بين الشرطة الإسرائيلية وفلسطينيين الأحد، في باحة المسجد الأقصى ومحيطها في القدس الشرقية المحتلة، فيما اعتقل 18 شخصا، بعد يومين على صدامات مشابهة أسفرت عن سقوط أكثر من 150 جريحا فلسطينيا.

وقالت الشرطة الإسرائيلية إن "المئات" من المتظاهرين الفلسطينيين، وبعضهم ملثم، "جمعوا حجارة وخزنوها" تمهيدا لاستخدامها في الصدامات قبيل بدء "زيارات" يقوم بها يهود، بينهم مستوطنون، لباحة المسجد في أوقات محددة وبشروط.

ويعتبر الفلسطينيون زيارات اليهود الذين يسمون الموقع "جبل الهيكل" عمليات "اقتحام".

ووصف مدير المسجد الأقصى الشيخ عمر الكسواني الوضع في المسجد وباحاته وحتى خارجه بأنه "مزر". وقال لوسائل إعلام إن "أكثر من مئتين من أفراد القوات الخاصة الإسرائيلية اعتدوا على المصلين وأخرجوهم بالقوة وتم تقطيع أسلاك الصوتيات"، في إشارة إلى مكبرات الصوت.

وأضاف أنه "تم اعتقال عدة شبان ومحاصرة المتواجدين بالمصلى القبلي، وإطلاق الرصاص المطاطي على من بداخله من الشبابيك التي تم تكسيرها الجمعة".

وأكدت خدمة إسعاف جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني تسجيل "19 إصابة خلال المواجهات المندلعة"، موضحة أنه "تم نقل خمس إصابات إلى المستشفى".

وفي حادثة منفصلة، أكدت الشرطة الإسرائيلية "إلقاء حجارة على حافلات في منطقة القدس الشرقية بالقرب من البلدة القديمة". وقالت في بيان إن "أضرارا لحقت بالحافلات ويتلقى العلاج عدد من الركاب الذين أصيبوا بشكل طفيف".

وأكد مستشفى "شعاري تصيدق" وصول سبعة مصابين بجروح طفيفة، غادر ثلاثة منهم بعد تلقيهم العلاج.

وقال وزير الأمن الداخلي عومر بارليف إن إسرائيل "ستتعامل بقوة ضد من يجرؤ على استخدام الإرهاب ضد المواطنين الإسرائيليين".

ويتزامن التصعيد في الموقع المقدس مع احتفالات عيدي الفصح اليهودي والفصح المسيحي وشهر رمضان.

ومن الفاتيكان، دعا البابا فرنسيس بمناسبة عيد الفصح الأحد إلى ضمان الدخول "بحرية" إلى الأماكن المقدسة في القدس.

وقال "نطلب السلام من أجل القدس والسلام لمن يحبونها من مسيحيين ويهود ومسلمين"، داعيا إلى "احترام متبادل لحقوق" جميع الأطراف.

وجرح الجمعة أكثر من 150 فلسطينيا في الصدامات التي وقعت مع الشرطة الإسرائيلية في باحة المسجد الأقصى. وأوقفت الشرطة أكثر من 400 شخص، أفرج لاحقا عن معظمهم، بينما تواصل استجواب البقية.

والأحد، جدد رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت تأكيده على "الحرية الكاملة" لقوات الأمن للتحرك "بما يضمن توفير الأمن لمواطني إسرائيل".

وأضاف بينيت خلال مشاورات أمنية مع كبار المسؤولين "نحاول تهدئة الوضع على الأرض والعمل بحزم ضد أسباب العنف".

وتشهد باحة المسجد الأقصى، أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين في البلدة القديمة في القدس الشرقية المحتلة، باستمرار صدامات بين الشرطة الإسرائيلية ومتظاهرين فلسطينيين.

وهذه الاشتباكات في الحرم القدسي هي الأولى هذا العام، وانطلقت مع بداية شهر رمضان الذي يتجمع المسلمون خلاله في الموقع المقدس، الذي يشكل أحد محاور النزاع الإسرائيلي - الفلسطيني.