مصر تنظر إلى الآخرين

مَن يمثل أو يغني أو يعزف أو يرقص عليه أن يذهب إلى مصر ليجد نفسه أولا ولينطلق عربيا.
السبت 2022/04/16
عالم فني مختلف

دائما كانت عيوننا على مصر فهل كانت عينا مصر علينا؟ بداية سيئة لمقال يُكتب من أجل مديح مصر.

مَن يمثل أو يغني أو يعزف أو يرقص عليه أن يذهب إلى مصر ليجد نفسه أولا ولينطلق عربيا. مصر هي البوابة. كانت ولا تزال كذلك. صحيح أن الفاتحين الكبار في المسرح والسينما المصرية كانوا غير مصريين غير أنهم وتلك حقيقة ما كان لهم أن يفعلوا ما فعلوه لولا مصر. هناك سر ولغز وحكاية خفية.

على سبيل المثال يذهب المطرب العربي إلى مصر لتصدره إلى بلاده. وبرغم كل التحولات السياسية والاقتصادية التي لم تكن لصالح مصر فإن تلك المعادلة لم تتغير.

كرم مصري يمكن النظر إليه من جهة منصفة باعتباره نوعا من الأخوة التي سبق للمصريين أن غطوا وجودهم من خلالها عربيا.

المصريون يؤمنون بالعروبة وإن اختلفت آراؤهم في شأن عصر عبدالناصر. لكن الغريب أنهم ظلوا مغلقين على أنفسهم تشكيليا وبالتحديد على مستوى عروض الرسم.

كان هناك اكتفاء ذاتي. القاعات الفنية في مصر لا تقيم عروضا عربية. ليس من عادة الرسامين العرب أن يعرضوا رسومهم في مصر. ألأنهم لا يرغبون في ذلك أم لأن مصر تشعر بالاكتفاء بفنانيها؟

من الطبيعي أن يكون عدد الرسامين في مصر أكثر من عددهم في أي بلد عربي آخر. ذلك لا يعني شيئا. فالمرء في حاجة إلى النوع المختلف والمزاج الجمالي البعيد. ثم أن العرب مصريون بطريقة أو بأخرى.

كان جدار الاكتفاء الذاتي أشد صلابة من أن يُخترق. ولكن محمد طلعت علي وهو صاحب غاليري مصر للفنون بالزمالك قرر أن يحدث تحولا في المزاج المصري وقبله في طرق التفكير المصري في الفن العربي. ينظرون إلينا. كيف ننظر إليهم؟

بدأ عروضه الخارجة على المألوف بقلق خشية أن يقاطعها المصريون ولكنه فجأة اكتشف أن السوق المصرية تتسع للعرب أيضا. أكان ذلك من صنعه؟ طلعت هو ابن المؤسسة الفنية.

سبق له أن عمل لسنوات في تلك المؤسسة ناشطا ومسؤولا عن فعاليات كثيرة إضافة إلى أنه مارس الرسم والنقد. ركام من الخبرات النوعية لا يتمتع بها أصحاب القاعات الفنية الذين يكتفون بالترويج للفنانين من أجل تسويق أعمالهم تجاريا.

لهذا السبب يبدو غاليري مصر مختلفا عن القاعات الأخرى. شيء من روح المغامرة ممتزجا برؤية عميقة لتحولات الرسم في العالم العربي. كان محمد طلعت يخطط لإقامة تظاهرة تشكيلية نقدية عربية في القاهرة قبل أن تحل الجائحة. كان في إمكان تلك التظاهرة أن تفتح نافذة من نوع مختلف على العالم العربي. نافذة يحتاجها الطرفان.

في كل الأحوال فإن ما يراه المصريون اليوم معروضا في غاليري مصر إنما يمثل انتقالة حية إلى عالم جمال مختلف.

20