رفع الحرس الثوري الإيراني من قائمة الإرهاب قضية سياسية وليست جوهرية

فيينا – يقول محللون إن واحدة من العقبات الأخيرة أمام إحياء الاتفاق النووي الإيراني المبرم عام 2015، وهي طلب طهران رفع الحرس الثوري من قائمة الإرهاب الأميركية، تعد قضية سياسية أكثر من كونها جوهرية.
فبينما بدا الجانبان على شفا إحياء الاتفاق قبل شهر، توقفت المحادثات منذ ذلك الحين بسبب مطالب روسية في اللحظة الأخيرة وعيد النوروز والمسألة التي لم تحل بشأن ما إذا كانت واشنطن سترفع الحرس الثوري الإسلامي الإيراني من القائمة الأميركية للمنظمات الإرهابية الأجنبية.
ودخلت الولايات المتحدة وإيران في محادثات متقطعة وغير مباشرة لأكثر من عام بشأن إحياء اتفاق 2015 الذي حدت إيران بموجبه من برنامجها النووي مقابل تخفيف العقوبات الاقتصادية.
وقال أحد المصادر إن الولايات المتحدة تدرس إسقاط هذا التصنيف مقابل نوع من الالتزام من جانب إيران بكبح أنشطة الحرس الثوري.
ومع ذلك، يدرك البيت الأبيض جيدا “الحساسية السياسية والتكلفة المرتبطة” برفع قوة النخبة من القائمة، وفقا لدينيس روس المفاوض الأميركي الذي عمل طويلا في الشرق الأوسط، مشيرا إلى أن بعض الديمقراطيين يعارضون رفع الحرس الثوري من قائمة المنظمات الإرهابية. وأضاف روس “هناك تردد من الجانب السياسي في البيت الأبيض”.
حكومة إبراهيم رئيسي تعتبر رفع الحرس الثوري من قائمة الإرهاب الأميركية إنجازا سياسيا للاستهلاك المحلي
وقال مسؤول كبير بالإدارة الأميركية إن الرئيس جو بايدن لم يكن ينوي رفع الحرس الثوري من قائمة المنظمات الإرهابية، حسبما أفاد ديفيد إجناشوس كاتب المقالات في صحيفة واشنطن بوست الجمعة.
وردا على سؤال حول هذا التقرير، قال مسؤول كبير في إدارة بايدن “لن نتفاوض علنا. مازالت هناك ثغرات”. وأضاف المسؤول الذي طلب عدم الكشف عن اسمه “المسؤولية تقع على عاتق إيران بالفعل في هذه المرحلة، لاسيما في ما يتعلق بهذه القضية”.
وعندما صنفت إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب الحرس الثوري الإيراني منظمة إرهابية أجنبية عام 2019، كانت هذه أول مرة تضع فيها واشنطن جزءا من جيش دولة أخرى في القائمة السوداء، وكان يُنظر إلى هذا التحرك من قبل البعض باعتباره أقراصا سامة تجعل من الصعب إحياء الاتفاق النووي الذي تخلى عنه الرئيس ترامب عام 2018.
ويقول منتقدو رفع الحرس الثوري الإيراني من القائمة، وكذلك أولئك المنفتحون على الفكرة، إن القيام بذلك سيكون له تأثير اقتصادي ضئيل لأن العقوبات الأميركية الأخرى تجبر الجهات الأجنبية على نبذ هذه الجماعة.
وقال مسؤول أميركي كبير طلب عدم الكشف عن اسمه “إنه تقييم على مستوى الإدارة بأنه لن يكون له تأثير كبير، إن وُجد”.
ويرجع ذلك جزئيا إلى أن الحرس الثوري الإيراني سيظل تحت طائلة العقوبات باعتباره “منظمة إرهابية عالمية مصنفة بشكل خاص” في قائمة أميركية منفصلة تم إنشاؤها بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001.
ويسيطر الحرس الثوري الإيراني، وهو فصيل سياسي قوي في إيران، على إمبراطورية تجارية بالإضافة إلى قوات النخبة المسلحة والمخابرات التي تتهمها واشنطن بشن حملة إرهابية عالمية.

واستشهدت مصادر إيرانية بأسباب متعددة وراء رغبتها في إلغاء هذا التصنيف، ويشمل ذلك السياسة الداخلية ورغبة فريق الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي في إظهار أن بإمكانه تأمين صفقة أفضل من سلفه حسن روحاني. وقال دبلوماسي إيراني كبير طلب عدم الكشف عن اسمه “إنها في الأغلب مسألة كرامة للمؤسسة والمفاوضين الإيرانيين”.
وأضاف مسؤول إيراني كبير سابق مطلع على المحادثات “أصر الفريق الجديد منذ البداية على قضية المنظمة الإرهابية الأجنبية وسيعتبرها إنجازا كبيرا إذا تم رفع تلك العقوبات. هذا الأمر بشكل أساسي للاستخدام المحلي لأنهم انتقدوا صفقة روحاني عام 2015 ولا يمكنهم إعادة إحيائها فحسب”.
وقال دبلوماسي إيراني آخر إن إيران رفضت فكرة رفع التصنيف عن الحرس الثوري الإيراني ككل مع الإبقاء عليه بالنسبة إلى فيلق القدس التابع للحركة.
بعض الديمقراطيين يعارضون رفع الحرس الثوري من قائمة المنظمات الإرهابية
ومع أن المسؤولين الأميركيين يكرهون الاعتراف بذلك، فإن القضية الرئيسية في واشنطن سياسية أيضا. فالجمهوريون يجادلون بأن إسقاط تصنيف “منظمة إرهابية أجنبية” عن الحرس الثوري سيُظهر أن إدارة بايدن متساهلة في التعامل مع الإرهاب، وهو اتهام ينفيه المسؤولون الأميركيون.
ووصف مايكل ماكول، وهو أبرز نائب جمهوري في لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب، الحرس الثوري الأسبوع الماضي بأنه “آلة قتل” تهدد الأميركيين وشدد على التكلفة السياسية للبيت الأبيض. وقال “سيؤدي ذلك إلى تقسيم الحزب الديمقراطي إلى نصفين بشأن هذا الأمر، إن لم يكن أكثر”.
وعبر بعض الديمقراطيين عن مخاوفهم، على الرغم من أن هناك فرصة ضئيلة في أن يعرقل الكونغرس إحياء الاتفاق النووي. وقال النائب الأميركي جوش جوتهايمر، وهو ديمقراطي من نيوجيرزي، الأسبوع الماضي “لا يمكننا المقامرة بحياة الأميركيين وإلغاء تصنيف منظمة إرهابية أجنبية”. وحتى المنتقدون يعترفون بأن رفع الحرس الثوري الإيراني من القائمة لن يكون له سوى القليل من الآثار العملية.
وقال ماثيو ليفيت من معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى إن تصنيف الحرس الثوري الإيراني على أنه منظمة إرهابية أجنبية أضاف سلطتين فقط هما: السماح للحكومة الأميركية بمنع دخول أي شخص مرتبط به وفرض عقوبات جنائية على أولئك الذين قدموا له عن قصد “دعما ماديا”.
وفي تحليل في الآونة الأخيرة، قال ليفيت إن إيران ستستخدم رفع الحرس الثوري من القائمة لكي تؤكد عدم مشاركتها في أي أنشطة إرهابية، وإن إسقاط هذا التصنيف سيقوض مصداقية العقوبات الأميركية. وكتب “لا ينبغي رفع الحرس الثوري الإيراني من قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية إلى أن يتوفر دليل على أنه أوقف الأنشطة الإرهابية”.