قطاع الأعمال العالمي يتقدم بحذر في التجارة بالعملات المشفرة

مايكروسوفت تعتبر إحدى الكيانات الكبرى التي تتقدم بحذر في مجال العملات المشفرة.
الاثنين 2022/04/11
دعنا نجرب الشراء بالبيتكوين

باريس – تكشف التقلبات التي يواجهها قطاع الأعمال العالمي لتبني التجارة بالعملات المشفرة عن مدى صعوبة اقتحام هذا المضمار والذي يشكل فيه المستهلكون طرفا أساسيا لإتمام تسوية المدفوعات وبالتالي نجاح هذا المسار.

وشهدت الأسواق العديد من التجارب المليئة بالمطبات، فقبل أربع سنوات أعلنت سلسلة مطاعم الوجبات السريعة كي.أف.سي على حسابها الكندي، أنها ستسمح باستخدام بيتكوين كوسيلة لدفع ثمن وجباتها.

وتقول الشركة إن الحملة الإعلانية كانت مزحة لم تستمر سوى ساعة واحدة فقط وأنها لم تتلق أي مدفوعات بالعملة المشفرة منذ ذلك الحين، لكن مقالات على الإنترنت تواصل تأكيد أن كي.أف.سي “تقبل” عملات بيتكوين.

جون فريمان: يجب عدم الإفراط في الحماس والانتظار بشأن نجاح ذلك

وعرضت شركات أخرى مثل تسلا لصناعة السيارات الكهربائية وديل المتخصصة في الإلكترونيات بيع منتجاتها بعملات بيتكوين قبل التخلي بهدوء عن هذه المبادرات.

ومن المحتمل ألا يتم استخدام بيتكوين مطلقاً في عمليات الشراء اليومية، إذ أنها من الأصول المتقلبة بشكل خاص وكلفة صرفها باهظة، وتستهلك الكثير من الطاقة وتستغرق معالجتها نصف ساعة على الأقل.

ونسبت وكالة الصحافة الفرنسية إلى خبير العملات المشفرة ومطورها في جنوب أفريقيا أندريه كروني قوله “لن يذهب أحد على الإطلاق إلى كي.أف.سي لشراء برغر دجاج وينتظر 30 دقيقة لدفع ثمنه”.

وكذلك هناك الآلاف من العملات المشفرة الأخرى الأكثر استقراراً من عملة بيتكوين مع أوقات أقصر لإتمام الدفع. ووفق موقع “كوين ماركت كاب” المتخصص، تبلغ القيمة الإجمالية لأصول العملة المشفرة أكثر من تريليوني دولار نصفها من عملات بيتكوين.

ويبني المطورون مثل كروني بنية تحتية لتسهيل عمليات الدفع بالعملة الافتراضية، لكن تبنيها من الجمهور العام أمر بالغ الأهمية. من جانبها، لا تزال الشركات تكافح لإيجاد الصيغة المثالية.

وتعتبر مايكروسوفت إحدى الكيانات الكبرى التي تتقدم بحذر في مجال العملات المشفرة. وتصر شركة التكنولوجيا الأميركية العملاقة على أن مساهميها لن يتعرضوا أبداً لتقلبات أسعار العملات الرقمية. وقدمت شركتا بايبال وأبل وعوداً مماثلة.

ودخلت مايكروسوفت في شراكة مع باككت، وهي خدمة تقوم بتحويل أصول العملة المشفرة إلى منتجات مختلفة مثل بطاقات هدايا إكسبوكس أو إضافة رصيد إلى بطاقة دفع ستاربكس.

وبدعم من صندوق الاستثمار مايكروسوفت أم 12، دخلت باككت بورصة نيويورك العام الماضي وعقدت سلسلة شراكات مع شركات بينها ماستركارد، مما أدى إلى ارتفاع أسهمها.

لكن بعد الإعلان عن خسائر كبيرة، شهدت باككت هبوطا حادا في أسهمها، مما أثار تساؤلات حول جدوى نموذجها. وأبلغت الشركة، التي سعت لاستهداف 9 ملايين عميل في نهاية 2021، عن 1.7 مليون حساب نشط فقط في ذلك العام.

ومن جانبها تقدم بايبال منذ العام الماضي في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة نظاما للدفع بالعملات المشفرة يتم من خلاله تحويل الأصول المشفرة للمستخدمين مباشرة إلى دولارات أو جنيهات أثناء عمليات الشراء.

يمكن للشركات الاستمرار في تسهيل استخدام العملات المشفرة حتى لو لم تكن الفوائد واضحة

ولا يزال من الصعب إثبات شعبية هذه الخدمة وغيرها من المبادرات المماثلة. ويعتبر مراقبو السوق أنه لا يزال من السابق لأوانه معرفة ما إذا كانت هذه المبادرات في مجال العملات المشفرة ستؤتي ثمارها.

وقال المحلل في مركز سي.أف.آر.أي للأبحاث جون فريمان “موقفي هو عدم الإفراط في الحماس والانتظار”. ويعتقد كثير من الخبراء في مجال التسوق الرقمي أن العوائق تبدو كبيرة إن لم تكن مستحيلة أمام تبني الدفع بالعملة المشفرة للمنتجات الاستهلاكية اليومية جماعيا.

ويستخدم كروني خدمات مثل بيتباي وبيتريفيل لإنفاق محفظته من العملات المشفرة على أمازون وأوبر وأماكن أخرى. ويقر بأن أشخاصاً أقل خبرة منه “سينهارون بسرعة كبيرة” إذا اعتمدوا يومياً على تقنية بلوكتشين التي تحكم تبادل العملات المشفرة.

ويتوقع هذا المطوّر أن يستمر استخدام بطاقات الائتمان في المستقبل، لكن العديد من المعاملات المصرفية، التي تتطلب حاليا وسطاء، ستتم على عملة بلوكتشين. ويقول كروني “إنها تقنية ستوفر عليهم 20 إلى 25 في المئة من النفقات العامة والتكاليف”. وأضاف أن “السؤال ليس ما إذا كان ذلك سيحدث، ولكن متى”.

وخارج القطاع المالي، يمكن للشركات الاستمرار في تسهيل استخدام العملات المشفرة حتى لو لم تكن الفوائد واضحة. وعلى سبيل المثال، تقول سلسلة فنادق بافيليونز التي تتعاون مع خدمة الدفع بالعملات المشفرة منذ العام الماضي، إنها لم تلاحظ أي فرق كبير لدى عملائها.

وقال متحدث باسم بافيليونز “يبدو أن لا أحد يحب إنفاق عملاته من البيتكوين حتى في الإجازة!”، موضحا أن “ذلك يدل على أن الناس ينظرون إلى بيتكوين كأداة استثمار أكثر من كونها وسيلة للدفع”.

10