اتفاقية مرتقبة بين الجزائر وإيطاليا لخفض الاعتماد على الغاز الروسي

رئيس الوزراء الإيطالي يزور الجزائر لتوقيع اتفاقية لزيادة واردات الغاز والاستثمارات المشتركة في مشاريع الطاقة المتجددة.
السبت 2022/04/09
دراغي في الجزائر لتخفيف أزمة الطاقة

روما - قال مصدران إن رئيس الوزراء الإيطالي ماريو دراغي سيزور الجزائر الاثنين للتوقيع على اتفاقية لزيادة واردات الغاز، وذلك في الوقت الذي تكثف فيه روما جهودها لاستكشاف مصادر بديلة عقب غزو روسيا لأوكرانيا.

وتأتي زيارة رئيس الوزراء الإيطالي إلى الجزائر في ظرف دولي محموم بالسباق من أجل الحصول على الطاقة، وقد أدت هذه الأزمة التي تبقى من النتائج المباشرة للحرب الروسية الأوكرانية، إلى حدوث استقطاب عميق داخل دول الاتحاد الأوروبي، تجلى من خلال فشل بعض الدول في فرض مقترح الشراء المشترك للغاز من قبل بروكسل، حيث تم تفضيل الشراء الطوعي.

وقال مصدر حكومي إن دراغي سيصطحب معه وفدا من المتوقع أن يضم رئيس مجموعة إيني الإيطالية للطاقة ووزير الخارجية لويجي دي مايو ووزير التحول البيئي روبرتو تشينجولاني.

وتحصل إيطاليا على نحو 40 في المئة مما تستورده من الغاز من روسيا، وسارعت لتنويع مصادرها من إمدادات الطاقة مع تصاعد النزاع في أوكرانيا.

وقال تشينجولاني الأسبوع الماضي، إن إيطاليا تجري محادثات مع سبع دول لتأمين حصولها على كميات أكبر من الغاز، وإن بعض المحادثات "في مرحلة متطوّرة للغاية".

والجزائر ثاني أكبر مورد للغاز لإيطاليا ويضخ خط أنابيب ترانسميد "خط الأنابيب عبر المتوسط" الغاز الجزائري إلى السواحل الإيطالية منذ عام 1983. وتزيد الطاقة اليومية للخط عن 110 ملايين متر مكعب ولكنه ينقل حاليا أقل من 60 مليون متر مكعب.

وأدى ارتفاع الاستهلاك المحلي ونقص الاستثمارات وعدم الاستقرار السياسي، بما في ذلك إغلاق خط أنابيب لإسبانيا بسبب نزاع مع المغرب، إلى الحدّ من الصادرات الجزائرية.

ولكن الواردات الإيطالية ارتفعت في العام الماضي 76 في المئة إلى 21.2 مليار متر مكعب أو 29 في المئة من إجمالي الواردات. وقالت روما إنها تتطلع إلى الحصول على تسعة مليارات متر مكعب أخرى من الجزائر.

وقال المصدر إن "دراغي سيوقع الاتفاق المؤسسي بين البلدين وستكمل بعد ذلك إيني وسوناطراك الجوانب الفنية". وأضاف أن الاتفاق سيشمل أيضا الاستثمارات المشتركة في مشاريع الطاقة المتجددة.

وأجرت شركة النفط والغاز الجزائرية المملوكة للدولة سوناطراك، مباحثات مع إيني التي تسيطر عليها الدولة حول كيفية زيادة إمدادات الغاز إلى إيطاليا على المدى القصير والمتوسط.

ولإيني عقود غاز طويلة الأجل مع سوناطراك، وقد أعلنت عن اكتشاف كبير في الصحراء الجزائرية في مارس يبلغ نحو 140 مليون برميل من النفط في الموقع.

وكان دراغي، قد أجرى محادثة هاتفية مع الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون الجمعة الماضي، تمحورت حول تعويض الغاز الجزائري للغاز الروسي وواقع العلاقات الثنائية المتينة وسبل تعزيزها وتطوير العمل الحكومي حسب بيان رئاسة الجمهورية.

وخلال الاتصال الهاتفي، طلب الجانب الإيطالي من الجزائر زيادة شحنات الغاز بنحو تسعة ملايين متر مكعب من الغاز في السنة، لتضاف إلى الـ21 مليارا التي تلقتها روما من الجزائر خلال العام الماضي، ما يرفع المجموع إلى ثلاثين مليار متر مكعب في السنة وبالسعر القديم، وفق السفير الجزائري في روما عبدالكريم طواهرية، في رسالة عابرة للبحر المتوسط باتجاه مدريد.

وتأتي زيارة دراغي، بعد أيام من زيارة الرئيس التنفيذي للشركة الإيطالية للمحروقات "إيني"، كلاوديو ديسكالزي إلى الجزائر في الثالث من أبريل الحالي، وأيضا بعد زيارة وفد جزائري كبير لروما برئاسة الأمين العام لوزارة الخارجية شكيب رشيد قايد في الثلاثين من مارس الماضي.

وأجرى ديسكالزي، مباحثات مع وزير الطاقة الجزائري محمد عرقاب، بحضور الرئيس التنفيذي لشركة "سوناطراك" توفيق حكار، حيث تمت مناقشة "الوضع الحالي لسوق الغاز الطبيعي الدولي وتطوّره، بالإضافة إلى فرص الأعمال والآفاق المستقبلية للاستثمار في مجال الطاقات الجديدة".

ورغم أن الجزائر لم تخف سعيها إلى استغلال بحث أوروبا عن بدائل للغاز الروسي بإعلان المدير العام لـ"سوناطراك"، استعداد بلاده التام لدعم الشركاء الأوروبيين في "الأوقات الصعبة"، لكنه رهن تلك المساعدة بوفرة "كميات من الفائض بعد تلبية طلب السوق الوطنية"، و"تنفيذ التزاماتها تجاه شركائها الأجانب".

وأوضح حكار -ردا على سؤال عن إمكان زيادة الجزائر صادراتها من المحروقات إلى أوروبا- "نتوفر حاليا على بعض المليارات (من الأمتار المكعبة الإضافية) التي لا يمكن أن تحل محل الغاز الروسي".

لكن خبراء الطاقة لا يتوقعون أن تستطيع الجزائر إنقاذ أوروبا وتخليصها من الاعتماد على الغاز الروسي. ويقول جورج زاكمان خبير الطاقة في مركز بروغيل للأبحاث في بروكسل لصحيفة "أوغسبورغر ألغماينه" الألمانية، "لا يمكن أن تنتج الجزائر كميات أكبر من الغاز بين عشية وضحاها"، حتى لو كان لدى البلاد "احتياطيات كبيرة جدا من الغاز".

ومن ناحية أخرى هناك من يحذر من استيراد كميات كبيرة جدا من الغاز الجزائري، والاعتماد على الجزائر في إمدادات الغاز. وفي هذا الإطار يقول زاكمان في تصريحاته للصحيفة الألمانية "هل نريد أن نجعل الجزائر روسيا جديدة يمكنها إنتاج الكثير من الغاز لفترة طويلة، في حين نريد في أوروبا التخلص من الوقود الأحفوري؟".

وأوضح زاكمان أن زيادة كميات الغاز المستوردة من الجزائر إلى إسبانيا لن تحل مشكلة الغاز الأوروبية واستقلالها عن روسيا، إذ يتعلق الأمر بفرنسا أيضا، التي ولحماية سوقها الداخلية لا تحبذ أن تصبح بلد عبور للغاز.