كييف لا تثق في تعهدات موسكو بتقليص العمليات العسكرية

أوكرانيا تستعد لتجدد المواجهات شرق البلاد.
الجمعة 2022/04/01
كييف تحشد لجولة قتال جديدة

تشكك أوكرانيا في صدقية الوعود الروسية بتقليص العمليات العسكرية قرب العاصمة كييف، والتي أعلنت عنها موسكو بعيد مفاوضات أجريت في إسطنبول وصفتها بالايجابية. وتقول كييف وحلفاؤها الغربيون إن الخطوة الروسية مجرد إعادة انتشار وليسن انسحابا.

كييف - أعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الخميس أنّه لا يصدّق التعهّدات التي أطلقتها روسيا بشأن تقليص عملياتها العسكرية في بلاده، مشيرا إلى أنّ قواته تتحضّر لخوض معارك جديدة في شرق البلاد.

وجاء إعلان الرئيس الأوكراني بعدما أعلنت وزارة الدفاع الروسية أنّ قواتها ستلتزم اعتبارا من الخميس وقفا لإطلاق النار في ماريوبول، إفساحا للمجال أمام إجلاء المدنيين من المدينة الأوكرانية المحاصرة، ما اعتبرته نائبة رئيس الوزراء الأوكرانية إيرينا فيريشوك “تلاعبا”.

وتعهّدت الثلاثاء موسكو التي تقول إنها تريد التركيز على إقليم دونباس حيث تقع المنطقتان الانفصاليتان دونيتسك ولوغانسك، بـ”الحدّ بشكل جذري من نشاطها العسكري في اتجاه كييف وتشيرنيهيف” في شمال البلاد، بعد المفاوضات الروسية – الأوكرانية في إسطنبول.

ولفت المتحدث باسم وزارة الدفاع الأوكرانية أولكسندر موتوزيانيك الأربعاء إلى أنه لاحظ خروج وحدات معينة من كييف وتشيرنيهيف، لكن “لم يكن هناك انسحاب مكثف للقوات الروسية من هذه المناطق”، على عكس ما تعهّدت به موسكو قبل يوم.

وتواصل القوات الروسية في الشرق “محاصرتها لمدينة خاركيف وقصفها”، بحسب هيئة الأركان الأوكرانية التي قالت إن “باتجاه دونيتسك، يحاول العدو السيطرة على بوباسنا وروبيجني والاستيلاء على ماريوبول”، حيث يواصل الروس “تنفيذ هجماتهم”.

وقال فاديم دينيسينكو، أحد مستشاري وزير الداخلية الأوكراني، عبر قنوات تلفزيونية أوكرانية إن “الروس بدأوا باستخدام مطار بريست (في بيلاروسيا) لقصف أراضينا”.

فولوديمير زيلينسكي: لا نصدق تعهدات روسيا بتقليص عملياتها العسكرية

وأعلن الانفصاليون الموالون لروسيا في منطقة دونباس الأوكرانية الخميس أنهم يسيطرون على منطقة لوغانسك بشكل كامل تقريبا، بالإضافة إلى أكثر من نصف دونيتسك.

وفي شرق أوكرانيا أيضا، استعاد الجيش الأوكراني السيطرة على طريق سريع استراتيجي يربط خاركيف بشوهويف. وقال مسؤول في الاستخبارات الأوكرانية "هناك جثث روسية منتشرة في كل مكان"، مضيفا "كان القتال صعبا جدا (..) واستمر قرابة ثلاثة أيام". وغادرت القوات الروسية مدينة تروستيانتس بعد شهر من احتلالها.

وتوقّع البنك الأوروبي لإعادة البناء والتنمية الخميس بأن ينكمش الاقتصاد الروسي بـ10 في المئة العام الجاري، ويتراجع إجمالي الناتج الداخلي الأوكراني بنسبة تصل إلى 20 في المئة في ظل “أكبر صدمة في الإمدادات” منذ 50 عاما تتسبب بها الحرب.

وقبل الغزو الروسي في الرابع والعشرين من فبراير، توقّع المصرف الذي يتّخذ من لندن مقرا بأن ينمو إجمالي الناتج الداخلي الأوكراني بـ3.5 في المئة هذا العام، وبأن يحقق الاقتصاد الروسي تحسنا بنسبة ثلاثة في المئة. وذكر المصرف، الذي أصدر توقّعات طارئة، أنه أول مؤسسة مالية دولية تحدث توقعات النمو منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا الشهر الماضي.

ورغم المفاوضات التي جرت الثلاثاء في إسطنبول بين الوفدين الروسي والأوكراني، قال الناطق باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف للصحافيين الأربعاء “في الوقت الراهن، لا يمكننا الإشارة إلى أي نتائج واعدة جدا أو تقدم من أي نوع. هناك الكثير من العمل لإنجازه”.

وأشار وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان الأربعاء إلى أن باريس لا ترى “تقدما” في المفاوضات الروسية – الأوكرانية أو “أمرا جديدا” في الوضع في أوكرانيا، بعد إعلان روسيا تقليص نشاطها العسكري حول كييف وشمال أوكرانيا. وصرّح لودريان بأن "الحرب مستمرة. في الوقت الحالي ليس هناك تقدم أو أمر جديد بحسب علمي".

ومن المحتمل أن يلتقي وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف بنظيره الأوكراني دميترو كوليبا خلال أسبوعين لإجراء محادثات، حسبما أعلنت تركيا الخميس بعد استضافتها الطرفين الثلاثاء.

وقال وزير خارجية تركيا مولود جاويش أوغلو في مقابلة تلفزيونية "قد يحصل اجتماع على مستوى أعلى، على الأقلّ على مستوى وزراء الخارجية، خلال أسبوع أو أسبوعين"، مشيرا إلى أن "من المستحيل تقديم موعد".

وأضاف "المهمّ هو أن يجتمع الطرفان وأن يتفقا على وقف دائم لإطلاق النار"، مشيرا إلى أن تركيا "تودّ استضافة اجتماع لوزيري الخارجية بصفتها وسيطا صادقا".

وأعلنت وزارة الدفاع الروسية الأربعاء عن وقف لإطلاق النار. وأضافت في بيان "لكي تنجح هذه العملية الإنسانية، نقترح تنفيذها بمشاركة مباشرة من ممثلي مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين واللجنة الدولية للصليب الأحمر".

غراف

واستقبل الجانب الأوكراني الإعلان بهدوء، بحيث تحدثت نائبة رئيس الوزراء إيرينا فيريشوك عن ذلك باعتباره "تلاعبا" إضافيا، في مقابلة مع وسيلة إعلامية أوكرانية.

وأعلنت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنها تستعدّ لتسهيل الإجلاء الآمن للمدنيين من مدينة ماريوبول الأوكرانية المحاصرة، اعتبارا من الجمعة، بشرط موافقة جميع الأطراف على الشروط.

وقالت في بيان "من المهمّ جدا أن تحصل العملية. تعتمد حياة عشرات الآلاف من الأشخاص في ماريوبول عليها".

وبحسب الشهادات، فإن نحو 160 ألف مدني محاصرون في هذه المدينة تحت القصف، واختبأوا في ملاجئ دون كهرباء وينقصهم طعام وماء.

واتهمت السلطات الأوكرانية الأربعاء روسيا بقصف مركز للجنة الدولية للصليب الأحمر في ماريوبول وتشيرنيهيف. واتهمت السلطات الأوكرانية القوات الروسية بإطلاق قذائف فوسفورية على بلدة مارينكا الصغيرة في شرق البلاد الأربعاء.

واعتبر مدير الاستخبارات البريطانية جيريمي فليمينغ الخميس أنّ مستشاري الرئيس الروسي فلاديمير بوتين "يخشون إخباره بالحقيقة"، بشأن استراتيجيته الحربية "الفاشلة" في أوكرانيا.

البنك الأوروبي توقع بأن ينكمش الاقتصاد الروسي بـ10 في المئة العام الجاري ويتراجع إجمالي الناتج الداخلي الأوكراني بنسبة تصل إلى 20 في المئة

وأضاف "لقد رأينا جنودا روسا، يفتقرون إلى السلاح ومعنوياتهم متدنية، يرفضون تنفيذ الأوامر ويخرّبون المعدّات الخاصّة بهم، بل ويسقطون طائراتهم من طريق الخطأ".

وتابع "حتى لو كان مستشارو بوتين يخشون إخباره بالحقيقة، فإنّ ما يحدث ومدى جسامة هذه الحسابات الخاطئة يجب أن يكونا واضحين تماما للنظام".

ويكرّر المسؤول البريطاني بذلك ما أدلى به في اليوم السابق مسؤول كبير في البيت الأبيض لجهة أنّ بوتين يتلقى معلومات مضلّلة حول مسار الحرب في أوكرانيا، لأنّ مستشاريه يخشون إطلاعه على الخسائر العسكرية والاقتصادية التي تكبّدتها روسيا بسبب غزوها لجارتها.

وقال المسؤول في البيت الأبيض، طالبا عدم نشر اسمه، إنّ معلومات استخباراتية أميركية رفعت عنها السرية أظهرت أنّ "بوتين لم يكن حتّى على علم بأنّ جيشه كان يجنّد متطوّعين ويخسرهم في أوكرانيا، ما يدلّ على انقطاع واضح في حصول الرئيس الروسي على معلومات موثوق بها”. وتحاول الاستخبارات الغربية تسليط الضوء على إخفاقات روسيا في هذه الحرب والانقسامات داخل الدائرة المحيطة ببوتين.

وقالت مفوضة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان ميشيل باشليه الأربعاء أمام مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف، إن "الهجمات العشوائية محظورة بموجب القانون الإنساني الدولي، وقد ترقى إلى جرائم حرب".

ونظمت المملكة المتحدة مؤتمرا للمانحين الخميس من أجل التبرع لأوكرانيا بالمزيد من الأسلحة الفتاكة لمواجهة الهجوم الروسي.

وأعلنت المملكة المتحدة مؤخرا أنها سترسل إلى أوكرانيا ستة آلاف صاروخ إضافي مضاد للدبابات، وبذلك يرتفع إلى أكثر من 10 آلاف عدد الصواريخ التي حصلت أو ستحصل عليها كييف من لندن منذ بدأ الجيش الروسي غزوه لأوكرانيا.

5