البرلمان العراقي يخفق في ثاني جلسة لانتخاب رئيس للجمهورية

بغداد - فشل مجلس النواب العراقي السبت، في تأمين النصاب المطلوب المكون من 220 نائبا لانتخاب رئيس جديد للبلاد، بعد مقاطعة 126 نائبا ينتمون إلى كتل سياسية مختلفة، للجلسة المخصصة لذلك.
وبعد انعقاد الجلسة بحضور 202 نائب، أعلنت الدائرة الإعلامية لمجلس النواب في بيان، وفق وكالة الأنباء العراقية (واع) أن "المجلس رفع جلسته إلى الاثنين، بعد أن أنهى القراءة الأولى لقانون الدعم الطارئ للأمن الغدائي والتنمية، وحدّد الأربعاء المقبل موعدا لانتخاب رئيس للجمهورية".
ويأتي تأجيل الجلسة بعدما كان مقرّرا أن يُجرى التصويت السبت، بسبب استمرار الخلافات السياسية، وعدم اكتمال النصاب.
وسلّم تحالف "الإطار التنسيقي" الذي يضم غالبية فصائل الحشد الشعبي السبت، رئاسة البرلمان قائمة تضم أسماء 126 برلمانيا قرروا مقاطعة جلسة انتخاب رئيس الجمهورية.
وضمّت القائمة 81 برلمانيا عن الإطار التنسيقي، و18 برلمانيا عن الاتحاد الوطني الكردستاني، وتحالف عزم 12 برلمانيا، و"إشراقة كانون" 6 برلمانيين، والاتحاد الإسلامي والعدل الإسلامية 5 برلمانيين، وصوت المستقلين 3 برلمانيين، والمستقل باسم خشان.
وكان انعقاد الجلسة قد تأخر عن موعده المحدد عند الساعة الـ11 صباحا بتوقيت بغداد، بسبب عدم اكتمال النصاب، قبل أن تُعقد الجلسة وتُرفع من دون انتخاب رئيس، رغم أن التحالف الثلاثي (الذي يضم الكتلة الصدرية، تحالف السيادة، والحزب الديمقراطي الكردستاني) وافق على شروط نواب مستقلين مقابل دخولهم جلسة التصويت على الرئيس.
ووصل نواب التحالف الذي يحمل اسم تحالف "إنقاذ وطن" إلى مبنى البرلمان قبل الموعد المحدد. وقالت مصادر برلمانية مطلعة إن نواب "الكتلة الصدرية دخلوا مبنى البرلمان وهم يرتدون الأكفان، مرددين هتافات باسم زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر".
وكانت هيئة رئاسة البرلمان وجهت بعقد جلسة الانتخاب بعد أن عقدت اجتماعا قبل ذلك. كما انعقد اجتماع ثلاثي بين التيار الصدري وكتلة الجيل الجديد وكتلة امتداد النيابية قبل بدء الجلسة.
وسبق موعد الجلسة انتشار أمني مكثف، وإجراءات مشددة عند مداخل المنطقة الخضراء في بغداد.
ويصرّ "إنقاذ وطن" على تمرير مرشحه ريبر أحمد لرئاسة الجمهورية، في خطوة أولى للمضي نحو تشكيل حكومة أغلبية، بينما يعارض "الإطار التنسيقي" ذلك، من خلال إعلان مقاطعته للجلسة، واشتراطه تشكيل حكومة توافقية يشارك فيها الجميع لحضور الجلسة.
ويعوّل الإطار على ما بات يُعرف في العراق بـ"الثلث المعطل"، مستفيدا من اشتراط الدستور حضور ثلثي أعضاء البرلمان خلال جلسة التصويت على رئيس الجمهورية، أي 220 نائبا من مجموع 329، العدد الكلي لأعضاء مجلس النواب، بينما يعقد تحالف "إنقاذ وطن" الآمال على حضور المستقلين البالغ عددهم نحو 40 برلمانيا لإكمال النصاب.
ومحاولة السبت هي الثانية لانعقاد جلسة البرلمان لانتخاب الرئيس، وتأتي وسط تأزم سياسي متواصل منذ أشهر، لكن الدعوات إلى المقاطعة تهدد بإفشال العملية.
فبعد 6 أشهر من الانتخابات النيابية المبكرة في أكتوبر 2021، لا يزال العراق من دون رئيس جديد، وبالتالي من دون رئيس حكومة جديد يتولى السلطة التنفيذية.
وعلى رئيس الجمهورية أن يسمّي، خلال 15 يوما من انتخابه، رئيسا للوزراء وعادة ما يكون مرشح التحالف الأكبر تحت قبة البرلمان. ولدى تسميته، تكون أمام رئيس الحكومة المكلّف مهلة شهر لتأليفها.
إلا أن هذا المسار السياسي غالبا ما يكون معقدا وطويلا في العراق بسبب الانقسامات الحادة والأزمات المتعددة وتأثير مجموعات مسلحة نافذة.
ويوجد 40 مرشحا لمنصب رئاسة الجمهورية، لكن المنافسة الفعلية تنحصر بين شخصيتين تمثلان أبرز حزبين كرديين: الرئيس الحالي منذ العام 2018 برهم صالح، مرشح حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، وريبر أحمد مرشح الحزب الديمقراطي الكردستاني. ويفترض أن يحصل المرشح على أصوات ثلثي النواب ليفوز.
ومنذ أول انتخابات متعددة شهدتها البلاد في 2005 ونظمت بعد الغزو الأميركي الذي أدى إلى سقوط نظام صدام حسين في 2003، يعود منصب رئيس الجمهورية تقليديا إلى الأكراد، بينما يتولى الشيعة رئاسة الوزراء، والسنة مجلس النواب.
ويتولى الاتحاد الوطني الكردستاني تقليديا منصب رئاسة الجمهورية، مقابل تولي الحزب الديمقراطي الكردستاني رئاسة إقليم كردستان، بموجب اتفاق بين الطرفين.
لكن الديمقراطي الكردستاني أصر على أن يكون منصب رئيس الجمهورية من نصيبه حزبه هذه المرة، وذلك في خطوة رآها مراقبون أنها بقدر ما تكشف عن استهداف للرئيس الحالي برهم صالح بقدر ما تكشف أيضا عن رغبته في الاستئثار بالمنصب المهم إضافة إلى منصبي إدارة إقليم كردستان العراق.