فورة إيرادات النفط تدفع مسقط إلى زيادة الإنفاق التنموي

أولوية التمويل ستكون للمشاريع المرتبطة بالقطاعات الإنتاجية.
الجمعة 2022/03/25
تأكدوا أننا نثابر باستمرار في بيئة الأعمال لنحسن أداءنا

سرعت مسقط من وتيرة خططها المتعلقة بالتنمية الشاملة مدفوعة بالارتفاع الكبير في الإيرادات النفطية بعد سنوات من التعثر في جني الأموال لمواجهة أزماتها وسط توقعات بتحقيق هذا العام فوائض أعلى إذا استمر الانتعاش في سوق الطاقة العالمي.

مسقط – شكل تحقيق سلطنة عمان زيادة في إيرادات النفط بسبب ارتفاع الأسعار في الأسواق الدولية جراء ارتدادات الأزمة الروسية – الأوكرانية نعمة للحكومة للاستفادة من هذا الوضع في تسريع وتيرة مشاريع التنمية.

وتعتزم مسقط استخدام الزيادة الكبيرة في عائدات تصدير النفط نتيجة ارتفاع أسعاره إلى مستويات قياسية في خفض معدل الدين العام وزيادة الإنفاق على المشروعات التنموية، لكنها لم تكشف عن حجم العوائد النفطية التي تم تحقيقها منذ بداية 2022.

وتنظر مسقط إلى 2022 على أنه عام حاسم في طريق تقليص العجز المالي والضغط على الديون بشكل أكبر بالتزامن مع تنفيذ برامج التنمية للابتعاد تدريجيا عن المخاطر التي تسببت فيها الجائحة.

ونقلت وكالة الأنباء العمانية الرسمية عن السلطان هيثم بن طارق قوله أثناء زيارته إلى محافظة صحار الأربعاء الماضي “سنسعى لاستغلال ارتفاع إيرادات النفط بأكبر قدر ممكن للتخلص من الدين العام للبلاد وما سيتبقى سيتم إنفاقه على المشاريع التنموية”.

وتشمل الإجراءات أيضا تخفيض الرسوم حيث يرى السلطان هيثم أنها تهدف إلى مساعدة القطاع الخاص وبالذات الشركات الناشئة التي تعول عليها الدولة من أجل تحفيز قطاع الأعمال والاستثمار لجعله أحد دعائم التنمية المستدامة.

مخصصات إضافية

  • 520 مليون دولار لعام 2022 ليصبح إجمالي الإنفاق 3.1 مليار دولار
  • 1.7 مليار دولار قيمة التمويلات الإضافية للمشاريع حتى العام 2025

وتشير الإحصائيات إلى أن نسبة الدين من الناتج المحلي الإجمالي في السلطنة تبلغ قرابة 80 في المئة بعدما كانت أكثر بقليل من خمسة في المئة في 2015.

وتراكمت ديون كبيرة على عُمان منذ انهيار أسعار النفط في عام 2014 متجاوزة حملة لتنويع الإيرادات وعدم الاعتماد على النفط فقط وخفض الإنفاق على قطاعها العام المتضخم.

ولكن الحكومة بدأت في تطبيق مجموعة من الإجراءات منذ أكثر من عامين لإصلاح أوضاعها المالية بما في ذلك إدخال ضريبة القيمة المضافة وقرار العمل مع صندوق النقد الدولي لتطوير استراتيجية للديون.

ويلاحظ محللون ومتابعون للشأن الاقتصادي العماني تحولا في نهج معالجة الأزمات الاقتصادية منذ تولي السلطان هيثم الحكم مطلع 2020، حيث يسعى لتحويل الأزمة إلى فرصة لمعالجة الأزمات العميقة وتسريع خطوات الإصلاح البطيئة.

وانعكس ارتفاع أسعار النفط منذ أواخر فبراير الماضي في شكل زيادة كبيرة في إيرادات الدول النفطية وخاصة بمنطقة الخليج وزيادة احتمالات تحقيق فوائض كبيرة في ميزانياتها، حتى للدول ذات أضعف أداء اقتصادي، إذا استمرت أسعار النفط المرتفعة.

وقررت مسقط زيادة مخصصات الموازنة الإنمائية لعام 2022 بقيمة تبلغ حوالي 200 مليون ريال (520 مليون دولار) لترتفع إلى 1.2 مليار ريال (3.1 مليار دولار) للعام ككل، لدعم الأداء الاقتصادي للبلاد.

وقالت وزارة الاقتصاد في بيان أوردته وكالة الأنباء الرسمية إن “السلطان هيثم وجه أيضا بإضافة ما يزيد عن 650 مليون ريال (1.7 مليار دولار) لتنفيذ مشاريع إضافية في الخطة الخمسية التي تنتهي عام 2025”.

وأوضحت أن “أولوية التمويل ستكون للمشروعات التي تخدم الأهداف الاقتصادية والاجتماعية المرتبطة بالقطاعات الإنتاجية، خصوصا مشروعات قطاعات التنويع الاقتصادي المحددة في الخطة الخمسية العاشرة” التي تمتد من 2021 حتى منتصف هذا العقد.

ارتفاع قياسي في أسعار النفط في الأسواق العالمية
ارتفاع قياسي في أسعار النفط في الأسواق العالمية

ولدى الحكومة العمانية قناعة بأن تعزيز الإنفاق الإنمائي من شأنه أن يسرع تنفيذ البرامج الاستراتيجية للخطة الخمسية، ويضمن توفير الكلفة المالية لأولوياتها ومستهدفاتها التنموية ببُعديها القطاعي والمكاني.

وأقرت عمان وهي منتج نفط صغير نسبيا وأكثر حساسية لتقلبات أسعار النفط مقارنة بجيرانه في دول الخليج الثرية بالهيدروكروبونات في 2020 رؤيتها الاقتصادية 2040، وتقسيمها إلى خطط خمسية تهدف كل منها إلى تحقيق مجموعة من الأهداف.

وتهدف “رؤية 2040” لتنويع الاقتصاد الذي يقوم حاليا على النفط الخام ومشتقاته كمصدر رئيس للدخل، وتكثيف الاستثمار في القطاعات الأخرى كالسياحة والتصنيع والتجارة والموانئ والصيد والزراعة وتقديم قانون محفز لرؤوس الأموال.

وفعليا تطبق عمان سلسلة من الإصلاحات لتحقيق توازن ميزانيتها وتقليل دينها العام، بما في ذلك فرض ضريبة القيمة المضافة في العام الماضي بنحو 5 في المئة التي من المتوقع أن تحقق عائدات سنوية بواقع 1 في المئة إلى الناتج المحلي الإجمالي.

وكانت وزارة المالية قد ذكرت في يناير الماضي أنها تتوقع وصول عجز ميزانية العام الحالي إلى 3.9 مليار دولار في حال وصول متوسط سعر النفط إلى 50 دولارا للبرميل. والعجز المتوقع في الميزانية الحالية يمثل أقل بنسبة 30 في المئة من تقديرات موازنة السنة المالية الماضية والتي كانت تستهدف عجزا بواقع 5.82 مليار دولار.

لكن الآن وفي ظل انتعاش أسواق النفط فإن من المتوقع أن يسهم ارتفاع أسعار النفط هذا العام والإصلاح المالي في تقليص العجز وإبطاء ارتفاع مستويات الدين في السنوات القليلة المقبلة.

وحققت الموازنة العامة في الشهر الأول من هذا العام فائضا مقداره 46.8 مليون دولار وذلك مقارنة مع عجز وصل إلى 735.7 مليون دولار على أساس سنوي. ووفق الأرقام التي نشرتها وزارة المالية مطلع هذا الشهر بلغت الإيرادات الإجمالية نحو 2.1 مليار دولار مقارنة مع 1.1 مليار دولار في يناير 2021.

وأشارت الحسابات المالية الشهرية إلى أن الإنفاق العام للدولة في يناير الماضي ارتفع بواقع 9.59 في المئة ليصل إلى أكثر من ملياري دولار وبلغ منها مخصصات خدمة الدين العام نحو 422.3 مليون دولار.

10