محاولات جزائرية لتفكيك العقبات المزمنة أمام تنمية الثروة البحرية

مستغانم (الجزائر)- ألقت الأزمة المالية التي تمر بها الجزائر بثقلها على الحكومة من أجل الاستفادة من الفرص المهملة في قطاع صناعة الثروة البحرية أملا في تعزيز دورها في التنمية وتوفير المزيد من فرص عمل بعد عقود من الارتباك في تطويره.
ويحاول البلد النفطي، العضو في أوبك والذي يشهد منذ سنوات تراجعا في معدلات نمو الناتج المحلي الإجمالي وظروفا طبيعية قاسية جراء موجة الجفاف حيث أثرت سلبا على الزراعة، دعم الصيد البحري بكل الطرق لتحقيق عوائد إضافية لخزينة الدولة.

هشام صلواتشي: نعمل على وضع الحلول اللازمة لمعالجة مختلف المشاكل
وكشف وزير الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري هشام صلواتشي في تصريح نقلته وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية أن الحكومة تمكنت من إزالة العراقيل أمام 171 مشروعا استثماريا متعلقة بالقطاع منذ يوليو الماضي.
وتتضن الاستثمارات أكثر من 105 مشاريع تتعلق بمزارع الأسماك موزّعة على المدن الساحلية للبلاد، وثلاثة مشاريع تتعلق بصناعة السفن.
وقال صلواتشي خلال زيارة عمل إلى ولاية مستغانم شمال غرب البلاد في وقت سابق هذا الأسبوع إن “المشاريع الاستثمارية التي استفادت من الإجراءات التي أقرّها رئيس عبدالمجيد تبون ودخل بعضها حيز الاستغلال ستسمح بتوفير 2120 فرصة عمل”.
وأكد أن الحكومة تعمل على وضع الحلول اللازمة لمعالجة مختلف المشاكل التي تعترض العاملين في قطاع الصيد البحري الذي “بات نشاطا استراتيجيا وليس مجرد قطاع ثانوي” وخاصة في ما يتعلق بقانون جديد تعوّل عليه الجزائر لتنظيم هذا النشاط.
وفي منتصف الشهر الجاري كلف تبون الحكومة خلال ترأسه لاجتماع لمجلس الوزراء بإعداد مشروع قانون يتعلق بتطوير الصيد البحري وتربية الأحياء المائية بهدف تحقيق الاكتفاء الذاتي من هذا المورد وجعله داعما للتنمية وسوق العمل.
ومن المتوقّع أن يركز مشروع القانون على حماية ودعم نشاط الصيد البحري وتربية المائيات ومنح الامتيازات والحوافز الضرورية لأهل القطاع لتشجيع المهن الصغيرة المرتبطة بالقطاع.
وكانت الحكومة قد أقرت في أغسطس الماضي إجراءات لإنعاش نشاط هذا القطاع، والتي تهدف إلى تجاوز الصعوبات التي تعيق الاستثمارات وحسن تنفيذ برامج تنمية القطاع وبلوغ رهاناته المتعلقة بتنويع ورفع الإنتاج والتقليص من فاتورة الواردات.
وتضمّن القرار تحفيز مجال تربية الأسماك من خلال تشجيع المستثمرين المحليين للدخول في هذا المجال مع تطوير نشاط الصيد في أعالي البحار والتسيير والاستغلال للثروة السمكية.

وشملت الإجراءات كذلك بناء أسطول الصيد البحري وإصلاحه وصيانته وتشجيع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة على الاستثمار في القطاع مع العمل على زيادة الصادرات وكذلك الإسراع في ضبط أسواق منتجات الصيد البحري. ورغم الامتداد الكبير لسواحل الجزائر على البحر المتوسط الذي يصل إلى 1284 كيلومترا، إلا أن استغلال السلطات للثروات البحرية قليل جدا ولم يتم الاهتمام به فترة الوفرة النفطية، وذلك إذا ما قورن بحجم الصيد في بلدان منطقة المغرب العربي الأخرى.
ويتفق معظم الخبراء على أن مهنة الصيد البحري بالجزائر لا تزال تُمارس بأساليب قديمة وأحيانا باستخدام وسائل تؤدي إلى القضاء على الأحياء البحرية والعوالق التي تتغذّى عليها الأسماك كاستخدام المتفجّرات والديناميت في عمليات الصيد. وتقدر البيانات الحكومية الإنتاج السنوي للجزائر عند 100 ألف طن من الصيد التقليدي، بينما لا توفر مزارع الأسماك سوى 8 آلاف طن سنويا وهي تعتمد بشكل أساسي على إنتاج نوعين من الأسماك هما الدنيس البحري والقاروص لتغطية الطلب في السوق المحلية.
وقالت الحكومة في 2020 إنها تستهدف إطلاق 200 مشروع استثماري مخصصة لاستزراع الأسماك بحلول 2024 بهدف الوصول إلى إنتاج حوالي 40 ألف طن.
ويرتبط الاقتصاد الجزائري بشكل عضوي بعائدات النفط والغاز، وقد تأثّر البلد بشكل كبير بالتراجع الكبير لأسعار النفط في السوق الدولية منذ 2014 إذ تراجعت مداخيله إلى النصف وباتت في حدود 30 مليار دولار سنويا بعدما كانت بين 60 و70 مليار دولار.