أوكرانيا ترفض إنذارا روسيا باستسلام "مدينة الأشباح"

الاستخبارات البريطانية تؤكد أن 25 كيلومترا تفصل القوات الروسية عن قلب العاصمة كييف.
الاثنين 2022/03/21
كارثة إنسانية مروعة تشهدها مدينة ماريوبول

كييف - رفضت أوكرانيا ليل الأحد - الاثنين إنذارا أخيرا وجهته لها روسيا من أجل استسلام مدينة ماريوبول المحاصرة، فيما تزداد المخاوف من أن يعرقل الموقف في المدينة الساحلية المفاوضات بين الجارتين، في وقت لم يعد يفصل القوات الروسية عن العاصمة كييف سوى 25 كيلومترا لاقتحامها.

وقالت نائبة رئيس الوزراء الأوكراني إيرينا فيريشتشوك لصحيفة "أوكراينسكايا برافدا" إنّ "الحديث عن الاستسلام أو إلقاء السلاح غير وارد. لقد سبق أن أبلغنا الجانب الروسي بذلك". ووصفت المطلب الروسي بأنّه "تلاعب متعمّد واحتجاز رهائن حقيقي".

وكانت وزارة الدفاع الروسيّة دعت أوكرانيا إلى "إلقاء أسلحتها"، وطالبت "بردّ مكتوب" على إنذارها هذا قبل الساعة الخامسة من صباح الاثنين، من أجل حماية السكّان والبنية التحتيّة لمدينة ماريوبول، التي تقول موسكو إنها تشهد "كارثة إنسانية مروعة".

وقال ميخائيل ميزينتسيف، مدير المركز الوطني الروسي لإدارة الدفاع، في رسالة وزّعتها وزارة الدفاع الروسيّة "نطلب من السلطات الرسميّة في كييف أن تكون منطقية، وأن تُلغي التعليمات المعطاة سابقا والتي ألزمت الناشطين بالتضحية بأنفسهم، وبأن يُصبحوا شهداء ماريوبول".

ووفقا لميزينتسيف، اتّفقت روسيا وأوكرانيا على تأمين مسار يسمح لسكّان ماريوبول بالوصول إلى الأراضي التي تُسيطر عليها كييف في الحادي والعشرين من مارس. وقال "اعتبارا من الساعة العاشرة صباحا بتوقيت موسكو (...) تفتح روسيا ممرّات إنسانيّة من ماريوبول نحو الشرق، وبالاتّفاق مع الجانب الأوكراني، نحو الغرب".

وردّت فيريشتشوك على تلغرام، قائلة إنّ "المحتلّين يواصلون التصرّف مثل إرهابيّين". وأضافت "يقولون إنّهم يوافقون على إقامة ممرّ إنساني، وفي الصباح يقصفون مكان الإجلاء. الحكومة تفعل كلّ ما في وسعها. الشيء الأهمّ بالنسبة إلينا هو إنقاذ حياة مواطنينا".

وتعرضت ماريوبول لبعض من أعنف موجات القصف منذ بدء الغزو الروسي في الرابع والعشرين من فبراير. وما زال كثيرون من سكانها البالغ عددهم 400 ألف نسمة محاصرين في المدينة من دون غذاء أو ماء أو طاقة.

ووفقا للإدارة العسكرية لمنطقة دونيتسك، أصبحت ماريوبول "مدينة أشباح". 

وتُعتبر المدينة الجنوبية هدفا رئيسا في الحرب التي يخوضها الرئيس فلاديمير بوتين في أوكرانيا. وهي تؤمن تواصلا بين القوات الروسية في شبه جزيرة القرم، في الجنوب الغربي، والأراضي التي تسيطر عليها روسيا في الشمال والشرق. 

وتساهم المعارك المحتدمة في ماريوبول، المطلة على بحر آزوف، في تعميق الخلافات وتعقيد المفاوضات بين الروس والأوكرانيين، وتزيد من قتامة المشهد على الساحة الأوكرانية، وفقا لتقرير نشرته صحيفة "واشنطن بوست".

وكان المستشار الرئاسي الأوكراني ميخائيلو بودولياك قال إن المفاوضات معقدة. وأضاف "مواقف الطرفين مختلفة. بالنسبة لنا القضايا المحورية لا يمكن المساس بها".

واعتبر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ليل الأحد - الاثنين أن القدس يمكن أن تشكل "المكان المناسب لإيجاد السلام"، في إشارة إلى المفاوضات التي كان دعا إلى إجرائها مع روسيا. 

وقال زيلينسكي في رسالة عبر تلغرام إنّ "رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت يحاول إيجاد طريق للتفاوض مع روسيا، ونحن ممتنّون له على كلّ جهوده، حتى نتمكّن عاجلا أم آجلا من بدء المناقشة مع روسيا. ربّما في القدس. إنّه المكان المناسب لإيجاد السلام، إذا كان ذلك ممكنا".

تقدم نحو كييف

ويأتي هذا في وقت أفادت المخابرات العسكرية البريطانية الاثنين بأن تقدم القوات الروسية باتجاه العاصمة الأوكرانية كييف من ناحية الشمال الشرقي "توقف"، ولا يزال الجزء الأكبر من القوات على بعد أكثر من 25 كيلومترا من وسط المدينة.

وأعلنت وزارة الدفاع البريطانية في منشور على تويتر أن "القتال العنيف مستمر شمال كييف (...) وأن المقاومة الأوكرانية الشرسة أوقفت القوات التي تتقدم من اتجاه هوستومل إلى الشمال الغربي".

ويقول مسؤولون بريطانيون "على الرغم من استمرار عدم إحراز تقدم، تظل كييف الهدف العسكري الأساسي لروسيا، ومن المرجح أن تعطيها الأولوية لمحاولة تطويق المدينة خلال الأسابيع المقبلة".

ودمر قصف على أحد أحياء كييف مركزا للتسوق، وتسبب في تراكم أنقاض لا تزال مشتعلة وسط أبراج شاهقة صباح الاثنين.

وذكرت خدمات الطوارئ أن ما لا يقل عن أربعة أشخاص قتلوا في القصف الليلي بالقرب من وسط المدينة مساء الأحد. وقد حطمت قوة الانفجار كل نوافذ المبنى الشاهق المجاور.

وسمع دوي طلقات المدفعية من بعيد، بينما كان رجال الإطفاء يشقون طريقهم وسط الدمار في منطقة بوديل المكتظة بالسكان.

وفي شمال البلاد، أفاد الحاكم المحلي في سومي دميترو جيفيتسكي بـ"تسرب أمونياك" في منشآت شركة سوميخيمبروم، يطول منطقة تمتد على مسافة 2.5 كلم حول المصنع الذي ينتج أسمدة.

ولم يعرف مدى الحادث وسببه بوضوح، لكن طُلب من السكان اللجوء إلى الأقبية أو إلى مبان منخفضة الارتفاع لتفادي تعرضهم للتسرب.

وكان وزير الدفاع الروسي صرّح مساء الأحد بأن "قوميين" قاموا بـ"تفخيخ" منشآت تخزين الأمونياك والكلور في سوميخيمبروم "بهدف تسميم سكان منطقة سومي بشكل جماعي، في حال دخول وحدات من القوات المسلحة الروسية المدينة".

وقبيل ذلك، أعلن البيت الأبيض الأحد أنّ الرئيس الأميركي جو بايدن سيتوجّه إلى وارسو الجمعة للقاء نظيره البولندي أندريه دودا، ومناقشة الغزو الروسي لأوكرانيا.

وقال البيت الأبيض في بيان إنّ "الرئيس سيناقش كيفيّة استجابة الولايات المتحدة، إلى جانب حلفائنا وشركائنا، للأزمة الإنسانيّة وأزمة حقوق الإنسان التي خلّفتها حرب روسيا غير المبرّرة على أوكرانيا"، مشيرا إلى أنّ زيارة بايدن هذه ستتمّ بعد توجّهه إلى بلجيكا، حيث يلتقي قادة في حلف شمال الأطلسي ومجموعة السبع والاتّحاد الأوروبي.