سكان غزة يقبلون على تعلم اللغة العبرية وسط آمال بالعمل داخل إسرائيل

إسرائيل تسمح لمئات العمال من غزة بين الفينة والأخرى بدخول أراضيها للعمل.
الجمعة 2022/03/18
جهود للظفر بفرصة عمل في إسرائيل

غزة – لم تفتر همة الفلسطيني أحمد أبوعجينة، وهو من بلدة بيت لاهيا شمال قطاع غزة، عن العودة إلى الدراسة من جديد لتعلم اللغة العبرية في محاولة لتطوير مهاراته فيها بعد غياب دام سنوات عن مقاعد الدراسة.

ويعمل أبوعجينة (البالغ من العمر 34 عاما) محاسبًا في إحدى الشركات الزراعية في قطاع غزة، والتي غالبًا ما يكون لها اتصال مباشر مع الشركات الإسرائيلية في إطار التبادل التجاري بين الجانبين.

ويقول أبوعجينة بينما يجلس على كرسي داخل غرفة في أحد المراكز التعليمية بمدينة غزة إن “المراسلات بين الشركات تتم باللغة العبرية، مما كان يدفعني للاعتماد على ترجمة محرك غوغل لفهم المعنى العام لها”.

إلا أن أبوعجينة واجه في بادئ الأمر العديد من المشاكل لأن الترجمة الإلكترونية لا تكون دقيقة بالشكل المطلوب، ما اضطره إلى التوجه إلى مركز تعليمي في محاولة لتطوير مهاراته اللغوية وإتقان اللغة العبرية.

نسبة إقبال سكان قطاع غزة على تعلم اللغة العبرية زادت بنحو 400 في المئة مقارنة بالأعوام القليلة الماضية

ويشير الشاب الذي لم يسبق له دخول الضفة الغربية وإسرائيل إلى أن الشعب الفلسطيني “مرتبط بإسرائيل سواء كان على صعيد التعامل التجاري ما بين الشركات أو الأفراد من سفر العمال والتجار أو خروج المرضى للعلاج”.

ويوضح أبوعجينة، وهو أب لثلاثة أطفال، أن تعلم اللغة العبرية “يفيدنا كثيرًا في التعامل مع الإسرائيليين دون أيّ صعوبات”.

وتسمح إسرائيل لمئات العمال من غزة بين الفينة والأخرى بدخول أراضيها للعمل في خطوة يقول محللون إنها محاولة لتخفيف الأزمة الاقتصادية الصعبة التي يعاني منها القطاع ومنع انفجار الأوضاع الميدانية.

وفي أكتوبر الماضي قررت إسرائيل زيادة عدد التصاريح الممنوحة لسكان القطاع من 7 آلاف تصريح إلى 10 آلاف، ما دفع المئات من سكان غزة إلى التجمع قبالة مقرات الغرفة التجارية بالقطاع لتقديم طلبات الحصول على تصاريح عمل.

وكان من بين المتقدمين عاطلون عن العمل وخريجون وكبار سن. وأبوعجينة أيضا كان من ضمنهم، مشيرا إلى أن التسجيل للحصول على تصريح عمل داخل إسرائيل “سبب آخر شجعني على تعلم العبرية”.

ويقول إنه رغم عمله في شركة زراعية إلا أن ذلك لم يمنعه من تقديم بياناته الشخصية للحصول على تصريح عمل من أجل تطوير وضعه الاقتصادي والحياة المعيشية لعائلته.

ولا يختلف الوضع كثيراً بالنسبة إلى الشاب محمد القطّاع من غزة، حيث عاد إلى الدراسة مرة أخرى بعد سنوات عديدة من الانقطاع من أجل تعلم اللغة العبرية بعد تقديم بياناته للحصول على تصريح عمل في إسرائيل.

ويقول القطّاع (البالغ من العمر 40 عاما) إن “العودة للدراسة من جديد بعد انقطاع سنوات طويلة جاءت بهدف تعلم اللغة لإمكانية التفاعل مع الإسرائيليين في حال الحصول على تصريح عمل”.

ويضيف الرجل الذي يجيد العمل في صناعة الرخام أن عمال قطاع غزة كانوا في الماضي يجيدون اللغة العبرية بطلاقة، لكنها تراجعت بسبب منعهم لسنوات طويلة من الوصول إلى أماكن عملهم.

ويتابع أن اللغة العبرية “ليست صعبة خاصة أنها قريبة من العربية لكن نحتاج لممارستها بشكل يومي”، معربا عن أمله في تحقيق ذلك بعد الحصول على موافقة من السلطات الإسرائيلية لدخول أراضيها.

ويأمل أبوعجينة والقطّاع في حدوث تبادل تجاري واقتصادي بين غزة وإسرائيل وأن يعيش سكان غزة في أمن وسلام بما يعود بالنفع عليهم نحو استعادة حالتهم الطبيعية.

والرجلان من بين المئات من الطلاب الذين يتوافدون على مركز “نفحة” لتدريب اللغات والترجمة لتعلم اللغة العبرية، التي زادت نسبة تعلمها بنحو 400 في المئة مقارنة بالأعوام الماضية، بحسب مدير المركز أحمد الفليت.

ويقول الفليت “إن المركز خرج منه حوالي 200 طالب مهتمين بتعلم اللغة العبرية سنويا، لكنه اليوم يخرّج حوالي 1000 طالب”، معتبرا أن “الزيادة الملحوظة تعود إلى رغبة عدد الفلسطينيين في العمل داخل إسرائيل”.

رغم الحديث عن زيادة أعداد التصاريح يرى مراقبون أن قطاع غزة في حاجة إلى إعمار ومصانع ومشاريع اقتصادية من أجل إحداث تحسن حقيقي في حياة مواطنيه

ويضيف أن “الطلاب عادة يحتاجون إلى تعلم أساسيات اللغة العبرية مثل القراءة والكتابة والتحدث من أجل التعامل مع الأشخاص”، مشيرا إلى أن معظم الطلاب يحتاجون حوالي خمسة أسابيع لبدء التحدث بالعبرية.

ويشير الفليت، وهو أسير محرر من السجون الإسرائيلية، إلى أن المركز الحاصل على التراخيص اللازمة للعمل من قبل السلطات الحكومية في غزة منذ سنوات يعطي التجار والعاملين في إسرائيل ملحقًا بالمفردات التي سيستخدمونها يوميًا.

وبحسب تقرير أصدره الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني (حكومي)، في أغسطس الماضي، فإن عدد العاطلين عن العمل في قطاع غزة وصل إلى 212 ألفا، بنسبة بطالة بلغت 45 في المئة.

ورغم الحديث عن زيادة أعداد التصاريح يرى مراقبون أن قطاع غزة في حاجة إلى إعمار ومصانع ومشاريع اقتصادية من أجل إحداث تحسن حقيقي في حياة مواطنيه.

ويرى المحلل الاقتصادي عمر شعبان أن زيادة عدد سكان غزة العاملين في إسرائيل “سيؤدي الى حل جزئي لأزمة البطالة والفقر” التي يعاني منها القطاع، مشيرا في الوقت نفسه إلى أن “عائدات القطاع ستزيد بحدود ثلاثة ملايين دولار يومياً في حال ارتفع العدد إلى عشرين ألف عامل”.

ويعيش أكثر من مليوني نسمة في قطاع غزة تحت حصار إسرائيلي مكبل منذ سيطرة حماس على السلطة في 2007، كما يشيع الفقر والبطالة في القطاع. وتقول إسرائيل إن الإغلاق مطلوب لاحتواء حماس، بينما يعتبر معارضون أنه شكل من أشكال العقاب الجماعي.

وخاضت إسرائيل وحماس حربا ضارية في مايو هي الرابعة منذ 2008. وطالبت حماس بتخفيف الحصار كجزء من اتفاق غير رسمي لوقف إطلاق النار بوساطة مصرية. ورفعت إسرائيل بعض القيود منذ نهاية حرب مايو بينما حذرت من أن أي تخفيف آخر يعتمد على استمرار الهدوء.

2