روسيا تسيطر على خيرسون الأوكرانية وسط تحذير من إعلان انفصالها

موسكو - أعلنت وزارة الدفاع الروسية صباح الثلاثاء أنها سيطرت بشكل كامل على جميع الأراضي الواقعة في منطقة خيرسون بجنوب أوكرانيا، في وقت تكثف فيه قصفها على العاصمة كييف المحاصرة بالكامل، بينما يتحدث الرئيس الأوكراني عن عدم تحقيق موسكو النتائج المرجوة من حربها على أوكرانيا وخسرت الكثير من قواتها.
ونقل موقع قناة "آر.تي عربية" الروسية عن المتحدث باسم وزارة الدفاع إيجور كوناشينكوف القول، إن العسكريين الروس أسقطوا خلال اليوم الماضي طائرتين أوكرانيتين ومروحية و13 طائرة مسيّرة، فيما دمرت القوات الجوية الروسية 136 منشأة عسكرية أوكرانية.
وحذّر تقييم استخباراتي لوزارة الدفاع البريطانية بشأن التطورات في أوكرانيا الثلاثاء، من أن روسيا قد تسعى لإجراء "استفتاء" على الانفصال بمدينة خيرسون، بهدف إعلان المنطقة "جمهورية انفصالية"، تماما مثل دونيتسك ولوغانسك والقرم.
وبالتزامن تكثف القوات الروسية قصفها على كييف التي باتت محاصرة بالكامل، وأسفر قصف طال أحياء سكنية في العاصمة الأوكرانية عن مقتل شخصين على الأقل صباح الثلاثاء، وفق ما أعلنت أجهزة الطوارئ.
وذكر جهاز الطوارئ في بيان على فيسبوك أن جثتين انتشلتا من تحت أنقاض مبنى مكوّن من ستة عشر طابقا في حي سفياتوشنسكي، مضيفا أنه تم إنقاذ سبعة وعشرين شخصا في ذات الموقع، كما أفاد بتعرّض مبنى سكني آخر في منطقة بوديلسك إلى هجوم.
وأشار الجهاز إلى أن "حريقا اندلع في الطوابق الخمسة الأولى من مبنى سكني مكوّن من عشرة طوابق على شارع موستيتسكا، نتيجة نيران الذخيرة".
وكانت كييف قد استيقظت في ساعات الصباح الباكر على أصوات ثلاثة انفجارات في مناطق متفرقة من المدينة.
وفي بوديلسك، تصاعد الدخان من الموقع الذي تعرّض للقصف وتفحّم وسط المبنى، وتناثر الركام والزجاج المحطّم في الموقع بينما ألقى السكان الحطام المتفحّم من النوافذ، فيما تحطّمت نوافذ المباني المحيطة.
وفي هجوم آخر، أعلن جهاز الطوارئ أن منزلا خاصا تعرض للقصف في حي أوزوكوركي في جنوب شرق كييف.
وأظهرت صور أعاد نشرها جهاز الطوارئ جدار مبنى من طابقين بدا متفحّمان، بينما تصاعد الدخان من النوافذ المحطّمة.
وبينما يتواصل التصعيد الروسي ضد كييف، قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إن روسيا لم تحقق النتائج المرجوة من حربها على أوكرانيا وخسرت الكثير من قواتها، وأشار في الوقت نفسه إلى أن المفاوضات بين الجانبين ستتواصل الثلاثاء.
وأضاف زيلينسكي في مقطع فيديو أذيع خلال الليل أن موسكو لا تقول الحقيقة بشأن خسائرها في أوكرانيا، كما تحدث عن العقوبات الغربية ضد روسيا، وقال إنه يجري حاليا تجهيز جولة رابعة من هذه العقوبات.
وفي ما يتعلق بسير المفاوضات، قال الرئيس الأوكراني "قيل لي إنها تمضي بشكل جيد جدا، لكن دعونا نرى". وأشار إلى أنه تحدث مع رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت في إطار الجهود الدبلوماسية لوقف القتال.
والطرفان متباعدان إذ تطالب موسكو أوكرانيا بالابتعاد عن الغرب والاعتراف بالمناطق الانفصالية التي تدعمها روسيا، أمّا المفاوضون الأوكرانيون فيقولون إنهم يريدون "السلام ووقف إطلاق نار فوري وانسحاب القوات الروسية".
وبعد قرابة ثلاثة أسابيع على حشد أعداد كبيرة من القوات الروسية على الحدود مع أوكرانيا، قصفت قوات موسكو وحاصرت العديد من البلدات والمدن الأوكرانية، من بينها كييف التي فرّ منها نصف سكّانها تقريبا.
ولا تزال الطرق المؤدية إلى الجنوب فقط مفتوحة، وأقامت سلطات المدينة نقاط تفتيش، في وقت يخزّن السكان المواد الغذائية والأدوية.
وتقدّر الأمم المتحدة عدد الفارّين من أوكرانيا بـ2.8 مليون شخص حتى الساعة، مع تسجيل 636 وفيات في صفوف المدنيين، بمن فيهم العشرات من الأطفال. ويُعتقد أن تكون الحصيلة الفعلية أكبر.
وكان التقدم العسكري الروسي بطيئا ومكلفا، فيما يبدو أن موسكو قللت من تقدير قوة المقاومة الأوكرانية.
ويعتقد عدد من الخبراء العسكريين أن الجيش الروسي بحاجة الآن إلى التجمّع وإعادة تزويد قواته بما يلزم، ما يثير احتمال توقّف أو تباطؤ في القتال.
واعترف رئيس الحرس الوطني الروسي فيكتور زولوتوف بأن العملية "لن تسير بالسرعة التي نتمناها"، لكنه قال إن النصر سيأتي خطوة بخطوة.
وتداولت وسائل إعلام أميركية أن روسيا لجأت إلى الصين للحصول على مساعدة عسكرية واقتصادية، فيما نفت بكين علمها بذلك.
وحذّر وزير الخارجية الصيني وانغ يي من أن بلاده ترفض أن تتأثر بالعقوبات الغربية التي تُفرض على روسيا، حسبما أفادت وسائل إعلام صينية رسمية الثلاثاء، في وقت يزداد فيه الضغط على بكين لتكفّ عن دعمها لموسكو.
وقال وانغ يي، خلال اتصال مع نظيره الإسباني خوسيه مانويل ألباريس، "إن الصين ليست طرفا في الأزمة، ولا تزال ترغب في ألّا تتأثر بالعقوبات".
وأفاد الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف للصحافيين بأن "الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أعطى أوامر بالامتناع عن أي هجوم مباشر على المدن الكبرى، نظرا إلى أن الخسائر المدنية ستكون كبيرة".
وواصلت القوات الروسية حصارها لجنوب مدينة ماريوبول، حيث قُتل نحو 2200 شخص بحسب مسؤولين.
وتمكّنت أكثر من 160 سيارة مدنية من المغادرة على طول طريق الإجلاء الاثنين، بعد عدة محاولات فاشلة.
وزاد حلفاء أوكرانيا من ضغوطهم على نظام بوتين من خلال فرضهم عقوبات اقتصادية غير مسبوقة، فيما يواجه الكرملين ضغوطا داخلية رغم الرقابة الممارسة على المعلومات.
وطالب الرئيس الأوكراني زيلينسكي حلف شمال الأطلسي "الناتو" الاثنين بفرض منطقة حظر طيران فوق بلاده، لاعتباره أنّ التمنّع عن ذلك سيؤدّي إلى هجوم روسي على دول الحلف.
وقال زيلينسكي في مقطع فيديو "إذا لم تغلقوا سماءنا، ستكون مجرّد مسألة وقت قبل أن تسقط الصواريخ الروسية على أراضيكم، على أراضي الناتو".
ومن المتوقّع أن يكرر هذا النداء الأربعاء عندما يلقي خطابا عبر الفيديو أمام مجلسي النواب والشيوخ الأميركيين.
وكرّر الرئيس الأميركي جو بايدن، إلى جانب حلفاء الولايات المتحدة في حلف شمال الأطلسي، رفضهم فرض منطقة حظر جوي فوق أوكرانيا، معتبرين أن أي محاولة لفرض هكذا منطقة ستضعهم في صراع مباشر مع روسيا المسلحة نوويا.
وبدلا من ذلك، قامت واشنطن وحلفاؤها في الاتحاد الأوروبي بضخ الأموال والمساعدات العسكرية في أوكرانيا، وفرضوا عقوبات اقتصادية غير مسبوقة على روسيا.
وقال بايدن إن مواجهة حلف شمال الأطلسي لروسيا سيشعل "حربا عالمية ثالثة".