الكويت تتطلع إلى اللحاق بجيرانها في سوق صناعة الأدوية

إطلاق أول مشروع باستثمارات أجنبية لإنتاج 26 صنفا من الدواء.
الاثنين 2022/03/14
أولويتنا توطين الصناعة لأهميتها في تحقيق الأمن الدوائي

تسعى الكويت إلى دعم قدرتها على جذب الاستثمار في مجال صناعة الأدوية بتوسيع النوافذ أمام رؤوس الأموال الأجنبية، والتي يعتبرها العديد من الخبراء خطوة مهمة نحو توطين نشاط هذا القطاع مستقبلا أسوة بما يقوم به جيرانها في المنطقة بفضل سياسة الإصلاح.

الكويت – شهدت الكويت الأحد إطلاق أول مشروع في قطاع صناعة الأدوية بتمويلات أجنبية، في خطوة رأى محللون أنها تعكس اهتمام البلد الخليجي بهذا المجال بغية اللحاق بركب جيرانه في المنطقة والتي تقودها كل من الإمارات والسعودية.

ومن المتوقع أن يوسع المشروع من طموحات المسؤولين باتجاه إرساء قاعدة لقطاع إنتاج الأدوية بالبلاد عبر تكثيف الجهود لجذب الاستثمارات الخارجية لتقليص الاستيراد واستغلال القدرات الإنتاجية المتوفرة لهذه الصناعة المدرة للملايين من الدولارات.

ودشن وزير الصحة خالد السعيد خطا لإنتاج 26 منتجا تنفیذا لاتفاقیة توطین تصنیع هذه المنتجات بعد عملیة تخللها نقل المعرفة.

وأكد خلال افتتاح خط الإنتاج أن بلاده تسعى إلى نقل تكنولوجيا اللقاحات الواقية من الأمراض المعدية لتصنيعها محليا وذلك “تحسبا لأي طارئ”، وأنها تتواصل في سبيل ذلك مع مؤسسات عالمية تُعنى بإنتاج اللقاحات.

خالد السعيد: نسعى إلى نقل تكنولوجيا اللقاحات ضد الأمراض المعدية

ونسبت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية إلى السعيد قوله في كلمة بمناسبة الاحتفال بإطلاق تصنيع منتجات مختبرات أبوت بالبلاد عبر الشركة الكويتية – السعودية للصناعات الدوائية التابعة لشركة ميزان القابضة، إن “الأمن الصحي جزء لا يتجزأ من الأمن الوطني”.

ولم يذكر الوزير قيمة الاستثمار، إلا أنه اعتبر أن من أهم دروس وعبر جائحة كورونا أنه “في حالة الطوارئ يجب أن تعتمد الدول على إمكانياتها ومصادرها المحلية”.

وتستهدف الكويت في “رؤية 2035” جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية والمحلية للعمل في البلد عبر تطوير التشريعات والقوانين وإصدار لوائح تنظيمية من شأنها تحسين بيئة الأعمال في القطاعات كافة وخاصة قطاعها الصناعي.

وقال “نحن في وزارة الصحة من أهم أهدافنا حاليا هو البدء بأول خطوة لتصنيع الأدوية الحيوية الهامة في الكويت لتلبية الاحتياجات المحلية وربما الإقليمية أيضا في القريب العاجل”.

وكانت الشركة الكويتية – السعودية للصناعات الدوائية قد أبرمت في مايو الماضي اتفاقية مع شركة أبوت الأميركية، التي تحتل المركز 25 عالميا في هذا المجال، من أجل إقامة منشأة لتصنيع الأدوية.

وتدخل أصناف الأدوية التي سيتم إنتاجها محليا في علاج كل من أمراض ضغط الدم والدهون الثلاثية وأمراض القلب، وكذلك مسكنات الآلام وأمراض الجهاز الهضمي والالتهابات البكتيرية.

وتؤكد السلطات أن هذا الاستثمار ستتبعه المزيد من الشراكات مع كيانات أخرى سيتم الإعلان عنها قريبا، لتحقيق الأهداف المطلوبة في الصناعات الدوائية.

وقال وزیر التجارة والصناعة فهد الشریعان إن “افتتاح خط الإنتاج یُعتبر أول استثمار أجنبي بهذا الحجم في القطاع الصحي كما أنها المرة الأولى التي تقوم فیها شركة عالمیة في هذا القطاع بتوطین التصنیع في الكویت”.

وأشار إلى أنها ستكون كذلك المرة الأولى التي تحمل فیها منتجات یتم استخدامها حول العالم علامة “صُنع في الكویت”، معتبرا ذلك “إنجازا للاقتصاد الكویتي”.

وبذلت الشركة الكويتية – السعودية للصناعات الدوائية خلال الأشهر الثمانية الماضية جهودا لإنجاح إطلاق خط تصنيع مختبرات أبوت بالبلاد في الموعد.

من المتوقع أن يوسع المشروع من طموحات المسؤولين باتجاه إرساء قاعدة لقطاع إنتاج الأدوية بالبلاد عبر تكثيف الجهود لجذب الاستثمارات الخارجية

وأكد نائب رئيس مجلس إدارة شركة ميزان القابضة محمد الوزان أن المشروع يمثل منعطفا في القطاع الصحي والاقتصاد المحلي. وقال “نحن فخورون بأن يكون لنا دور محوري في كتابة هذا الفصل مع بداية تصنيع منتجات مختبرات أبوت الشهيرة في الكويت”.

ولا تزال الكويت حتى الآن بعيدة عن الاستثمار الأمثل في صناعة الدواء حيث أدى ازدهار صناعة النفط والغاز والتنويع المحدود في القطاعات الأخرى إلى الحدّ بشكل كبير من أنشطة التصنيع بالبلاد.

وكان خبراء شركة ريسيرتش آند ماركتس للأبحاث الاقتصادية قد سلطوا الضوء في تقرير نشروه في العام 2018 على مستقبل سوق الصناعات الدوائية بالكويت حتى 2022.

وأشار الخبراء في تحليلهم حينها إلى أن هذه السوق تمر في مرحلة النمو مستمدة زخمهما من مبادرات الرعاية الصحية الحكومية، لكن بطء الإصلاحات وعدم وجود رؤية ثاقبة للتنويع جعله يقبع في الصفوف الخلفية.

ونتيجة لذلك، ظل الإنتاج المحلي للأدوية في البلاد منخفضا في ظل استيراد معظم الأدوية المستهلكة نظرا لأن المستهلك يفضل، بشكل عام، المنتجات الدوائية المسجلة والعلامات التجارية المعروفة، والتي ساعدت على توسيع منظومة التمويل الحكومي.

ويأتي هذا الوضع على الرغم من وجود مبادرات حكومية موجهة إلى سوق الأدوية المحلي من بينها منح تراخيص لنحو 12 شركة لبناء مصانع أدوية في البلاد بالتعاون مع الهيئة العامة للصناعة.

وتشير التقديرات الرسمية إلى أن الحكومات المتعاقبة خصصت تمويلات لإطلاق أكثر عشرين مشروعا في قطاع الرعاية الصحية بقيمة 5.5 مليار دينار (18 مليار دولار) خلال العشرية الأخيرة.

ويقول خبراء إن طاقات التصنيع المحلية المحدودة توفر عددا من فرص النمو لشركات الأدوية متعددة الجنسيات والإقليمية من أجل دخول سوق صناعة الأدوية الكويتية.

ومن المتوقع أن تنمو الاستثمارات الرامية لتطوير قطاع الرعاية الصحية عبر الشراكة بين القطاعين العام والخاص في حال ركزت السلطات اهتماماها بجدية على هذا المجال.

10