وزيرا خارجية تركيا وأرمينيا يجتمعان لإصلاح العلاقات بعد عقود من العداء

أنطاليا (تركيا) - عقد وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو اجتماعا مع نظيره الأرمني آرارات ميرزويان في ولاية أنطاليا جنوب غربي تركيا، وصفه بـ"المثمر والبناء للغاية"، بينما أعلن وزير خارجية أذربيجان جيهون بيراموف أن بلاده سلّمت أرمينيا مقترحا جديدا لتطبيع العلاقات بينهما.
ويعد هذا أول اجتماع بين وزيري خارجية البلدين منذ عام 2009، بعد أن أجريا محادثات لفترة وجيزة على هامش اجتماع منظمة الأمن والتعاون في أوروبا في نوفمبر من العام الماضي.
وقال جاويش أوغلو للصحافيين بعد المحادثات "كانت محادثة مثمرة وبناءة للغاية.. نبذل جهودا من أجل الاستقرار والسلام". مضيفا أن أذربيجان تدعم عملية تطبيع العلاقات مع أرمينيا.
وكان جاويش أوغلو يتحدث إلى جانب ميرزويان بعد أن التقيا لمدة نصف ساعة في منتدى دبلوماسي في أنطاليا.
وأضاف "كما تعلمون بدأنا مسارا لتطبيع علاقاتنا، وبعد الرسائل الإيجابية المتبادلة من رئيسنا (رجب طيب) أردوغان و(رئيس الوزراء الأرمني نيكول) باشينيان، تم تعيين ممثلين خاصين للبلدين".
ولا توجد علاقات دبلوماسية أو تجارية بين تركيا وأرمينيا منذ التسعينات، لكنهما عقدتا محادثات في يناير في أول محاولة لإعادة العلاقات منذ إبرام اتفاق سلام عام 2009 لم يتم التصديق عليه مطلقا.
وكانت تركيا وأرمينيا قد عينتا منتصف ديسمبر الماضي، ممثلين عنهما لتطبيع العلاقة بين البلدين، ما أحدث خطوات إيجابية في هذا الشأن.
ويسود التفاؤل مواقف أنقرة ويريفان في ظل دعم دولي كبير لردم الخلافات السابقة بين الطرفين، خاصة أن ذلك سيسهم في استقرار المنطقة بشكل كبير، تجنبا لحدوث أي استفزازات.
وتضمن اتفاق السلام التاريخي بين البلدين عام 2009، إحياء الاتصالات الثنائية وفتح الحدود، بعد عقود من إغلاقها.
ولكن لم تدخل الاتفاقية حيز التنفيذ مطلقا، وبقيت العلاقات متوترة بسبب رفض أنقرة الاعتراف بالإبادة الجماعية للأرمن إبان السلطنة العثمانية خلال الحرب العالمية الأولى.
وبالإضافة إلى ذلك، فإن العلاقات التاريخية بين البلدين شهدت توترا بالغا بسبب دعم تركيا السياسي والعسكري لأذربيجان الناطقة بالتركية في نزاع ناغورني قرة باغ، خلال خريف 2020.
وأشار جاويش أوغلو إلى أن الممثلين الخاصين للبلدين ناقشا في وقت سابق التطبيع الكامل للعلاقات بين البلدين في موسكو وفيينا.
وأكد "اليوم ناقشنا وقيمنا مباحثات الممثلين الخاصين، وأود أن أقول بسرور إننا نسعى جاهدين من أجل الاستقرار والسلام في جنوب القوقاز".
وأضاف "نلقى الدعم من جميع الأطراف لجهودنا في هذا الصدد، أذربيجان ترحب بشكل خاص بالخطوات المتخذة وعملية التطبيع بين تركيا وأرمينيا، كنت في باكو السبت الماضي وأذربيجان تؤيد عملية التطبيع".
وفي الخامس من مارس الجاري، أكد وزير الخارجية الأذري جيهون بيرموف على دعم بلاده تركيا في تطبيع علاقاتها مع أرمينيا، مبينا أن أنقرة وباكو تواصلان العمل بالتنسيق الكامل في ما بينهما بهذا الخصوص.
وأكد جاويش أوغلو أن الاستقرار والسلام في المنطقة سيفيدان الجميع، مضيفا "سنواصل اتخاذ خطوات في هذا الاتجاه، كما اتفقنا مع أرارات وزير الخارجية الأرمني في هذا الشأن".
ومن جانبه، قال وزير الخارجية الأرمني إن بلاده تبذل جهودا لتطبيع العلاقات مع تركيا، مضيفا أنهم يسعون إلى تحقيق السلام والاستقرار في المنطقة.
ورحب ميرزويان بدعوته للمشاركة في منتدى أنطاليا الدبلوماسي، معتبرا أنها إشارة إيجابية، وقال "اتفقنا في اجتماعنا على مواصلة عملية التطبيع من أجل إقامة علاقات دبلوماسية وفتح الحدود دون شروط مسبقة".
وأشار إلى أن الممثلين الخاصين المعينين للبلدين سيواصلان العمل بشكل متبادل بخصوص تطبيع العلاقات.
وأضاف ميرزويان "آمل أن تكون هناك نتائج في وقت قريب، ويسعدنا أن نرى أن جميع الدول المجاورة لنا تبذل جهودا لإحلال السلام والازدهار في منطقتنا، وأود أن أؤكد أن أرمينيا مستعدة أيضا لبذل جهود من أجل هذه الرؤية".
ويشارك وزير الخارجية الأرمني، في منتدى أنطاليا الدبلوماسي الذي يعقد بتركيا في الفترة بين الحادي عشر والثالث عشر من مارس الجاري.
وفي الرابع عشر من يناير الماضي، عقد المبعوثان التركي والأرمني الاجتماع الأول بالعاصمة الروسية موسكو ضمن جهود تطبيع العلاقات، فيما استؤنفت مؤخرا الرحلات الجوية بين البلدين.
وعلى صعيد آخر، أعلن وزير خارجية أذربيجان أن بلاده سلّمت أرمينيا مقترحا جديدا من 5 مواد حول تطبيع العلاقات بينهما وأنها تنتظر الرد.
وفي حديث لوكالة الأناضول على هامش مشاركته في منتدى أنطاليا الدبلوماسي، قال بيراموف إن "السبب الرئيس لعدم وجود علاقات بين أرمينيا وأذربيجان منذ سنوات عديدة، هو عامل الاحتلال".
ولفت إلى "زوال العقبة بعد استعادة بلاده السيطرة على محافظات محتلة عقب إطلاقها عملية لتحرير أراضيها".
وخاضت أذربيجان وأرمينيا حربا في سبتمبر 2020 للسيطرة على منطقة ناغورني قرة باغ الانفصالية، وانتهى النزاع بمقتل أكثر من 6 آلاف شخص وهزيمة يريفان التي اضطرت إلى التخلي عن أراض مهمة لصالح باكو.
وأكد بيراموف أن بلاده تؤيد تطبيع العلاقات مع أرمينيا رغم كل الصعوبات والمشكلات التي حدثت في الماضي، وأفاد بأن رئيس بلاده إلهام علييف أعرب قبل عام عن استعداده لتوقيع اتفاقية سلام مع أرمينيا.
وذكر أن بلاده لم تتلق ردا من أرمينيا على المقترح الذي قدمته قبل عام. وأضاف "لم يكن هناك رد من الجانب الأرمني على مقترحنا (السابق). ولإظهار الجانب الأذري حسن نيته قدم مؤخرا مقترحا جديدا (ثانيا) لأرمينيا".
وأوضح أن المقترح يتكون من 5 مواد تضم مبادئ أساسية، واعتبر الشروط المسبقة لبدء عملية التطبيع غير مقبولة.
وتابع "إذا كانت أرمينيا تريد بصدق تطبيع العلاقات، فهذه فرصة جيدة للغاية بالنسبة لهم. سيتضح رد أرمينيا قريبا وسنتخذ الخطوات المناسبة".