الكويت: أسرة حاكمة بقلب وأطراف طالما العناد مستمر

التعيينات تشير إلى حصر السلطات الرئيسية في حلقة الأسرة المباشرة.
الخميس 2022/03/10
تصدعات الأسرة الحاكمة تلقي بظلالها على الوضع العام بالكويت

الكويت – قالت أوساط سياسية كويتية إن التعيينات الجديدة التي كانت من المقربين من الأمير الشيخ نواف الأحمد الصباح تشي بحجم الصراعات داخل الأسرة الحاكمة، ووجود قلب من النواة المحيطة بالأمير وأطراف تشتغل بدورها على إدامة الأزمة السياسية في البلاد واستثمارها بما يخدم مصالحها ولو قاد الأمر إلى استمرار عدم الاستقرار السياسي.

وخلال السنوات الأخيرة حاول الأمير الراحل صباح الأحمد الجابر وبعده الأمير الحالي الشيخ نواف ووليّ العهد الشيخ مشعل الأحمد الجابر أن يرمموا الانشقاقات داخل الأسرة، وهي انشقاقات تزيد من عمق الأزمة السياسية المستفحلة خاصة في ظل الوضع الاقتصادي والمالي الذي تعيشه الكويت.

وأفادت وكالة الأنباء الكويتية (كونا) الأربعاء بأن مرسوما أميريا صدر يقضي بتعيين الشيخ أحمد نواف الأحمد الصباح، وهو ابن أمير الكويت، وزيرا للداخلية ونائبا أول لرئيس مجلس الوزراء. كما نص المرسوم على تعيين الشيخ طلال خالد الأحمد الصباح، وهو ابن أخي أمير البلاد، وزيرا للدفاع ونائبا لرئيس مجلس الوزراء.

واعتبرت الأوساط السياسية الكويتية أن التعيينات الجديدة تقول إن الأمير وصل إلى قناعة بأن مسعى ترميم العلاقات داخل الأسرة الحاكمة يصطدم بعناد أجنحة صارت تعتبر نفسها معارضة من داخل الأسرة وأن تحالفاتها مع المعارضين من خارج الأسرة أهمّ من رأب الصدع.

وأضافت الأوساط أن هذه التعيينات تشير إلى حصر السلطات الرئيسية في حلقة الأسرة المباشرة طالما أن الأجنحة غير قادرة على إدراك نوعية الخطر الذي يتهدد الكويت بالعموم والأسرة الحاكمة بالخصوص، معتبرة أن الشيخ نواف الأحمد يعمل على بناء نواة قوية ومتينة من الحلقة الضيقة المحيطة به من أجل حد أدنى من التماسك في العائلة يتيح لها إدارة الحكم والحفاظ على الاستقرار السياسي الذي يمكّن الحكومة من أن تعمل وتشرف على إخراج البلاد من الأزمة الاقتصادية الحادة التي تعيشها.

وأشارت إلى أن تعيين ابن الأمير وابن أخيه لوزارتين سياديتين قد يضفي مناخا جديدا يحد من تدخلات بعض مكونات الأسرة والتحالفات التي تقيمها لإرباك الحكومة والتحالف مع معارضة لا تخفي عداءها للأسرة الحاكمة، وتهدف إلى المزيد من التوتير، وهو أمر يضع الأسرة في حرج شديد تجاه الشارع الكويتي ويهز من ثقتها.

التعيينات الجديدة تقول إن الأمير وصل إلى قناعة بأن مسعى ترميم العلاقات داخل الأسرة الحاكمة يصطدم بعناد أجنحة صارت تعتبر نفسها معارضة

وإذا كانت عوائد النفط في فترات الرخاء تتيح للأسرة الحاكمة أن تغطي على الاختلافات والصراعات وفي نفس الوقت تكسب ثقة الكويتيين، فإن الوضع تغير مع توسع العجز التجاري وعجز الأسرة عن توفير الرفاهية للكويتيين. وكشف هذا العجز مواطن خلل لا يمكن مواجهتها بسهولة حتى مع الفورة الحالية في الريع بسبب ارتفاع أسعار النفط.

ويراهن متابعون للشأن الكويتي على أن تقود التعيينات الجديدة، وما قد يتلوها من تعيينات، إلى تحسين الوضع وتخفيف الضغوط عن الحكومة والحد من مزايدات نواب المعارضة، مشيرين إلى أنها تأتي ضمن مسار يحرص أمير الكويت على وضعه قيد العمل لمواجهة الفوضى السياسية خاصة بعد أن تجاهلت المعارضة خطوات التهدئة التي قام بها وبينها العفو الأميري ورسالته الأخيرة (يوم الاثنين) التي تحث على “وضع مصلحة البلاد فوق كل اعتبار والابتعاد عن الصراعات وتفادي استخدام الأدوات الدستورية بشكل تعسّفي”.

وشغل الشيخ أحمد نواف الأحمد منصب نائب رئيس الحرس الوطني منذ نوفمبر 2021. وجاء تعيينه في حينها خلفا للشيخ مشعل الأحمد الذي أصبح وليا للعهد.

وكان قبل تعيينه في الحرس الوطني محافظا لمحافظة حولي، كما شغل العديد من المناصب في وزارة الداخلية كان آخرها منصب وكيل الوزارة المساعد لشؤون التعليم والتدريب.

ويشغل الشيخ طلال الصباح منصب محافظ العاصمة، منذ مارس 2019. وكان قبلها يشغل منصب الناطق الرسمي باسم القطاع النفطي، بعد أن تدرج سنوات في هذا القطاع وشغل فيه العديد من المناصب من أهمها رئاسة شركة ناقلات النفط الكويتية.

ويأتي هذا التعيين وسط حالة مستمرة من التوتر بين الحكومة والبرلمان منذ بداية دور الانعقاد الحالي في أكتوبر الماضي، أسفرت عن تقديم استجوابات متتالية لوزراء الدفاع والخارجية والأشغال.

Thumbnail

وقدم وزير الدفاع السابق الشيخ حمد جابر الصباح ووزير الداخلية السابق الشيخ أحمد المنصور، وكلاهما من الأسرة الحاكمة، استقالتهما في فبراير احتجاجا على كثرة الاستجوابات البرلمانية للوزراء.

واتخذ نواب المعارضة بالبرلمان إجراءات لحجب الثقة عن وزير الدفاع السابق ووزير الخارجية الحالي، لكنهم لم ينجحوا في جمع العدد الكافي من الأصوات لإزاحتهما.

ومن المقرر أن يصوّت البرلمان الأربعاء القادم على طلب بحجب الثقة عن وزير الأشغال العامة، بعد استجوابه في البرلمان الثلاثاء بسبب اتهامات بعدم اتخاذ إجراءات كافية لمكافحة الفساد في الهيئة العامة للزراعة التي تتبعه، وهي اتهامات ينفيها الوزير.

ولا يبدو أن المعارضة ستتوقف عن مسار الاستجوابات الذي حقق لها ما تريده من ظهور إعلامي ومكّنها من فرصة جديدة لاستعراض قوتها على حكومة ضعيفة وأسرة حاكمة واقعة تحت تأثير التجاذبات.

وتشكلت الحكومة الحالية في ديسمبر، وهي الثالثة خلال عام 2021 وحده، وذلك في محاولة لحل أزمة طويلة مع البرلمان المنتخب الذي عطل مساعي الدولة لإجراء إصلاحات مالية.

وتقدم ثلاثة نواب في مجلس الأمة الكويتي الأربعاء باستجواب إلى رئيس مجلس الوزراء الشيخ صباح الخالد الحمد الصباح بسبب “الممارسات غير الدستورية ونهب الأموال العامة”.

وتضمنت صحيفة الاستجواب التي قدمها النواب ثلاثة محاور “هي الممارسات غير الدستورية لرئيس الوزراء، وتعطيل مصالح المواطنين وعدم التعاون مع المؤسسة التشريعية، والنهب المنظم للأموال العامة والعبث بثروات الشعب الكويتي”.

وتسببت الاستجوابات في رحيل إحدى عشرة حكومة واستقالة وإعفاء ستة عشر وزيرا آخرهم نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الشيخ حمد جابر الصباح، ووزير الداخلية أحمد المنصور اللذان اعتراضا على “التعسف النيابي” في استخدام الاستجوابات، و”تعطيل” تحقيق مصالح الشعب، قبل أن يصدر في اليوم التالي مرسوم أميري بقبول الاستقالتين.

1