أردوغان يبحث عن مكاسب في بحر إيجه للتغطية على اضطرابات الداخل

خلوصي أكار: الطائرات التي اشترتها اليونان قليلة ولا تستطيع مواجهة تركيا.
الاثنين 2022/03/07
"الوطن الأزرق" أحلام عثمانية لا تزال تراود أردوغان

واشنطن - تشهد العلاقات بين تركيا واليونان توترات منذ سنوات، وتتهم الحكومة في أثينا جارتها بالتنقيب غير المشروع عن الغاز الطبيعي في المنطقة الاقتصادية الخالصة التابعة لليونان. كما تشكك أنقرة منذ عقود في وضع العديد من الجزر في بحر إيجه، والتي تحلق الطائرات التركية مرارا فوقها ويعترضها سلاح الجو اليوناني.

وقال الكاتب السياسي التركي بوراك بيكديل إنه بعد مرور قرن على انهيار الإمبراطورية العثمانية وميلاد الجمهورية التركية الحديثة، يستعرض الإسلاميون الوحدويون في تركيا قوتهم ليس، على وجه الدقة، لجعل بحر إيجه بحيرة تركية مرة أخرى، ولكن لإلهاء الجماهير التركية التي يشعر الكثير منها بالسخط جراء الأوضاع الاقتصادية، ولجعلهم يتوهمون أن أسطولا بحريا عثمانيا جديدا يعود إلى المياه الزرقاء.

وفي داخل البلاد يعاني الأتراك من شلل اقتصادي، فمعدل التضخم السنوي الرسمي يبلغ 48 في المئة على الرغم من أن باحثين مستقلين يقدرونه بـ114 في المئة، وهناك نقص في السلع الأساسية، وتضاعفت تكاليف البنزين والغاز الطبيعي والكهرباء خلال عام، وفقدت العملة الوطنية نصف قيمتها أمام العملات الغربية الرئيسية، وتراجع نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي على مدار السنوات السبع الماضية.

ويأتي الحد الأدنى للأجور في تركيا، الذي يبلغ بالكاد 375 دولارا في الشهر، بعد ألبانيا، وهو ثاني أدنى أجر في القارة الأوروبية.

إسماعيل ديمير: نسعى لامتلاك قوة أكثر قدرة على الردع في بحر إيجه

وأضاف بيكديل أن هذه الصورة القاتمة ظهرت فقط قبل 16 شهرا على خوض رجب طيب أردوغان انتخابات لن يقبل فيها غير الفوز في شهر يونيو عام 2023.

وتابع بيكديل أنه مثل أي حاكم مطلق آخر من العالم الثالث، يلقي أردوغان مسؤولية الانهيار الاقتصادي على عاتق “قوى أجنبية تتآمر ضد “صعود تركيا الرائع”.

وغالبا ما يصف أردوغان سياساته الاقتصادية غير الخاضعة للقواعد بأنها “حرب من أجل الاستقلال الاقتصادي”. ومع ذلك، فإنه يحتاج إلى أكثر من ذلك لكي يجعل الأتراك الذين يعصف بهم الفقر يشعرون بأنهم في وضع أفضل.

وعرضت اليونان، المنافس التقليدي في منطقة بحر إيجه والتي تشعر بأنها مهددة، في شهر يناير الماضي قدراتها الدفاعية التي اكتسبتها حديثا من خلال الدفع بست طائرات مقاتلة من طراز رافال للتحليق فوق منطقة الأكروبوليس بعد ساعات من وصولها من فرنسا، مع فاتورة تبلغ قيمتها 11.5 مليار يورو.

ورد وزير الدفاع التركي خلوصي أكار على ذلك بقوله ”الطائرات الست التي اشترتها اليونان قليلة للغاية ولا تستطيع مواجهة تركيا”.

وقال إسماعيل ديمير المسؤول الكبير عن قطاع المشتريات الدفاعية في تركيا، في تأكيد لتصريح أكار، إن تركيا سوف تواصل العمل لامتلاك قوة بحرية أقوى وأكثر قدرة على الردع في “الوطن الأزرق”، وهي عبارة يستخدمها الأتراك للإشارة إلى بحري إيجه والبحر المتوسط.

وفي ديسمبر الماضي أعلنت وكالة المشتريات (إس.إس.بي) عن طرح مناقصات لتصنيع ثلاث فرقاطات من فئة إسطنبول تركية التصميم، للانضمام إلى خمس أخرى بموجب برنامجها الخاص بالفرقاطات.

ويحمل قرار تركيا ببناء ثلاث فرقاطات، بدلا من واحدة في وقت يشهد قيودا مالية، رسالة جيواستراتيجية.

وقال أوزجور أكيشي رئيس تحرير موقع أخبار الدفاع توردف ”السلطة السياسية تقول للخصوم الإقليميين لتركيا إنها لن تتخذ نهجا تصالحيا في نزاعات جيواستراتيجية في بحر إيجه وشرق البحر المتوسط“.

وهناك برامج بحرية تركية أخرى تشير إلى عودة للتوترات في بحر إيجه. ففي شهر أغسطس الماضي أعلنت ترسانة حوض “آريس” لبناء السفن التركية، عن تصميم وتطوير سفينة حربية مسيرة مضادة للغواصات.

وفي شهر أكتوبر الماضي أطلقت آريس وشركة تكنولوجيا الدفاع ميتيكسان سافونما نسخة من السفينة “يو.إل.أيه.كيو“، وهي أول سفينة مسلحة مسيرة تركية للحرب فوق سطح الماء.

وترددت تقارير مفادها أن السفينة يبلغ مداها 400 كيلومتر، ويمكن أن تنطلق بسرعة تصل إلى 65 كيلومترا في الساعة.

وفي شهر يناير الماضي أدخلت تركيا في الخدمة أول سفينة لها لجمع المعلومات الاستخباراتية، وهي السفينة “تي.سي.جي أوفوك”، التي سوف تقوم بتشغيلها على نحو مشترك هيئة الاستخبارات الوطنية والبحرية التركية.

غالبا ما يصف أردوغان سياساته الاقتصادية غير الخاضعة للقواعد بأنها "حرب من أجل الاستقلال الاقتصادي" ومع ذلك، فإنه يحتاج إلى أكثر من ذلك لكي يجعل الأتراك الذين يعصف بهم الفقر يشعرون بأنهم في وضع أفضل

وفي يناير الماضي أيضا أعلنت الحكومة أنها سوف تبدأ في بناء نموذج أولي لسفينة سوف تصبح جزءا من أسطول مخطط إنشاؤه من الزوارق الهجومية التركية.

وبعد وقت قصير من ذلك، قررت البحرية التركية أن تستبدل مخزونها القديم، الذي يضم نحو 350 صاروخا مضادا للسفن من طراز هاربون الأميركي الصنع، بصواريخ أتاماكا، وهو صاروخ مضاد للسفن محلي الصنع.

وترددت تقارير بأن هذا الصاروخ يبلغ مداه أكثر من 220 كيلومترا، ويستطيع الانطلاق على ارتفاع منخفض يبلغ ثلاثة أمتار، كما يستطيع الانتقال حول الجزر الكبيرة والصغيرة، في إشارة واضحة إلى استخدامه في بحر إيجه.

وسوف يتم نصب هذا الصاروخ على ظهر الفرقاطات من فئة أدا والفرقاطات من فئة إسطنبول والمدمرات من فئة تي.إف 2000.

وبعد ذلك، هناك ما سوف يكون درة البحرية التركية السفينة “تي.سي.جي الأناضول”، وهو مهبط للمروحيات تبلغ تكلفته 1.2 مليار دولار.

وقررت تركيا مؤخرا تحويل هذه السفينة الطموحة إلى حاملة للطائرات المسيرة. وسوف تدخل هذه السفينة الخدمة في غضون عام.

ويعمل المسؤولون العسكريون ومسؤولو قطاع المشتريات العسكرية ليل نهار لإدارة العشرات من برامج بحريه أخرى أصغر حجما، رغم القيود الاقتصادية الشديدة التي تواجهها البلاد.

واختتم بيكديل بقوله إن هذا التوسع يعكس عملية سياسية تعطي الأولوية للسلاح على الغذاء، وكلها كمسرح للناخبين الأتراك قبل توجههم لصناديق الاقتراع.

5