جهاز أبوظبي للاستثمار يعزز كفاءة أعماله بحوكمة الإنفاق

دخل جهاز أبوظبي للاستثمار مرحلة جديدة في استراتيجية تطوير نشاطه وفق معايير حوكمة ترتقي إلى ما هو معمول به في كيانات مشابهة حول العالم من بوابة تقليص أعداد موظفيه والتحول إلى التركيز على دعم أعماله في قطاعات واعدة لتعزيز أصوله.
أبوظبي - قطع جهاز أبوظبي للاستثمار (أديا) شوطا مهما في مسار تعزيز كفاءة أعماله على نحو مستدام وذلك بالتخلص من البعض من التكاليف التي يوفرها لمخصصات التوظيف ضمن سياسة يتبعها لحوكمة نشاطه.
وكشف مصدران لوكالة رويترز الجمعة أن الجهاز، وهو أحد أكبر صناديق الثروة السيادية في العالم، خفض أعداد العاملين خلال العام الماضي في إطار برنامج لتقليص التكاليف قيمته مليار درهم (272.29 مليون دولار). لكنهما لم يكشفا عن عدد من تم تسريحهم.
وستساعد هذه الخطوة صندوق الثروة السيادية لحكومة أبوظبي الذي يدير أصولا بقيمة تصل إلى نحو 697.8 مليار دولار بعدما زادت بمقدار 48.7 مليار دولار بنهاية العام الماضي، على تحويل الأموال إلى مشاريع جديدة مثل البحث الكمي والتطوير.
وقال المصدران اللذان طلبا عدم تحديد هويتيهما لأن الأمر غير معلن إن “جهاز أبوظبي للاستثمار ركز على تقليص فريق الإدارة المتضخم والاستغناء عن العشرات من العمالة المكلفة التي يوظفها منذ عقود”.
وأشارا إلى أن الصندوق لديه هدف توفير التكاليف بنحو مليار درهم (نحو 272 مليار دولار) وقد تم إبلاغه للإدارة داخليا.

دييغو لوبيز: ثمة ميل إلى الأسواق الخاصة والأعمال المبتكرة والجريئة
وقال متحدث باسم جهاز أبوظبي للاستثمار، لم تكشف رويترز عن هويته، إن الصندوق “يقيِّم عملياته باستمرار للتأكد من أن قدراته وهياكله وعملياته تتماشى مع الأهداف طويلة المدى، وتمكين الجهاز من التطور مع البيئة الاستثمارية”.
وتهدف التغييرات إلى جعل الجهاز الذي تأسس في عام 1976 لاستثمار فوائض الإمارة من الدولارات التي تحصلها من صادرات البترول أكثر كفاءة وفعالية.
ومنذ سنوات تعمل سلطات أبوظبي على تحويل الإمارة الخليجية الغنية بالنفط والغاز إلى مركز إقليمي لإدارة الأصول وجذب الأموال الاستثمارية الكبرى.
ويركز الجهاز على كيفية دمج قرارات الاستثمار مع التعلم الآلي والذكاء الاصطناعي سيرا على خطى الصندوقين الحكوميين في سنغافورة جي.آي.سي وتماسيك.
وخلال فترة الجائحة قام بدمج فرق الأوراق المالية الخارجية والداخلية وأغلق مكتب الأسهم اليابانية الداخلي. وقادت التغييرات إلى إنشاء إدارة للأسهم وإدارة للمحافظ الأساسية وكذلك قسم لخدمات الاستثمار المركزية.
ووسعت الإمارات من فرص تعزيز مناخ الأعمال وترسيخ دعائمه على أسس مستدامة بعد أن قررت الحكومة الاتحادية في منتصف 2020 إعادة هيكلة الجهاز ليكون دوره أكبر في المستقبل.
واعتمد مجلس الوزراء قرارا بإعادة تشكيل مجلس إدارة الجهاز، على أن يتولى رئاسته الشيخ منصور بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير شؤون الرئاسة.
وينص القانون المتعلق بتأسيس الجهاز على أن يتبع مباشرة مجلس الوزراء، ويختص الجهاز باستثمار وإعادة استثمار الأموال المخصصة للاستثمار من قبل الحكومة.
ويقول المسؤولون إن اتخاذ الخطوة جاء بهدف تعزيز أدوار الجهاز وتمكينه من تحقيق أهدافه في البحث عن فرص استثمار مختلفة ومميزة على المستوى المحلي والإقليمي والدولي، وصولا إلى تعزيز وتنويع الاقتصاد ودفع عجلة التنمية في مختلف القطاعات.
وينسجم هذا القرار مع الرؤية المتعلقة بتطوير سير العمل في الحكومة الاتحادية والتحديث المستمر لمجالسها بحيث تكون مواكبة لما هو عليه الحال في العديد من الكيانات السيادية حول العالم لتعزيز أصوله الاحتياطية مع مرور الوقت.
وأكد أحد المصدرين لرويترز أن تحركات الجهاز تهدف بالأساس إلى تمكين المديرين بالخطوط الأمامية وتعزيز أنظمة التكنولوجيا وتبسيط هياكل الحوكمة.
وقال دييغو لوبيز العضو المنتدب في غلوبال أس.دابليو.أف، وهي شركة استشارية لصناديق الثروة السيادية “نتوقع أن يميل صندوق الثروة السيادية قليلا نحو الأسواق الخاصة، ويبدأ في تخصيص رأس المال لاستراتيجيات ومنتجات أكثر ابتكارا وربما جرأة”.
وأشار إلى أن صناديق الثروة السيادية الخليجية تفيض بالسيولة بعد نتائج عامي 2020 و2021 الجيدة وارتفاع أسعار النفط.
وأضاف لوبيز “نعتقد أن جهاز أبوظبي للاستثمار حقق في عام واحد عائدا بنسبة تقدر بنحو 20.9 في المئة في 2020، ونتوقع أن يكون عائد 2021 قويا جدا أيضا”.
697.8
مليار دولار أصول الجهاز الذي يأتي في المركز الرابع عالميا وفق معهد صناديق الثروة السيادية
وتابع “مثل هذا الفائض في رأس المال يسمح للصندوق ويضغط عليه لإعادة التفكير في استراتيجيته ومسايرة الاقتصاد الجديد والموضوعات الجديدة”.
وقال جهاز أبوظبي للاستثمار في المراجعة السنوية العام الماضي إن لديه قوة عاملة مؤلفة من 1680 موظفا من أكثر من ستين بلدا.
ونجح هذا الصندوق منذ تأسيسه قبل 15 عاما في استكشاف الفرص الواعدة والاستثمار في مجالات اقتصادية وصناعات استراتيجية مختلفة، بما يدعم الاقتصاد المحلي بعيدا عن عوائد الطاقة.
ويوظف الجهاز منذ العام 2015 محللين ماليين أكثر من أي مؤسسات أخرى في الشرق الأوسط حاليا، في مسعى لتطوير أساليب إدارة الثروة في الإمارات.
ووفقا لمعهد شارلوتسفيل في ولاية فرجينيا الأميركية فأن الجهاز يوظف نحو 130 محللا ماليا متخصصا وهو ما جعله من أكبر أرباب العمل في منطقة الشرق الأوسط في هذا المجال.
وتظهر بيانات معهد صناديق الثروة (أس.دبليو.أف) المختص بتتبع نشاط الأذرع السيادية للحكومات والتي نشرها منتصف فبراير الماضي، أن جهاز أبوظبي للاستثمار يحتل المركز الرابع عالميا.
وجاء الجهاز بعد كل من صندوق الثروة السيادية النرويجية الذي تبلغ أصوله نحو 1.4 تريليون دولار، تليه مؤسسة الاستثمار الصينية بحجم أصول يبلغ 1.2 تريليون دولار، ثم الهيئة العامة للاستثمار الكويتية في المرتبة الثالثة بأصول تصل إلى 737.9 مليار دولار.
ويعد تصنيف خمسة صناديق سيادية إماراتية، وهي جهاز أبوظبي للاستثمار وشركة مبادلة للاستثمار وشركة أبوظبي التنموية القابضة ومؤسسة دبي للاستثمارات وجهاز الإمارات للاستثمار، من بين أفضل 20 كيانا في قائمة أفضل مئة صندوق ثروة سيادية في العالم.