هل تستهدف نقابة الإعلاميين المصرية مقدم برامج أم قناة "أم.بي.سي مصر"

أثار استدعاء نقابة الإعلاميين المصرية للإعلامي شريف عامر مقدم برنامج “يحدث في مصر” على فضائية “أم.بي.سي مصر” للتحقيق على خلفية ارتكاب أخطاء مهنية جدلا واسعا، وتعرضت النقابة لانتقادات تتهمها بالازدواجية والانتقائية في المحاسبة المهنية، مع إهمالها وقوع أخطاء مماثلة في فضائيات أخرى.
القاهرة- قالت نقابة الإعلاميين المصرية في بيان صحافي إن الإعلامي شريف عامر مقدم برنامج “يحدث في مصر” على فضائية “أم.بي.سي مصر”، “خالف ميثاق الشرف الإعلامي ومدونة السلوك المهني واستمراره في ارتكاب المخالفات المهنية، إما بالاتفاق مع ضيوفه وإما بالسماح لهم بالكذب والتضليل والإهانه للشعب المصري، وذلك كما حدث مع الدكتور مبروك عطية الذي نطق بما لا يعي، بالمخالفة للحقيقة والواقع”.
وتفاعلت النقابة بشكل سريع مع الحلقة التي استضاف فيها شريف عامر الأستاذ بجامعة الأزهر مبروك عطية مساء الأربعاء، وتناولت قضية الزواج في مصر، وطرحت بعض الأسئلة المتعلقة بالظروف الاجتماعية التي تعرقل الزواج وإصرار المجتمع على إتمام الزواج بنوع من البذخ، وهو ما لم يمر مرور الكرام على المذيع.
وأوضح عطية خلال الحلقة في معرض حديثه عن اتجاه الشباب والفتيات إلى الزواج دون الاستعداد الكافي، أن “هناك زيجات في مصر حكمها حرام، وذلك لعدم توافر شروط الزواج، وأنه يكون واجبا في حالتين: القدرة على الإنفاق، والقدرة على معاشرة المرأة، وثلاث أرباع الزيجات في مصر حرام، غير القادرين على الباءة زيجاتهم حرام”، لافتا إلى وجود من يقوم بأخذ جرعات من الأدوية من أجل الإنجاب “وهذا حرام”.
ومع أن النقاش في الحلقة هدف إلى دعم رؤى حكومية تستهدف الحد من حالات الطلاق وتوعية المجتمع بالأسس الواجب اتباعها قبل الزواج، غير أن التصريحات الصادرة عن عطية لمست وترا حساسا يرتبط بصحة الزواج الشرعي، إلى جانب ضعف القدرة الإنجابية التي تعد أحيانا من المحظورات في الإعلام.

صفوت العالم: وقوف القناة إلى جانب مذيعيها ضرورة في حالة الأزمة الحالية
وتملك النقابة المصرية الكثير من الأدوات القانونية والإعلامية التي تجعلها قادرة على مواجهة الأخطاء التي تصل في أحيان عديدة إلى حد الفوضى، لكنها لا تستخدم الحسم بشكل متساو بين جميع القنوات والإعلاميين، وتظهر كمن يدخل في خصومة مع طرف لصالح أطراف أخرى، ما يجعل تحركاتها مصحوبة بالمزيد من الجدل.
ويبدو أن خطوات نقابة الإعلاميين لا تستهدف الإعلامي شريف عامر الذي يحظى بثقة الرئيس عبدالفتاح السيسي وأجرى مداخلات عدة معه، واحدة منها كانت في أثناء استضافته الشيخ مبروك عطية، لكنها تطول القناة السعودية العاملة في مصر، بعد أن أصبح مضمون بعض برامجها يؤدي إلى جدل سياسي ومجتمعي واسع.
وتسبب الإعلامي عمرو أديب، مقدم برنامج “الحكاية” على القناة نفسها، في أزمة سياسية كادت تتطور بين القاهرة وطرابلس، بعد أن شبه الأوضاع الراهنة بين أوكرانيا وروسيا في مسألة الجوار بنظيرتها بين مصر وليبيا، ما ترتب عليه استدعاء وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش القائم بأعمال السفارة المصرية في ليبيا السفير تامر مصطفى، ثم أكدت القاهرة أن ما جاء في القناة لا يمثل الحكومة المصرية.
كما دخل أديب نفسه في جدل آخر مع مؤسسة الأزهر على خلفية اتهامه لشيخ الأزهر بأن لديه آراء تؤيد ضرب الرجل لزوجته، وهو ما دفع المؤسسة الدينية عبر صحيفتها الناطقة باسمها إلى شن حملة ضده واتهمته بالكذب ووصفته بـ”إعلامي الترفية”.
وحذرت النقابة المصرية إدارة قناة “أم.بي.سي مصر” من كثرة الأخطاء و“اللامهنية” التي تمارسها على شاشتها، واعتبرت المحتوى الإعلامي المقدم، ومن خلال الخارطة البرامجية ورصد وتقييم المرصد الإعلامي التابع للنقابة، “ضعيفا جدا ولا يتناسب مع حجم الإنفاق، وعلى إدارتها مراجعة الأمر لتحسين مستوى رسالتها الإعلامية”.
وردت القناة السعودية ببيان حمل تصعيدا في لهجتها ضد النقابة المصرية، بتأكيدها أنها “تخطت صلاحيتها المحددة في قانون تأسيسها، وتعدت الخط الفاصل بين النقد البناء والتجاوز غير الموضوعي، وتحتفظ بحقها القانوني في اتخاذ ما تراه مناسبا وفقا للقانون، تجاه أي هيئة أو جهة تتجاوز في حقها أو حق أحد من إعلامييها أو منسوبيها أوممثليها”.
وأكد أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة صفوت العالم لـ”العرب” أن وقوف القناة إلى جانب مذيعيها ضرورة في حالة الأزمة الحالية، لأن بيان النقابة استهدف أحد أبرز المذيعين الملتزمين بالمهنية والجدية، ويطرح قضاياه بأساليب تتسم بالشفافية، ومن الطبيعي أن يكون هناك انصاف من جانب إدارة القناة.
وأضاف أن موقف القناة الحاد يعود إلى أن هناك العشرات من الأسماء التي تتجاوز في حق الجمهور والإعلام المصري، من دون أن تتم محاسبتها مهنيا وأدبيا.
ووقعت نقابة الإعلاميين في خطأ مهني حينما اجتزأت التصريحات من السياق الذي جاءت فيه، حيث قام شريف عامر بواجبه الإعلامي على الهواء، عندما حاول إيقاف مزايدات مبروك عطية وضيّق الخناق عليه، والخطأ الرئيسي يعود إلى الضيف الذي حاول مجاملة الحكومة باستخدام ألفاظ وفتاوى غير مقبولة اجتماعيا.
ورد عامر في برنامجه مساء الخميس على نقابة الإعلاميين وطالب نقيب الإعلاميين طارق سعدة بعدم الاجتزاء من سياق الحلقة، مشيرا إلى أن عطية كان يتحدث عن موضوع بدأ منذ بداية الأسبوع في احتفالية حضرها الرئيس عبدالفتاح السيسي، وكل ضيوف البرنامج من أصحاب السلطة في تخصصهم. وتابع “لن أسمح لأي كائن من كان أن يقول على المواطن شريف عامر إنه يقصد إهانة الشعب المصري”، وهدد بشكل مبطن برفع قضية على النقابة التي قامت بعرض تصريحات عطية قبل أن تقوم بحذفها من على صفحتها الرسمية على فيسبوك.
النقابة المصرية حذرت إدارة قناة "أم.بي.سي مصر" من كثرة الأخطاء و"اللامهنية" التي تمارسها على شاشتها
وأوضح صفوت العالم أن ما يقلل من آثار بيان النقابة وقراراتها أنها تأتي من مجلس غير منتخب من عموم الإعلاميين، ويفتقر لآليات الرصد والتقييم العلمية في تطبيق الشفافية مع كافة الإعلاميين، وسيكون عليها أولا تطوير أدواتها وإعادة ترتيب أوراقها، بما يجعل هناك متابعة جادة وحقيقية لما يتم بثه عبر وسائل الإعلام.
ويقول خبراء إعلام إن اللهجة التي بدأتها نقابة الإعلاميين ضد القناة السعودية، قد تستهدف إرسال إشارات على أنه لن يكون من المقبول أن تسهم في خلق أزمات سياسية واجتماعية للحكومة، وأن معايير العمل الإعلامي للفضائيات التي تتناول الشأن المصري لابد أن تكون واحدة في جميع المحطات، وإن لم تكن تابعة بشكل مباشر لدوائر رسمية في مصر.
ويضيف هؤلاء الخبراء أن هناك جهودا مصرية لضبط المشهد قبل انطلاق موسم رمضان، الذي يشهد منافسة إعلانية وإعلامية بين الفضائيات المصرية والعربية وفي مقدمتها شبكة “أم.بي.سي”، وأن نقابة الإعلاميين والمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، كمسؤولين عن تنظيم الإعلام وضبط تجاوزاته، ستكون لهما أدوار أكثر فاعلية لاحقا.