تونس تقر زيادة في أسعار المحروقات لمواكبة الارتفاعات في السوق الدولية

الزيادات لن تشمل أسعار قوارير الغاز المنزلي وبترول الإنارة المنزلي.
الأربعاء 2022/03/02
احترنا ماذا نفعل

اضطرت تونس مرة أخرى إلى زيادة أسعار الوقود لمواكبة الارتفاعات في الأسواق العالمية بعد أن تخطى البرميل حاجز المئة دولار بسبب الأزمة في أوكرانيا، وسط قلق من أن تؤدي الخطوة إلى مراكمة ضغوط إضافية على الناس وإعاقة قطاع الأعمال.

تونس - لجأت الحكومة التونسية إلى زيادة أسعار المحروقات للمرة الثانية في غضون شهر، وذلك في إطار برنامج تقول الحكومة إنه لتعديل أسعار المشتقات النفطية كما تضمنته ميزانية 2022.

ورغم لجوء تونس مكرهة إلى هذه الخطوة والتي بدأ سريانها الأربعاء بسبب الأزمة المالية الخانقة لتخفيف أعباء الدعم في الموازنة الحالية، إلا أنها في المقابل ستزيد الضغوط على المواطنين المنهكين بشكل أكبر وحتى على قطاع الأعمال المتعثر أصلا عندما يزيد التضخم البالغ حاليا 6.6 في المئة.

وهذه الزيادة هي الخامسة في غضون عام تقريبا، ولا تعد تغييرا في السياسة التي كانت متبعة في السابق مع أن بعض الخبراء يرون أنها خطوة يرغب فيها المقرضون الدوليون لدعم الدولة بقرض.

وقالت وزارتا الطاقة والتجارة في بيان مشترك صدر في وقت متأخر الإثنين الماضي إن تونس “قررت رفع سعر المحروقات للمرة الثانية خلال شهر بسبب زيادة حادة في أسعار النفط العالمية”، وذلك في مسعى لكبح العجز في ميزانيتها.

وذكر بيان الوزارتين أن “تعديل أسعار عدد من المواد البترولية سيبدأ العمل به بداية من منتصف ليل الاثنين/ الثلاثاء ضمن البرنامج المعتمد بميزانية الدولة للسنة الحالية”.

وبناء على القرار الجديد، ارتفع سعر لتر البنزين الممتاز ليبلغ نحو 2.3 دينار (0.81 دولار)، أما البنزين الخالي من الرصاص فأصبح عند نحو 2.2 دينار (0.76 دولار).

وفي حين بات سعر لتر الديزل الممتاز دون كبريت عند 2.1 دينار (0.72 دولار)، بلغ سعر لتر الديزل دون كبريت نحو 1.9 دينار (0.66 دولار) وسعر لتر الديزل العادي 1.7 دينار (0.58 دولار).

الأسعار الجديدة

  • 0.81 دولار لتر البنزين الممتاز
  • 0.76 دولار لتر البنزين الخالي من الرصاص
  • 0.72 دولار لتر الديزل الممتاز دون كبريت
  • 0.66 دولار لتر الديزل دون كبريت
  • 0.58 دولار لتر الديزل العادي

واستثنى القرار أسعار أسطوانات غاز الطهي وبترول الإنارة المنزلي.

وترى أوساط اقتصادية أن الزيادة ستؤثر على شريحة واسعة من الناس وخاصة الفقراء وستمتد إلى قطاعات إنتاجية وخاصة المتعلقة بالتجارة والزراعة والمصانع وربما أسعار النقل، التي ستنعكس أيضا على الأسر ضعيفة الدخل.

وثمة خشية على نطاق واسع بين الأوساط الشعبية من أن أي ضربة كبيرة لمستوى معيشة التونسيين، سيكون من شأنها أن تفجر أزمة اجتماعية حادة.

وتسعى تونس التي تعاني أسوأ أزمة مالية للوصول لاتفاق مع صندوق النقد الدولي مقابل إصلاحات يصفها خبراء اقتصاد بـ”المؤلمة” لضبط الاختلالات المالية المزمنة رغم ثمة من يعارض السير في هذا الاتجاه.

وقال مسؤول حكومي لوكالة رويترز، لم تذكر هويته، هذا الأسبوع إن “الارتفاع الحاد لأسعار النفط العالمية بسبب الأزمة في أوكرانيا سيؤثر بشكل قوي على المالية العامة في تونس”.

ورفعت الحكومة أسعار المحروقات الشهر الماضي بينما يطالبها مقرضون دوليون بخفض فاتورة دعم المحروقات.

وتعتزم تونس التي تدعم أسعار المحروقات منذ عقود إطلاق حزمة إصلاحات اقتصادية بهدف الحصول على حزمة إنقاذ مالي خارجية لمساعدتها على تجنب أزمة حادة تلوح في الأفق في ماليتها العامة.

وكانت وزيرة الصناعة والطاقة نائلة نويرة قد قالت الشهر الماضي إن “الزيادة في أسعار الطاقة التي أقرتها الحكومة خطوة من بين حزمة إصلاحات اقتصادية يطالب بها المُقرضون الدّوليون مقابل برنامج إنقاذ مالي”.

ومطلع فبراير الماضي أعلنت وزارة الصناعة رفع أسعار الوقود المباعة في السوق المحلية بنسبة 3 في المئة انسجاما مع ما جاءت به الميزانية الحالية والتي أقرت فيها الحكومة سعرا للنفط يبلغ في المتوسط 75 دولارا للبرميل.

كما رفع أسعار الكهرباء للمستهلكين والمصانع، لخفض عجز الطاقة في ظل ارتفاع أسعار النفط وتجاوزه 100 دولار للبرميل.

ويقول مراقبون إن الزيادة تبقى أقل بكثير مقارنة بارتفاع أسعار النفط في السوق العالمية والتي قدرت بـ25 في المئة.

وذكرت الحكومة قد أعلنت في وقت سابق هذا العام أنها ستبدأ مراجعة نظام الدعم بعد 2022 ضمن خطط إصلاحية لإنقاذ المالية العامة.

الارتفاع الحاد لأسعار النفط العالمية بسبب أزمة أوكرانيا سيؤثر كثيرا على المالية العامة

ويقول خبراء صندوق النقد الدولي إن مواصلة العمل على تقليص العجز المالي خلال العام الجاري والعام المقبل يبدو أمرا لا مفر منه لاستقرار الديون وخفض الطلب المفرط على الواردات، في ظل ارتفاع أسعار النفط العالمية.

ووفق البيانات الرسمية، فقد بلغ عجز ميزانية العام الماضي نحو 7.6 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي بينما تستهدف حكومة نجلاء بودن خفضها إلى 6.7 في المئة هذا العام وهو ما يعادل ثلاثة مليارات دولار من حجم ميزانية تبلغ نحو 16.4 مليار دولار.

وتحاول تونس السيطرة على عجز الطاقة الذي شهد اتساعا قبل تفشي الجائحة لكنه بدأ في التقلص خلال العام الماضي بشكل ملحوظ.

وقالت وزارة الطاقة منتصف يناير الماضي إن “إنتاج البلاد من النفط والغاز ارتفع بواقع 33 في المئة بنهاية 2021 ليصل إلى 4.7 مليون طن من المكافئ النفطي”.

وارتفع منسوب تفاؤل المسؤولين التونسيين بكبح عجز الطاقة المتفاقم مع تدشين أكبر حقل للغاز جنوب البلاد أواخر عام 2019، رغم تشكيك المحللين في قدرة الحكومة على مواجهة التحديات المتنوعة لمعالجة الأزمات المالية نتيجة تباطؤ نمو القطاعات الاستراتيجية.

ولكن ذلك ليس كل شيء فثمة عدد من شركات النفط العالمية أعلنت عن خطط التخارج من تونس، في مقدمتها شركتا شل وإيني بسبب تنامي الإضرابات الاجتماعية.

وأعلنت شل في مايو الماضي عزمها التخارج من امتيازات للنفط والغاز. وقالت في بيان حينها إنها تعتزم التخلص من حقلي مسكار وصدربعل عند انتهاء التراخيص الصيف المقبل.

كما قررت إيني وقف أنشطتها النفطية والغازية والتركيز على الطاقة المستدامة، وذلك وسط اضطرابات اجتماعية متكررة بالقرب من المنشآت النفطية وخاصة تلك الواقعة في منطقة الكامور في ولاية (محافظة) تطاوين أقصى جنوب تونس.

ويعتزم عملاق النفط الإيطالي التخلص من 9 امتيازات نفطية كان يديرها بالاشتراك مع المؤسسة التونسية للأنشطة البترولية (إيتاب) المملوكة للدولة في جنوب البلاد وقبالة سواحل مدينة الحمامات.

10