إياد علاوي يساير التحولات الطارئة في العراق لضمان بقائه في المشهد السياسي

بغداد - يبحث زعيم ائتلاف الوطنية، رئيس الوزراء العراقي الأسبق إياد علاوي، عن دور يبقيه في المشهد السياسي بعد انحسار نفوذه بشكل كبير في السنوات الأخيرة، وهو ما ترجم في النتائج الهزيلة التي حققها تياره في الانتخابات التشريعية الأخيرة.
ويحرص علاوي على البقاء على مسافة قريبة من جميع الأطراف السياسية في الداخل العراقي، مع محاولة التقرب من قوى إقليمية تسعى لأن يكون لها تأثيرها السياسي في البلاد على غرار تركيا.وأطلق علاوي الجمعة سلسلة تصريحات من منبر وكالة الأناضول برر فيها التدخل التركي في بلاده، معتبرا أنه من “غير المقبول” الاحتجاج على تدخل أنقرة في العراق، فيما لا تتحرك بلاده لوقف اختراق عناصر حزب العمال الكردستاني للأراضي التركية.
وشدد زعيم ائتلاف الوطنية على أنه “لا يجب أن يسمح العراق لعناصر العمال بخرق الأراضي التركية، فيما نحتج عندما تتدخل تركيا للرد على الاعتداءات، هذا أمر غير مقبول”.
وتتناقض تصريحات علاوي مع مواقف سابقة هاجم فيها التدخل التركي في العراق، وذهب إلى حد مطالبة مجلس الأمن والولايات المتحدة بالتدخل ولجم الاعتداءات التركية على أراضي بلاده.
تصريحات علاوي تتناقض مع مواقف سابقة هاجم فيها التدخل التركي في العراق وطالب مجلس الأمن بالتدخل
وتشن تركيا من حين إلى آخر هجمات على مواقع لحزب العمال الكردستاني الذي تصنفه تنظيما إرهابيا يهدد أمنها القومي.
ويرى مراقبون أن علاوي الذي تولى رئاسة الوزراء في العراق عام 2004 يدرك تنامي النفوذ السياسي لتركيا في العراق، والذي لم يعد منحصرا في علاقة أنقرة بالحزب الديمقراطي الكردستاني وإنما يتجلّى أيضا من خلال علاقتها بتحالف السيادة السني، وبالتالي يسعى علاوي لتحسين العلاقة معها.
واقتصر ائتلاف الوطنية الذي يتزعمه علاوي على مقعد يتيم في الانتخابات التشريعية المبكرة التي جرت في العاشر من أكتوبر الماضي، فيما كان حصل على 21 مقعدا في الانتخابات السابقة التي أجريت عام 2018.
ويشير المراقبون إلى أن علاوي يحاول مسايرة التحولات الطارئة في المشهد العراقي، لجهة تغير موازين القوى الداخلية بما لا يخدم القوى الموالية لإيران، وتنامي نفوذ القوى القريبة من تركيا.
ورأى علاوي في المقابلة التي أجراها مع الأناضول أنه “رغم استمرار تدخل إيران في الشأن العراقي إلا أن هناك تراجعا لها خلال السنوات الماضية، بسبب موجة الاحتجاجات الشعبية في محافظات الوسط والجنوب المناهضة للقوى السياسية والطبقة الحاكمة في البلاد”.
وأوضح أن “التأثير الإيراني لا يزال قائما على العراق، بدليل الزيارات التي أجراها قائد فيلق القدس الإيراني إسماعيل قاآني (مؤخرا)، لكن المشهد بدأ بالتغيير منذ انطلاق الحراك الشعبي في المحافظات الوسطى والجنوبية، والذي أطلق شعارات رافضة للتدخلات الإيرانية والأميركية في الشأن العراقي”.
وأجرى قاآني خلال الأسابيع الماضية زيارتين إلى العراق، عقد خلالهما لقاءات منفردة مع زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، والإطار التنسيقي الذي يضم القوى الموالية لإيران، بهدف توحيد القوى الشيعية في تشكيل الحكومة الجديدة، لكنه أخفق في إقناع الصدر بالدخول في تحالف مع جميع قوى الإطار التنسيقي.
ويصر التيار الصدري على رفض مشاركة زعيم ائتلاف دولة القانون في الحكومة المقبلة التي يشدد على أنها يجب أن تكون “لا شرقية ولا غربية”، في إشارة إلى إيران والولايات المتحدة الأميركية، بيد أن الإطار التنسيقي يرفض ذلك.
ويضم الإطار التنسيقي ائتلاف دولة القانون وتحالف قوى الدولة وتحالف النصر وتحالف الفتح (فصائل الحشد الشعبي، وبعضها مقرب من إيران) وحركة عطاء وحزب الفضيلة، ويمتلك مجتمعاً نحو 80 مقعداً في البرلمان (من أصل 329 مقعدا).
واعتبر علاوي أن “إيران لم تعد تمتلك زمام السيطرة على الشارع العراقي وقواه السياسية، باستثناء بعض القوى السياسية المنضوية تحت لوائها”.
ورأى رئيس الوزراء الأسبق أن حسم أزمة تشكيل الحكومة يبدأ من اتفاق القوى السياسية المعترضة على برنامج حكومي موحد يمكنه النهوض بالبلاد، بغض النظر عن طبيعة الحكومة المراد تشكيلها سواء كانت حكومة أغلبية سياسية أو أغلبية وطنية.
العلاوي يدرك تنامي النفوذ السياسي لتركيا في العراق، والذي لم يعد منحصرا في علاقة أنقرة بالحزب الديمقراطي الكردستاني وإنما يتجلّى أيضا من خلال علاقتها بتحالف السيادة السني
وقال إنه أبلغ القوى السياسية العراقية (لم يحددها) بضرورة السماح للتيار الصدري بتشكيل الحكومة، باعتباره الكتلة السياسية التي تحصلت على أعلى عدد من المقاعد في البرلمان، على أن يشارك الآخرون (الإطار التنسيقي) في التشكيلة الوزارية.
لكن علاوي أبدى تحفظه على شروط زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر التي أكد فيها المضي في تشكيل الحكومة مع قوى “الإطار التنسيقي” باستثناء المالكي، وهو ما يرى علاوي أنه “إجراء غير صحيح، وليس لأي قوة سياسية الحق في استخدامه”.
ويدور خلاف بين الصدر والمالكي منذ عام 2008، على خلفية شن المالكي عندما كان رئيساً للوزراء عملية عسكرية واسعة في محافظة البصرة (جنوب) ضد ما يعرف بجيش المهدي (الجناح العسكري للتيار الصدري)، ما تسبب بمقتل واعتقال المئات.
وفي ما يتعلق بخلاف الحزبين الكرديين الحاكمين في إقليم كردستان شمالي البلاد، الاتحاد الوطني الكردستاني والحزب الديمقراطي الكردستاني، حول منصب رئيس الجمهورية رأى علاوي أن هذا الخلاف هو نتاج “عدم الوضوح في العملية السياسية القائمة بالبلاد”.
ولم يتمكن البرلمان العراقي في السابع من فبراير الماضي من عقد جلسته المخصصة لانتخاب رئيس الجمهورية، على خلفية الضجة التي أثارها مرشح الحزب الديمقراطي هوشيار زيباري الذي تلاحقه تهم بالفساد.
وقررت المحكمة الاتحادية العليا في الثالث عشر من الشهر الماضي استبعاد زيباري، وينتظر أن تصدر المحكمة قرارا جديدا بشأن مدى دستورية قرار رئاسة البرلمان إعادة فتح باب الترشح للمنصب.