وساطة إسرائيلية لوقف الحرب الأوكرانية

تل أبيب – عرضت إسرائيل الأحد وساطتها لوقف الحرب الأوكرانية بعد أن أجرى رئيس الوزراء نفتالي بينيت اتصالا هاتفيا مع الرئيس الروسي فلايدمير بوتين، فيما تبحث تل أبيب عن توازن دقيق في أزمة أوكرانيا ما بين البحث عن مصالحها مع موسكو في الشرق الأوسط وعدم إغضاب الإدارة الأميركية.
وذكر بيان لرئيس الوزراء الإسرائيلي أن “بينيت أطلع بعد المكالمة مع بوتين أوكرانيا والولايات المتحدة “، وأضاف أن “بوتين منفتح على العرض الإسرائيلي”.
وتربط إسرائيل علاقات طيبة بكل من موسكو وكييف لكن بينيت التزم التحفظ في التصريحات العلنية بشأن المعارك في أوكرانيا.
وتشعر إسرائيل بالقلق من إثارة خلاف مع روسيا التي لها نفوذ عسكري في سوريا المجاورة.
الانحياز إلى واشنطن ربما يكلف تل أبيب مخاطر أمنية سواء على جبهة المواجهة مع إيران في سوريا أو على حدودها مع قطاع غزة
وظلت المؤسسة الأمنية والعسكرية الإسرائيلية تساورها حالة من القلق من إدانة العملية العسكرية الروسية، خشية أن تقيد روسيا نشاطها العسكري في سوريا ودول المنطقة من خلال إمداد دمشق بأسلحة متطورة لتوثيق العلاقات أكثر مع طهران.
ويقول مراقبون إن تل أبيب تريثت لأيام محاولة تقييم تداعيات الأحداث على المنطقة قبل أن تدين على لسان وزير خارجيتها يائير لابيد الغزو الروسي، واصفة إياه بأنه “انتهاك صارخ للنظام الدولي”. وأشارت مصادر إسرائيلية إلى أنه طلب في بادئ الأمر من قادة الجيش والدائرة السياسية عدم التعليق على ما يجري، منعا لتفسير أي تصريحات بشكل قد يؤثر على العلاقات الحساسة مع موسكو، خاصة في ما يتعلق بالساحة السورية.
وربما لم يكن هذا الموقف وليد هذه الأزمة أو جديدا، فإسرائيل كانت تمضي على حبل مشدود في أمر يتعلق بموقف واضح من روسيا منذ أن ضمت الأخيرة شبه جزيرة القرم عام 2014.
ويرى محللون أن إسرائيل كانت تحاول الحفاظ على موقف الحياد في هذا الصراع الممتد ومتعدد الأطراف، وأنه مع تطور الأحداث لم يكن أمامها سوى إدانة الاجتياح الروسي لأوكرانيا علنا.
ويكاد يتفق الخبراء الإسرائيليون في المؤسسات الأمنية على صعوبة التنبؤ بالسلوك الروسي عامة، وتوجهات الرئيس بوتين بعد قراره غزو أوكرانيا على نحو خاص، وبالتالي فإن على إسرائيل أن تتحسب لأزمة أكبر في علاقتها بروسيا على المدى القصير.
وفي الوقت نفسه فإن الانحياز الإسرائيلي الصريح للموقف الأميركي والغربي ربما يكلفها مخاطر أمنية شديدة سواء على جبهة المواجهة المفتوحة مع إيران في سوريا ولبنان، أو حتى على حدود إسرائيل الجنوبية مع قطاع غزة، لاسيما إذا ما اختارت موسكو أن ترد على إسرائيل في هذه الجبهات.
وهناك مصدر قلق آخر وهو أنه في حال بدأ حلف شمال الأطلسي (الناتو) نشر قوات عسكرية في البحر المتوسط أو في دول المنطقة، فإن بوتين قد يلجأ إلى الحرب الإلكترونية، وشن هجمات إلكترونية من أجل جعل الأمر أكثر صعوبة عليهم، وهو ما سيؤدي إلى تعطيل الأنظمة التكنولوجية العسكرية والمدنية في إسرائيل.
وأشارت صحيفة يديعوت أحرونوت إلى تعاون وثيق بين ضباط الجيشين الإسرائيلي والروسي في الأشهر القليلة الماضية، ومصالح مشتركة في طرد الإيرانيين، وكل منهما له أسبابه الخاصة، في ظل رغبة موسكو في أن تكون الراعي الوحيد للحكومة السورية بقيادة بشار الأسد.
وترى الصحيفة أن إسرائيل تحتاج إلى روسيا في ظل موقف تل أبيب من البرنامج النووي الإيراني، حيث ترى أن الاتفاق الجديد الذي تتم صياغته يبدو أسوأ من سابقه وربما يمكن إيران من امتلاك قنبلة نووية.
وربما تحولت مخاوف إسرائيل إلى واقع، حيث سارعت موسكو إلى توجيه رسالة قوية بالإعلان عن عدم اعترافها بسيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان.
وهاجم نائب السفير الروسي لدى الأمم المتحدة دميتري بوليانسكي إسرائيل خلال إحاطة شهرية حول الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني في مجلس الأمن الدولي نهاية الأسبوع الماضي، وأكد على موقف روسيا أن الجولان “جزء لا يتجزأ من سوريا”.
وقال بوليانسكي “نحن قلقون من خطط تل أبيب المعلنة لتوسيع النشاط الاستيطاني في مرتفعات الجولان المحتلة، الأمر الذي يتعارض مع أحكام اتفاقية جنيف لعام 1949، لا تعترف روسيا بسيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان التي هي جزء من سوريا”.